المرأة و فنّ الغزل في الأدب الأندلسي

نظرة عامة على المرأة والغزل في الأدب الأندلسي. سمات شعر الغزل في العصر الأندلسي. منزلة المرأة في قصائد الغزل الأندلسية. ابن زيدون كأحد أبرز شعراء الغزل في الأندلس.

لمحة عن المرأة والغزل في الأدب الأندلسي

تبوأت المرأة مكانة اجتماعية رفيعة في المجتمع الأندلسي، وامتد نفوذها ليصل إلى الخلفاء أنفسهم. شغلت المرأة الأندلسية مناصب هامة في الدولة، فمنهن الكاتبات الرسميات والشاعرات والخطاطات، وغير ذلك من الرتب الرفيعة. حظي الغزل بمكانة خاصة في الأدب الأندلسي، حيث كانت المرأة محورًا أساسيًا فيه. لم يقتصر الأمر على وصف الشعراء للمرأة، بل برزت شاعرات أندلسيات تركن بصمتهن في هذا المجال. يذكر لنا مؤرخو الأدب الأندلسي العديد من هؤلاء النسوة، وعلى رأسهن ولادة بنت المستكفي، حبيبة الشاعر الشهير ابن زيدون.

السمات المميزة لشعر الغزل في الأندلس

يتميز شعر الغزل الأندلسي بعدة خصائص بارزة، منها:

  • ذكر اسم المحبوبة في القصائد: عادةً ما يصرّح الشاعر باسم محبوبته في قصائده، مما يضفي عليها طابعًا شخصيًا ومباشرًا.
  • سهولة الألفاظ ووضوح المعاني: يتسم الشعر الغزلي الأندلسي بالبساطة والوضوح، مما يجعله سهل الفهم والاستيعاب.
  • استخدام الزخارف البلاغية: يعتمد الشعراء على المحسنات البديعية، كالجناس والطباق، لإضفاء جمالية على قصائدهم.
  • صدق العاطفة وشدة الشوق: يعبر الشعراء عن مشاعرهم الجياشة تجاه المحبوبة بصدق وإخلاص، مما يجعل القارئ يشعر بلهيب الشوق والحنين.
  • انعكاس جمال الطبيعة على صورة المرأة: يقوم الشعراء بتشبيه المرأة بمظاهر الطبيعة الخلابة، كالورود والأنهار، لإبراز جمالها ورقتها.

نظرة على مكانة المرأة في قصائد الغزل الأندلسية

عند الحديث عن المرأة في الأندلس، قد يتبادر إلى الذهن صور الجواري ومجالس اللهو والترف. يعود ذلك إلى بعض الدراسات التي ركزت على جانب واحد من حياة المرأة الأندلسية، وهو حياة الجواري والقيان في القصور الفاخرة. غالبًا ما كانت هؤلاء الجواري هن محور اهتمام شعراء الغزل، الذين أبدعوا في وصف جمالهن وسحرهن.

ومع ذلك، لا يمكن إغفال دور المرأة الأندلسية المنتمية إلى الطبقات الشعبية. فقد عملت النساء كطبيبات ومعلمات وحجامات، وغيرها من المهن المعروفة في ذلك العصر. لكن، للأسف، لم يصلنا الكثير من شعر الغزل الذي يتناول هؤلاء النساء، حيث يقتصر التركيز في أغلب الأحيان على الجواري والقيان.

يمكن تصنيف المجتمع الأندلسي من حيث القدرة على اقتناء الجواري إلى ثلاث فئات رئيسية:

  • الطبقة الغنية: تتمتع هذه الطبقة بالسيطرة على معظم ثروات البلاد، وكانت الطبقة الوحيدة القادرة على امتلاك الجواري، بسبب ارتفاع أسعارهن.
  • الطبقة المتوسطة: لم تتمكن هذه الطبقة من امتلاك الجواري إلا في حالات نادرة جدًا، وهي الطبقة التي ساهمت في إضفاء المرونة على المجتمع الأندلسي.
  • الطبقة الفقيرة: تسعى هذه الطبقة الكادحة لتأمين الاحتياجات الأساسية لأفراد الأسرة، وبالتالي لم يكن بإمكانها امتلاك جارية بأي حال من الأحوال.

ابن زيدون: قامة شعرية في فن الغزل الأندلسي

برز العديد من شعراء الغزل في العصر الأندلسي، إلا أن ابن زيدون يعتبر من أشهرهم وأكثرهم نبوغًا وإحساسًا. هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله المخزومي الأندلسي القرطبي، الذي شغل منصب الوزير في عهد ابن جهور.

تبوأ ابن زيدون مكانة اجتماعية وسياسية مرموقة. أحب ولادة بنت المستكفي، التي كانت تتمتع بأدب جم وجمال فتان، مما جعلها محط إعجاب العديد من الوزراء والقادة والأدباء. أثار هذا الأمر حقدًا كبيرًا عليه، تزعمه الوزير ابن عبدوس. من أجمل القصائد التي كتبها ابن زيدون في ولادة بنت المستكفي، هذه الأبيات:

إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا
والأفق طلق ومرأى الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله
كأنه قد رق لي فاعتل إشفاقا
فانله بما يستميل العين من زهر
جال الندى فيه حتى مال أعناقا
كأن أعينه إذ عاينت أرقي
بكت لما بي فسال الدمع رقراقا

المصادر

  1. إحسان عباس، تاريخ الأدب الأندلسي، صفحة 26-27. (بتصرّف)
  2. عبدالله سندة، ديوان ابن زيدون، صفحة 1-16. (بتصرّف)
  3. أبت سليمان القرشي، صورة المرأة في الشعر الأندلسي، صفحة 11-19. (بتصرّف)
  4. عبدالله سندة، ديوان ابن زيدون، صفحة 5-6. (بتصرّف)
  5. “إني ذكرتك بالزهرائ مشتاقا”، الديوان، تم الاطلاع عليه بتاريخ 2022-4-28. (بتصرّف)
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

صورة المرأة في قصائد عنترة بن شداد

المقال التالي

المرأة في عالم الإعلام: نظرة شاملة

مقالات مشابهة