الركائز الأساسية في التخطيط بعيد المدى

اكتشف الركائز الأساسية للتخطيط الاستراتيجي، أهميته، متطلباته الضرورية، ومراحله المتتابعة. تعرف على العوامل التي تؤثر على نجاحه.

مقدمة عن التخطيط بعيد المدى

يمثل التخطيط بعيد المدى جزءًا لا يتجزأ من الإدارة بعيدة المدى، وقد تزايدت أهميته في ظل التغيرات والتحديات المتزايدة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. يجب التأكيد على أن المنهجية تركز على العلاقة بين المؤسسة وبيئتها الخارجية، بما في ذلك العوامل التقنية والظروف الاقتصادية وغيرها. من المهم إدراك صعوبة تعديل أو إلغاء القرارات المتعلقة بتنفيذ الخطة الموضوعة. يركز التخطيط بعيد المدى على التعامل مع التأثير المستقبلي للقرارات الحالية، مع الاهتمام بالأسباب والنتائج التي قد تظهر عند تنفيذ قرار معين. توجد سلسلة من الخطط التي يمكن أن تتغير بتغير الظروف، ويتطلب التفكير في عملية التخطيط تأملاً مستمرًا للمستقبل بطريقة منهجية.

عند الحديث عن التخطيط بعيد المدى، يجب تعريف التخطيط بشكل عام. في اللغة العربية، يُعرّف التخطيط بأنه مصدر الفعل “خطط”، فنقول: خطط، يخطط، فهو مخطط، والمفعول مخطط، فيقال: خطط طريقاً؛ أي وضع له خطوطاً وحدوداً، وخطط لمستقبله؛ أي أعد خطة لأعماله ومشاريعه في المستقبل.

أما اصطلاحًا، فقد عرفه الدكتور علي السلمي بأنه: “أسلوب منهجي في تحديد النتائج والأهداف المرجو تحقيقها خلال فترة زمنية قادمة، باستثمار الموارد المتاحة وفق أولويات وتنسيق يضمن التوزيع الأمثل لتلك الموارد، ويحقق أعلى عائد ممكن منها، وذلك في ضوء الإدراك الصحيح لأوضاع المنظمة وإمكانياتها الذاتية من ناحية، والظروف والعوامل الخارجية في المناخ المحيط من ناحية أخرى”. وبشكل عام، يمكن تعريفه على أنه عملية شاملة تهتم بالمستقبل وتدرك المتغيرات المرتبطة بالبيئتين الخارجية والداخلية للمنظمة، بهدف تحديد الاختيار بعيد المدى المناسب، بما يضمن تحديد أهداف المؤسسة ورؤيتها، والانتقال بها من وضعها الحالي إلى الوضع الذي تطمح إليه، بما يحقق متطلبات الجودة الشاملة.

السمات المميزة للتخطيط بعيد المدى

يتميز التخطيط بعيد المدى بمجموعة من السمات التي تميزه عن غيره، ومن أهم هذه السمات:

  • الشمولية: حيث يهدف إلى تحقيق التكامل بين جميع عناصر المنظمة.
  • استشراف المستقبل: يركز على توقع الأحداث المستقبلية والاستعداد لها.
  • الديناميكية: القدرة على تغيير الخطط والاتجاهات وفقًا للتغيرات في البيئة المحيطة بالمؤسسة.
  • الاستدامة: يعتمد على المداومة والاهتمام بالتغذية الراجعة.
  • الشمولية: يهتم بجميع عناصر البيئتين الداخلية والخارجية، وعلى جميع المستويات الإدارية المختلفة.
  • التوافق: يتطلب تضافر الجهود والاتفاق وتوفر الإمكانيات المناسبة.
  • الاعتماد على المعلومات: يهتم بالمعلومات والبيانات اللازمة بصورة متكاملة.

الأهمية الجوهرية للتخطيط بعيد المدى

تتجسد أهمية التخطيط بعيد المدى للمنظمة في عدة جوانب، من أبرزها:

  • التعامل مع المستقبل بأسلوب مرن ومنظم.
  • الاهتمام بالمرونة والتكامل والاتساق في الأنظمة الداخلية للمؤسسة.
  • الحرص على ربط المؤسسة بالبيئة المحيطة بها.
  • الاهتمام بالقيم التنظيمية وتحسينها، بالإضافة إلى تقييم الأداء وتحسين الرقابة وعملية اتخاذ القرارات.
  • الكفاءة في استخدام جميع الموارد المتاحة، والحرص على تحسين قدرات الموارد البشرية للمنظمة.
  • الاهتمام بتوثيق الصلة بين الأهداف والوسائل والتركيز عليهما معًا، بما يضمن التكامل بينهما وعدم التركيز على الوسائل في تحقيق الأهداف فقط.
  • الحرص على الاهتمام بالمبادرة والاستباقية والتخلص من العشوائية أو الحلول المؤقتة.

المتطلبات الأساسية لنجاح التخطيط بعيد المدى

يتميز التخطيط بعيد المدى بتركيزه على عملية تشكيل القرارات المتعلقة بالمستقبل، وصياغة الاستراتيجيات والأهداف، وتحديد الزمن المناسب لذلك. من هنا، تبرز بعض المتطلبات الضرورية لضمان تحقيق هذه العملية بشكل فعال، ومن هذه المتطلبات:

  • تحديد الهدف الأساسي الذي تسعى المنظمة إلى تحقيقه بدقة، مع العلم أن هذا الهدف قد تندرج تحته العديد من الأهداف الفرعية.
  • أهمية توفر المعلومات اللازمة فيما يتعلق بالهدف المراد تحقيقه وما يحيط به من ظروف؛ وذلك بهدف الإحاطة بها والتهيؤ لمواجهتها.
  • وجود علاقة تفاعلية بين من يخطط للاستراتيجية ومن ينفذها، مما يسهل تحويل التخطيط بعيد المدى من الواقع النظري إلى العملي.
  • الاهتمام بصياغة خطة زمنية لضمان تحقيق الأهداف بنوعيها الرئيسي والفرعي.
  • الإحاطة بكل التهديدات والفرص التي قد تظهر في المستقبل، وهذا يتطلب تأملاً منهجيًا مستمرًا للمستقبل.
  • الإحاطة بالإمكانيات البشرية والمادية اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة جميعها، حيث تعتبر الأداة الرئيسية والفعالة في عملية التخطيط بعيد المدى.
  • الحرص على تحديد الموازنات التي تتعلق بالاستراتيجية بدقة، كنفقات التشغيل والإنفاق والتمويل العام وغيرها.
  • وجود معايير محددة لقياس مدى تحقق الإنجازات ومدى توافقها مع الأهداف المرجوة.
  • الاهتمام بتطوير رسالة المنظمة وأهدافها وسياساتها للمراحل المقبلة، كما لا بد من الاهتمام بتحديد مصالحها في المحيط الخارجي.

تسلسل مراحل التخطيط بعيد المدى

يتكون التخطيط بعيد المدى من عدة مراحل، وفيما يأتي بيان لها:

  1. مرحلة التهيئة:

    وفي هذه المرحلة يبرز الاهتمام بالخطوات الآتية:

    • التشخيص الأولي وتحديد المبررات والمتطلبات والأهمية للمنظمة.
    • وضع الخطة بعيدة المدى والاتفاق عليها وإقرارها، وذلك بعد اقتناع قيادة المنظمة بضرورة اعتمادها.
    • اختيار الفريق المناسب للعمل والإعلان عن بدء التخطيط.
  2. مرحلة تحليل الوضع الاستراتيجي الراهن للبيئة المحيطة بالمنظمة:

    حيث تتم في هذه المرحلة الخطوات الآتية:

    • مراجعة تاريخ المنظمة والغاية من إنشائها وقيم أصحاب المصالح فيها.
    • تحليل البيئتين الداخلية والخارجية والتعرف على نقاط القوة والضعف فيها، إضافة إلى التهديدات التي تواجه المنظمة والفرص المتاحة لها، وتحديد العلاقة القائمة بينها وبين محيطها، كما أن التحليل يشمل الهيكل التنظيمي والثقافة التنظيمية والتشريعات الداخلية والتقنية والعوامل السياسية والتكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية والموارد البشرية والمادية وغيرها من الأمور.
  3. مرحلة صياغة أهداف المنظمة ورسالتها ورؤيتها:

