جدول المحتويات
مقدمة
تعتبر الجملة الاسمية من الركائز الأساسية في بناء اللغة العربية، حيث تعتمد على اسمين لتكوين معنى متكامل. هذه الجملة تبدأ باسم مرفوع يسمى المبتدأ، ويأتي بعده اسم آخر أو ما يقوم مقامه ليتمم المعنى، ويسمى الخبر. تبرز أهمية دراسة الجملة الاسمية في القرآن الكريم، وخاصة في سورة الإسراء، لفهم أساليب البلاغة والتعبير القرآني. سنقوم بتحليل بعض النماذج الموجودة في هذه السورة المباركة لاستخلاص الفوائد اللغوية والبلاغية.
عناصر أساسية في الجملة الاسمية
تتكون الجملة الاسمية في اللغة العربية من جزأين رئيسيين: المبتدأ والخبر. المبتدأ هو الاسم الذي تبدأ به الجملة ويكون مرفوعًا، بينما الخبر هو الاسم أو الجملة أو شبه الجملة التي تكمل معنى المبتدأ وتعطي الجملة معنى مفيدًا. على سبيل المثال، في الجملة “الكتابُ مُفيدٌ”، “الكتابُ” هو المبتدأ و “مُفيدٌ” هو الخبر. الخبر يصف أو يحدد حالة المبتدأ.
المبتدأ والخبر كلاهما معرفة
في هذا النمط، يكون كل من المبتدأ والخبر معرفة. ويمكن أن يأتي المبتدأ مضافًا إلى ضمير، والخبر اسمًا موصولًا، أو يأتي المبتدأ ضميراً والخبر معرفاً بـ (ال). أمثلة من سورة الإسراء توضح هذا الشكل:
قال تعالى: ﴿رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ [الإسراء: 66]. في هذه الآية، “ربكم” مبتدأ وهو مضاف إلى ضمير، و”الذي” اسم موصول يعرب خبرًا.
قال تعالى: ﴿وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾ [الإسراء: 97]. في هذه الآية، “هو” ضمير منفصل يعرب مبتدأ، و “المهتد” خبر مرفوع.
قال تعالى: ﴿وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الإسراء: 58]. نجد أن “نحن” هي المبتدأ و “مهلكوها” هي الخبر.
قال تعالى: ﴿مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾ [الإسراء: 97]. في هذه الآية، “مأواهم” مبتدأ، و “جهنم” خبر مرفوع.
قال تعالى: ﴿ذَلِكَ جَزَاؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا﴾ [الإسراء: 98]. في هذه الآية، “ذلك” اسم إشارة يعرب مبتدأ، و “جزاؤهم” خبر مرفوع.
المبتدأ معرفة والخبر نكرة
في هذا النمط، يكون المبتدأ معرفة والخبر نكرة. يمكن أن يكون المبتدأ ضميراً والخبر اسماً نكرة، أو يكون المبتدأ معرفاً بـ (ال) والخبر نكرة. أمثلة من سورة الإسراء توضح هذا الشكل:
قال تعالى: ﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ﴾ [الإسراء: 47]. هنا، “نحن” مبتدأ، و “أعلم” خبر مرفوع.
قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: 82]. هنا، “هو” مبتدأ، و “شفاء” خبر مرفوع.
قال تعالى: ﴿وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾ [الإسراء: 21]. في هذه الآية، “الآخرة” مبتدأ، و “أكبر” خبر مرفوع.
قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الإسراء: 55]. في هذه الآية، “ربك” مبتدأ، و “أعلم” خبر مرفوع.
قال تعالى: ﴿فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً﴾ [الإسراء: 84]. في هذه الآية، “ربكم” مبتدأ، و “أعلم” خبر مرفوع.
قال تعالى: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [الإسراء: 35]. في هذه الآية، “ذلك” اسم إشارة يعرب مبتدأ، و “خير” خبر مرفوع.
المبتدأ معرفة والخبر شبه جملة
في هذا النمط، يكون المبتدأ معرفة والخبر شبه جملة (جار ومجرور أو ظرف). مثال من سورة الإسراء:
قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾ [الإسراء: 39]. “ذلك” مبتدأ، و “مما” شبه جملة خبر.
قال تعالى: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ [الإسراء: 85]. “الروح” مبتدأ، و “من أمر” شبه جملة خبر.
المبتدأ معرفة والخبر جملة فعلية أو اسمية
هنا، يأتي الخبر على شكل جملة فعلية أو اسمية تصف المبتدأ.
قال تعالى: ﴿مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ [الإسراء: 15]. “من” اسم شرط وهو المبتدأ، والجملة “يهتدي لنفسه” هي الخبر.
قال تعالى: ﴿نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم﴾ [الإسراء: 31]. “نحن” مبتدأ، والجملة “نرزقهم” هي الخبر.
قال تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ﴾ [الإسراء: 71]. “أولئك” اسم إشارة وهو المبتدأ، والجملة “يقرؤون كتابهم” هي الخبر.
تقديم الخبر وتأخير المبتدأ
في بعض الحالات، يتقدم الخبر على المبتدأ، خاصة إذا كان الخبر شبه جملة أو اسم استفهام.
قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ﴾ [الإسراء: 51]. “متى” خبر مقدم، و “هو” مبتدأ مؤخر.
قال تعالى: ﴿أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: 110]. “له” خبر مقدم، و “الأسماء الحسنى” مبتدأ مؤخر.
دخول كان وأخواتها على الجملة الاسمية
تدخل كان وأخواتها على الجملة الاسمية فترفع المبتدأ ويسمى اسمها وتنصب الخبر ويسمى خبرها.
قال تعالى: ﴿وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً﴾ [الإسراء: 11]. “الإنسان” اسم كان مرفوع، و “عجولاً” خبر كان منصوب.
قال تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا﴾ [الإسراء: 19]. “سيهم” اسم كان مرفوع، و “مشكوراً” خبر كان منصوب.
قال تعالى: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء: 25]. اسم كان ضمير مستتر تقديره “هو”، و “غفورًا” خبر كان منصوب.
قال تعالى: ﴿قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً﴾ [الإسراء: 42]. هنا نجد أن “آلهة” اسم كان مؤخر.
دخول إن وأخواتها على الجملة الاسمية
تدخل إن وأخواتها على الجملة الاسمية فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها وترفع الخبر ويسمى خبرها.
قال تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1]. “الهاء” اسم إن منصوب، والجملة “هو السميع البصير” في محل رفع خبر إن.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ [الإسراء: 53]. “الشيطان” اسم إن منصوب، والجملة “كان للإنسان عدواً” في محل رفع خبر إن.
قال تعالى: ﴿فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا﴾ [الإسراء: 63]. “جهنم” اسم إن منصوب، و “جزاؤكم” خبر إن مرفوع.
قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ [الإسراء: 99]. “الله” اسم أن منصوب، و “قادر” خبر أن مرفوع.
خلاصة
تنوعت أشكال الجملة الاسمية في سورة الإسراء، مما يدل على ثراء اللغة القرآنية وقدرتها على التعبير عن المعاني المختلفة بأساليب متنوعة. من خلال تحليل هذه الأشكال، يمكننا فهم أعمق للمعاني المرادة في الآيات الكريمة.