لمحة عن الحرب الكونية الأولى
في الثامن والعشرين من يوليو عام 1914، اندلعت شرارة الحرب الكونية الأولى، واستمر لهيبها لمدة أربع سنوات وعدة أشهر. وضعت الحرب أوزارها في الحادي عشر من نوفمبر عام 1918. كانت أطراف النزاع قوى أوروبية بالأساس، وقد حملت هذه الحرب أسماء عديدة، منها الحرب العالمية والحرب العظمى، وكذلك الحرب الأوروبية.
تُعد الحرب الكونية الأولى من أعنف الصراعات في التاريخ البشري. بدأت كحرب أوروبية لكنها سرعان ما اتخذت طابعاً عالمياً. خلّفت هذه الحرب خسائر بشرية هائلة قُدرت بنحو تسعة ملايين قتيل، وأعقبها تحولات سياسية كبرى وثورات في العديد من الدول.
الدوافع الرئيسية
هناك عدة عوامل ساهمت في إشعال فتيل الحرب الكونية الأولى. يُعتبر حادث سراييفو الشرارة المباشرة التي أدت إلى اندلاع الحرب. أقدم طالب صربي على اغتيال ولي العهد النمساوي وزوجته أثناء زيارتهما للبوسنة والهرسك. ردت النمسا بشن حرب على صربيا، مما أدى إلى تفعيل التحالفات الأوروبية. تدخلت الدول الإمبريالية سياسياً وعسكرياً، وتفاقمت الأوضاع لتشمل أسباباً أخرى متعددة، منها:
- التحالفات السياسية والعسكرية: نظام التحالفات المعقد الذي نشأ في أوروبا قبل الحرب، والذي جعل أي نزاع محلي قابلاً للتحول إلى حرب واسعة النطاق.
- التسابق نحو التسلح: سعي الدول الكبرى إلى امتلاك أحدث وأقوى الأسلحة، مما زاد من حدة التوتر وعدم الثقة بينها.
- الصراعات في منطقة البلقان: كانت منطقة البلقان مسرحاً للعديد من الصراعات القومية والإقليمية، مما جعلها بؤرة توتر دائمة.
- التنافس الاستعماري: سعي الدول الأوروبية إلى توسيع نفوذها ومستعمراتها في أفريقيا وآسيا، مما أدى إلى نشوب خلافات وصراعات بينها.
تداعيات الحرب
نتج عن الحرب الكونية الأولى تداعيات كبيرة أثرت على مسار التاريخ. من أبرز هذه التداعيات:
- خسائر بشرية ومادية فادحة: خلّفت الحرب خسائر مادية وبشرية هائلة. أزهقت أرواح ما يزيد عن تسعة ملايين شخص، وأصيب الملايين بالإعاقات والتشوهات. كانت روسيا الأكثر تضرراً من حيث الخسائر البشرية، تليها ألمانيا والنمسا وفرنسا وغيرها. أما بالنسبة للخسائر المادية، فقد تضررت الأراضي التي شهدت القتال بشدة، حيث دُمرت المحاصيل الزراعية ونفقت أعداد كبيرة من الماشية. كما تضرر مئات الآلاف من المنازل والمصانع والسكك الحديدية، وغمرت المياه مناجم الفحم.
- تراجع مكانة أوروبا في العالم: أثرت الحرب بشكل كبير على سعر صرف الدولار، وشهدت أوروبا تضخماً مالياً بسبب شراء الدول المتحاربة كميات كبيرة من المعدات والمواد الغذائية من الدول الأخرى. بعد انتهاء الحرب، وجدت أوروبا نفسها في وضع صعب بسبب الديون التي تراكمت عليها لصالح هذه الدول. اضطرت أوروبا إلى سداد هذه الديون من احتياطيات الذهب التي كانت تمتلكها.
- إبرام معاهدة فرساي: وهي معاهدة السلام التي أنهت الحرب، والتي فرضت شروطاً قاسية على ألمانيا، مما أدى إلى استياء واسع النطاق في ألمانيا وساهم في صعود الحركات القومية المتطرفة.
- نظام الانتداب: قام مؤتمر فرساي بتوزيع دول المشرق العربي على الدول الاستعمارية، حيث سيطرت بريطانيا وفرنسا على معظم هذه الدول.
- تأسيس عصبة الأمم: وهي منظمة دولية تهدف إلى الحفاظ على السلام ومنع نشوب حروب جديدة. على الرغم من جهودها، لم تتمكن عصبة الأمم من منع الحرب العالمية الثانية.
- نهاية الإمبراطوريات: أدت الحرب إلى انهيار الإمبراطوريات الألمانية والروسية والعثمانية والنمساوية المجرية.
- قيام دول جديدة: نشأت عدد من الدول الجديدة في أوروبا والشرق الأوسط بعد الحرب، مثل بولندا وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا.
المصادر
- “WORLD WAR I”, www.history.com
- “World War One – Causes”, www.historyonthenet.com
- Bill Purkayastha (1-1-2009), “First World War The Results of the War “, www.historyfiles.co.uk