    حيث إن صياغة رسالة المنظمة ورؤيتها عملية تهدف إلى توضيح هويتها واتجاهات النمو الخاصة بها، ولتحقيق ذلك، يتم اتباع عدة خطوات على النحو الآتي:

    • صياغة الرؤية والرسالة.
    • وضع الأهداف وتحديد القيم.
    • تعميم الاستراتيجية والتعريف بها.
  4. مرحلة وضع الخيار الاستراتيجي وتحديده:

    حيث يشمل هذا الأمر وضع خطة تفصيلية تنفيذية وتشغيلية، وهي تشمل العديد من الخطوات التي من أهمها:

    • الاهتمام بالأهداف الفرعية ووضعها وتحديد مؤشرات قياسها.
    • تحديد المهام والمشاريع.
    • تحديد المدة الزمنية اللازمة لكل مهمة.
    • تحديد كل من له علاقة بتنفيذ العملية.
    • وضع آلية للرقابة والتقييم والمتابعة.
    • تحديد الموارد الضرورية لكل مهمة.
    • وضع الخطة بعيدة المدى وصياغة الوثيقة النهائية التي تتعلق بها.
  5. مرحلة تنفيذ الاستراتيجية:

    حيث يتم فيها صياغة الخطط التشغيلية وتحديد الميزانية المعتمدة للسنة الأولى، كما يتم تدريب الموظفين وتوفير الإمكانيات اللازمة والبدء بالتنفيذ الفعلي للاستراتيجية.

  6. مرحلة تقييم الاستراتيجية:

    وفي هذه المرحلة يتم التأكد من تحقق الأهداف الاستراتيجية ومدى تقدم عملية التخطيط ككل، ومعرفة المستجدات بشكل مستمر ومتابعة المتغيرات ومعالجة جوانب الضعف والانحرافات وتصحيحها وتعديل الخطة بما يتوافق مع المتغيرات والمستجدات.

العوامل المؤثرة في التخطيط بعيد المدى

من الجدير بالذكر أن هناك بعض العوامل التي تؤثر في التخطيط بعيد المدى، ومنها:

  • السياسة العامة للمنظمة: حيث تلتزم الخطة بعيدة المدى بالنظام الأساسي لإدارة المنظمة والمحافظة على سياساتها العامة في الاتجاهات جميعها.
  • الوضع الجغرافي: حيث تختلف الوسائل التكنولوجية المستخدمة بين مؤسسة وأخرى تبعًا لظروف البيئة المحيطة بها، كالبيئة السهلية أو الجبلية أو غيرها، كما أن للكثافة السكانية تأثيرًا فيه أيضًا.
  • العوامل الاقتصادية: حيث لا بد للمؤسسة من وضع الإمكانيات المادية المتوفرة ضمن الميزانية الخاصة بها؛ للتمكن من تحقيق الأهداف المطلوبة.
  • العوامل الاجتماعية: حيث لا بد من الاهتمام بالبيئة الاجتماعية المحيطة بالمؤسسة وعاداتها وقيمها وما إلى ذلك.
  • ميول السكان واتجاهاتهم: حيث لا بد من مراعاة وإدراك الفروق بين الأجناس المختلفة في المجتمع وخصائصها.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

مبادئ وتطبيقات التبادل الأيوني

المقال التالي

سمات و أسس وضع الخطط التعليمية

مقالات مشابهة

دراسة تكوين الجسم البشري

علم التشريح هو فرع من فروع علم الأحياء يهتم بدراسة تركيبة الكائنات الحية وتنظيمها، بالإضافة إلى فحص دقيق لأعضائها المختلفة. يشمل تخصصات فرعية مثل التشريح المقارن وعلم الأنسجة والتشريح البشري.
إقرأ المزيد