فهرس المحتويات
الرأي بين التقدير والاختيار
يُعد الارتباط الزوجي من أهم القرارات المصيرية التي يتخذها الإنسان في حياته. وقد اختلف العلماء والباحثون في تحديد ما إذا كان الزواج قدراً محتوماً أم اختياراً شخصياً. يقع الكثير من الناس في حيرة من أمرهم، متسائلين عما إذا كانت اختياراتهم في الزواج صائبة، أم أن الأمر كله مُقدّر ومكتوب عند الله -تعالى-.
في هذا السياق، نجد توجيهات نبوية كريمة ترشد الشباب والفتيات إلى كيفية الاختيار السليم. يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ). ويقول أيضاً -صلى الله عليه وسلم-:(إذا أتاكُمْ مَنْ ترضونَ خُلُقَهُ ودينَهُ فزوِّجُوهُ، إنْ لا تفعلُوا تكُنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ).
هذه الأحاديث الشريفة تُظهر أهمية الأخذ بالأسباب قبل الإقدام على الزواج. على الشاب أن يتأمل في صفات الفتاة التي يود الارتباط بها، وأن يسأل عن أخلاقها ودينها. وعلى الفتاة كذلك أن تتحرى عن الشاب المتقدم لخطبتها، وأن تتأكد من استقامته وصلاحه. كما ينبغي عدم إجبار الفتاة على الزواج بمن لا ترغب فيه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(الأيِّمُ أحقُّ بنفسِها مِن وليِّها، واليتيمةُ تُستأمَرُ وإذنُها صماتُها).
وبعد الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، فإن تحقق الزواج وكان ناجحاً، فذلك بفضل الله وتوفيقه. وإن لم يتم التوفيق، فذلك أيضاً بقدر الله، ولا ينبغي للشخص أن يلوم نفسه، بل عليه أن يسلم أمره لله ويتوكل عليه.
هل الإنسان مُسير أم مُخير؟
لقد خلق الله -تعالى- الإنسان، وعلمه ما سيكون له من خير وشر. وقدّر له أموراً يكون مُسيراً فيها، لا يستطيع تغييرها. وفي المقابل، منحه حرية الاختيار في أمور أخرى، كالقرارات التي يتخذها والأفعال التي يرتكبها. فالإنسان مُخير في الأمور التكليفية التي يستطيع فعلها أو تركها بحريته واختياره، أما الأمور التي لا تقع تحت حريته واختياره فهو مُسير فيها، وعلى الفرد مِنّا أن يُحسِن اختياراته فهو محاسب عليها، فهي تقع ضمن تصرفاته وقراراته.
يقول الله -تعالى-:(كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ). فالإنسان مسؤول عن اختياراته وأفعاله، سواء كانت خيراً أم شراً. أما الأمور التي لا يملك فيها خياراً، كمكان ولادته وأسرته ولونه، فلا يحاسب عليها.
معايير الزواج المُوفّق
إن الاختيار الصحيح لشريك الحياة يقوم على أسس ومعايير تضمن للزوجين حياة سعيدة ومستقرة. من أهم هذه الأسس:
- أن يختار الشاب الفتاة الصالحة ذات الدين والخلق، حتى وإن كانت فقيرة.
- أن تختار الفتاة الشاب الصالح ذو الدين والخلق، حتى وإن لم يكن غنياً.
- تجنب الزواج من المحارم، الذين حددهم الله -تعالى- في القرآن الكريم، حيث قال:(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ..)إلى نهاية الآية الكريمة.
- تيسير تكاليف الزواج وعدم المغالاة في المهور.
المصادر
- صحيح البخاري، حديث رقم 5090.
- الجامع الصغير، حديث رقم 346.
- صحيح النسائي، حديث رقم 3261.
- فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 125.
- الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية، صفحة 287.
- سورة الطور، آية 21.
- سورة النساء، آية 23.