التمسك بالقيم: دعامة الأمم

أهمية التمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية وأثرها على الفرد والمجتمع، مع نظرة على أصناف الناس في ثباتهم عليها.

مقدمة حول أهمية الثبات

تعتبر القيم والمبادئ من الركائز الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات والأمم، فهي بمثابة النور الذي يضيء طريقها ويحدد مسارها. تعكس هذه القيم مستوى تقدم ورقي أي أمة، فكلما كانت الأمة متمسكة بقيمها النبيلة، دل ذلك على تطورها وازدهارها. وعلى العكس من ذلك، فإن إهمال هذه القيم يؤدي إلى الجهل والتخلف. من بين هذه القيم، تبرز تلك التي تنظم حياة الأفراد والمجتمعات، وتحافظ على كرامتهم وحريتهم، وتنشر الأمن والاستقرار، وتوفر السعادة والرخاء في مختلف جوانب الحياة. لذلك، فإن الالتزام بهذه القيم وحمايتها والتمسك بها يعتبر أمراً ضرورياً لتحقيق تطلعات وآمال الأمة. إن الثبات على الحق والتمسك به في المواقف المختلفة يعتبر من أسمى الواجبات التي يجب على الفرد والمجتمع الالتزام بها، مما يؤدي إلى تعزيز الأخلاق الفاضلة في المجتمع.

مكانة القيم الإسلامية

تتميز المبادئ الإسلامية بكونها شاملة ومتكاملة، فهي تتوافق مع الفطرة السليمة للإنسان وتجمع بين الجوانب المادية والروحية. هذه المبادئ توفر لمن يتمسك بها السعادة في جميع جوانب حياته، وقد حققت من الفوائد والمصالح ما لم تستطع غيرها من المبادئ تحقيقه. لقد ساهمت المبادئ الإسلامية في بناء حضارة عظيمة وأخلاق فاضلة وعلم لا يضاهيه علم، مما أدى إلى نهضة الأمة العربية بعد فترة طويلة من التخلف. ويعود الفضل في ذلك إلى تمسك العرب بقيمهم ومبادئهم وحمايتها والدفاع عنها. وفي المقابل، فإن تخلي الأمة العربية عن هذه القيم والمبادئ أدى إلى سلسلة من النكسات والهزائم.

لقد أشاد القرآن الكريم بالمسلمين الذين يثبتون على مبادئهم الرفيعة ويتمسكون بها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال على الثبات على المبدأ، حيث كان هو وأهل بيته يضحون بكل ما يملكون من أجل حماية المبادئ ونصرتها. كان الرسول صلى الله عليه وسلم يزداد ثباتاً وإصراراً كلما زادت عليه التحديات والمؤامرات، وبهذا الثبات والصمود استطاع أن يهز قوى الظلم والباطل. قال تعالى: “وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” (آل عمران: 139).

وذكر في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان”.

أنواع الناس في التمسك بقيمهم

  • الصنف الأول: إنسان ثابت لا يتأثر بعواطفه ومشاعره، مهما كانت الظروف صعبة وقاسية. يتمسك بالمبدأ الذي اختاره ثباتاً لا يتزعزع، ويحرص عليه بكل ما أوتي من قوة، مهما كلفه الأمر. هذا الثبات قد يصل به إلى حد التفاني والإخلاص في مجال معين، مما يدل على صدقه ومتانته وأخلاقه الحميدة، بشرط ألا يصل به الثبات إلى التعصب الأعمى.
  • الصنف الثاني: إنسان يثبت على مبدأ اليوم ويتخلى عنه غداً، فهو غير صادق في مشاعره وفكره تجاه هذا المبدأ. هذا بسبب ضعفه وتذبذبه، فلا يكون له دين ثابت ولا صديق وفي ولا رفيق مخلص ولا حبيب دائم. حتى أنه يكون غير قادر على الثبات في إنجاز أي مشروع في حياته، مما يفقد الناس ثقتهم به ويجعله غير جدير بالثقة.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

طريق الاستقامة: كيف نحافظ على الالتزام بطاعة الله؟

المقال التالي

منظم الحرارة: آلية العمل وأنواعه المختلفة

مقالات مشابهة