الضوابط الشرعية للأضحية المريضة بالدمامل

استكشاف الأحكام المتعلقة بذبح الأضحية التي تعاني من الدمامل، مع تفصيل مواصفات الأضحية المقبولة والمستحبة والمكروهة.

يحرص المسلمون في عيد الأضحى على تقديم أفضل ما يملكون من الأضاحي تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى. وتتطلب هذه العبادة معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالأضحية، وما يجوز منها وما لا يجوز، خاصة فيما يتعلق بصحة الحيوان المضحى به. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل حكم ذبح الأضحية المصابة بالدمامل، بالإضافة إلى استعراض شامل لصفات الأضحية المستحبة والمكروهة والممنوعة.

حكم الأضحية المصابة بالدمامل

يجوز شرعًا ذبح الأضحية المصابة بالدمامل. الدمامل عبارة عن أورام تظهر على جسم الحيوان، وغالبًا ما تصيب الأغنام. فإذا كانت هذه الدمامل غير ظاهرة ولا تؤثر على جودة اللحم، فإن الأضحية تعتبر مجزئة ومقبولة. أما إذا كانت الدمامل ظاهرة بشكل واضح وتؤدي إلى فساد جزء كبير من اللحم، فالأفضل تجنب ذبح هذه الأضحية واستبدالها بأخرى سليمة. فالأكمل والأفضل دائمًا هو تقديم أضحية خالية من الأمراض والعيوب.

وقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله:

“أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بين عورها، والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ظلعها، والكسير التي لا تنقى.”[1][2]

مواصفات بهيمة الأنعام المضحى بها

يقسم العلماء صفات الأضحية إلى ثلاثة أقسام رئيسية: صفات مستحبة، وصفات مانعة من الإجزاء، وصفات مكروهة. وسنوضح فيما يلي تفصيل لكل قسم من هذه الأقسام:

الخصال المستحسنة في الأضحية

تعتبر الصفات المستحبة في الأضحية محل اتفاق بين الفقهاء، وقد استندوا في تحديد هذه الصفات على صفات أضحية الرسول صلى الله عليه وسلم. ففي الحديث الشريف:

“أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضحَّى بكبشٍ أقرنَ فَحيلٍ يأكُلُ في سوادٍ وينظُرُ في سوادٍ ويشرَبُ في سوادٍ”[4]

وبناءً على ذلك، يستحب أن تكون الأضحية كبشًا أقرنًا أملحًا (أي أبيض اللون)، وأن يكون فحلاً، فهو أفضل من الخصي عند جمهور العلماء.[3]

العيوب المانعة للإجزاء في الأضحية

الصفات التي تمنع الأضحية من الإجزاء هي الصفات التي تخل بأحد شروط الأضحية، وتشمل ما يلي:[5]

  • العوراء: سواء كانت بعين واحدة أو بالعينين، وذلك بأن تكون العين غائرة أو بارزة بشكل ملحوظ. أما إذا كانت العين موجودة ولكنها لا تبصر بها، فإن الأضحية تجزئ.
  • المريضة مرضًا واضحًا: بحيث تكون الأضحية خاملة وغير قادرة على الرعي والمشي، وتكون ملازمة لمكانها. أما إذا كان المرض عاديًا كارتفاع درجة الحرارة، فالأضحية تجزئ.
  • العرجاء: التي تعرج عرجًا واضحًا يمنعها من المشي بشكل طبيعي. أما إذا كانت تعرج بشكل طفيف ولكنها قادرة على المشي، فإن الأضحية تجزئ.
  • الكسير أو العجفاء: وهي التي لا يوجد مخ في عظامها، وتكون ضعيفة وهزيلة جدًا، ولحمها غير جيد.

الصفات غير المحبذة في الأضحية

الصفات التالية لا تمنع الأضحية من الإجزاء، ولكنها مكروهة لأنها تقلل من قيمة الأضحية. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يتفقدوا العين والأذن، وأن لا يضحوا بالحيوانات التي تحمل العيوب التالية:[6]

  • العضباء: وهي مقطوعة الأذن أو القرن. أما إذا كانت الأضحية مولودة بدون قرن أو أذن، فلا تُكره، ولكن الأفضل اختيار أضحية سليمة.
  • المقابلة: وهي التي شُقّت أذنها من الأمام بالعرض.
  • المدابرة: وهي التي شُقّت أذنها من الخلف بالعرض.
  • الشرقاء: وهي التي شُقّت أذنها بالطول.
  • الخرقاء: وهي التي خُرقت أذنها.
  • المصفرة: وهي التي استُؤصلت أذنها.
  • المستأصلة: وهي التي ذهب قرنها أصلاً.
  • البخقاء: وهو أقْبح العَوَر، وبه يذهب البصر ولكن تبقى العين قائمة.
  • المشيعة: وهي التي لا تلحق بالغنم ضعفاً وعجفاً.

وبناءً على ما سبق، يمكن قياس أربعة عيوب أخرى تدخل أيضًا ضمن الأضاحي المجزئة ولكنها مكروهة:[7]

  • البتراء من الإبل والبقر والمعز: وهي التي قطع ذنبها؛ فالذنب له فائدة كبيرة للحيوان ودفاعاً لما يؤذيه، وقطعه يفوت هذه الأمور، أما إذا كانت بتراء عند خلقها فلا تكره ولكن غيرها أولى، أما البتراء من الضأن وهي التي قطعت إليتها أو أكثرها فلا تجزئ، أما إن قطع من إليتها النصف فأقل تجزئ لكنها مكروهة.
  • ما قطع ذكره: حيث يُكره التضحية به قياساً على العضباء.
  • الهتماء: وهي ما سقط بعض أسنانها قياساً على عضباء القرن، فالأسنان تعطي جمالية وفائدة، فإذا فقدت اختل ذلك.
  • التي قطع من حلمات ضرعها: قياساً على العضباء، ولكن إن توقف ضرعها عن الدر بأن نشف لبنها فإنها تجزئ وبلا كراهة.

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبيد بن فيروز الديلمي، الصفحة أو الرقم:2802، صحيح.
  2. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء،كتاب فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الثانية، صفحة 418. بتصرّف.
  3. أبوهبة الزحيلي،كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 2726. بتصرّف.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:5902، أخرجه في صحيحه.
  5. ابن عثيمين،كتاب اللقاء الشهري، صفحة 10.
  6. ابن عثيمين،كتاب أحكام الأضحية والذكاة، صفحة 241-242. بتصرّف.
  7. ابن عثيمين،كتاب أحكام الأضحية والذكاة، صفحة 243.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أقوال مأثورة تحمل معاني عميقة

المقال التالي

مشروعية الذبح للأضحية بقصد الاستشفاء

مقالات مشابهة