مقدمة عن الحياء
الحياء صفة عظيمة في الإسلام، وهي جزء أساسي من الأخلاق الإسلامية الحميدة. عرفه العلماء بأنه خلق يدعو صاحبه إلى فعل الجميل واجتناب القبيح. إنه شعور بالخجل والانكسار ينتاب المرء خوفًا من فعل ما يجلب له الذم أو الانتقاص. يظهر ذلك جليًا على الوجه، ومصدره الحقيقي هو القلب. فهو بمثابة السياج الواقي الذي يحمي المؤمن من الوقوع في الزلات.
أهمية التحلي بالحياء
أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهمية الحياء وفضله، وأنه منبع للخيرات؛ حيث قال -عليه الصلاة والسلام-:(الْحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ). والحياء من الخصال الحميدة التي يجب على كل مسلم أن يتصف بها. فالشخص الذي لا يتحلى بهذه الصفة، قد يقع فريسة للمعاصي والذنوب. وقد قال -عليه الصلاة والسلام-:(إنَّ ممَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ، إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ)، فالشخص الذي لا يستحي قد يفعل أي شيء دون رادع.
توضيح الفرق بين الحياء المستحب وغير المستحب في الشريعة الإسلامية
ينقسم الحياء إلى نوعين أساسيين:
- الحياء المستحب: وهو الذي لا يمنع الإنسان من قول الحق أو فعل الخير، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو طلب العلم النافع.
- الحياء غير المستحب: وهو الذي يعيق الإنسان عن أداء واجباته الدينية أو الدنيوية، أو يدفعه إلى فعل المحرمات.
الحياء الحقيقي هو ذلك الخلق الذي يدفع الإنسان إلى الابتعاد عن المحرمات من الأفعال والأقوال، ويمنعه من التهاون في أداء الطاعات. إنه خلق نبيل ميز الله به الإنسان عن سائر المخلوقات، وهو من أسمى الأخلاق وأكثرها خيرًا. فبفضل الحياء يتم استقبال الضيوف وإكرامهم، والوفاء بالعهود والمواثيق، وأداء الأمانات، وستر العورات.
أمثلة على الحياء المستحب
للحياء المستحب صور وأشكال عديدة، نذكر منها:
- الحياء من الله -تعالى-: وذلك بتعظيمه واستشعار مراقبته في السر والعلن، والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه، وأن يستحي المسلم أن يراه الله حيث نهاه.
- الحياء من الملائكة -عليهم السلام-: وذلك باستشعار مرافقة الملائكة للإنسان في كل زمان ومكان، وأنهم لا يفارقونه إلا عند قضاء الحاجة أو في بعض الحالات الخاصة.
- الحياء من الناس: وهو دليل على مروءة الإنسان. فالمؤمن لا يؤذي الآخرين بقول أو فعل، فلا يتفوه بالكلام البذيء، ولا يغتاب أو ينم على أحد، ويحرص على ستر عورته.
- الحياء من النفس: وذلك عندما يكون الإنسان بمفرده، بعيدًا عن أعين الناس، فيمتنع عن ارتكاب الذنوب والمعاصي حياءً من نفسه، وهذا الحياء يعكس حقيقة الخوف من الله -عز وجل-.
- الحياء من الوالدين: ويكون بطاعتهما والإحسان إليهما، وعدم فعل ما يغضبهما.
- الحياء من الضيف: ويكون بالمسارعة في استقباله وإكرامه وحسن ضيافته.
أمثلة على الحياء غير المستحب
للحياء غير المستحب صور متعددة، منها:
- الحياء في طلب العلم والسؤال عنه: يجب على المسلم التغلب على هذا النوع من الحياء الذي يمنعه من اكتساب العلم الشرعي الضروري، سواء كان رجلاً أو امرأة.
- الحياء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لا ينبغي للحياء أن يمنع المسلم من قول الحق وفعل الخير والدعوة إليه.
- الحياء الذي يدفع إلى فعل ما نهى عنه الشارع: إذا أدى الحياء إلى فعل شيء نهى عنه الله -تعالى-، أو إلى ترك واجب أو مندوب، فهذا ليس بحياء محمود، بل هو ضعف ووهن. فليس من الحياء أن يترك المسلم الصلاة الواجبة بسبب وجود ضيوف أو غير ذلك من الأعذار الواهية.
المصادر
- مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية – الدرر السنية.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو.
- احمد حطيبة، شرح رياض الصالحين.
- محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب.