استيعاب مفهوم الإطراء والقدح: تعريف وتحليل

استكشف فنون البلاغة العربية من خلال فهم أساليب الإطراء والقدح. تعرف على مكوناتها، واستخداماتها المتنوعة، وأمثلة من القرآن الكريم.

تعريف الإطراء والقدح

تزخر لغة الضاد بالعديد من الأساليب البلاغية التي تضفي على الكلام رونقًا وجمالًا، وتزيد من قوة تأثيره ووضوحه. ومن بين هذه الأساليب البديعة، يبرز أسلوب الإطراء والقدح كأداة فنية قادرة على نقل المشاعر والانطباعات بدقة وإحكام. فالإطراء هو التعبير عن الإعجاب والتقدير لصفة حميدة أو فعل محمود، بينما القدح هو التعبير عن الاستياء والرفض لصفة ذميمة أو فعل مشين. كلاهما يستخدم لإظهار موقف المتكلم من شيء ما، سواء كان استحسانًا أو استنكارًا.

عناصر أساسية في أسلوب الإطراء والقدح

يتألف أسلوب الإطراء والقدح من ثلاثة مكونات رئيسية لا يكتمل المعنى إلا بها:

  • فعل الإطراء أو القدح: وهي الأفعال التي تدل على المدح أو الذم. من أفعال الإطراء: (نِعْمَ، حبّذا)، ومن أفعال القدح: (بئس، ساء، لا حبّذا).
  • الفاعل: وهو الاسم الذي يقوم بفعل المدح أو الذم، ويأتي بأشكال مختلفة.
  • المخصوص بالإطراء أو القدح: وهو الاسم الذي وقع عليه المدح أو الذم، وهو محور الجملة.

مثال على الإطراء: نعم القائدُ خالدٌ. (نعم: فعل المدح، القائد: الفاعل، خالد: المخصوص بالمدح).

مثال على القدح: بئس الصفةُ النفاقُ. (بئس: فعل الذم، الصفة: الفاعل، النفاق: المخصوص بالذم).

صيغ الإطراء والذم بـ (نِعْمَ، بئس، ساء)

تعتبر الأفعال (نِعْمَ) و(بئس) و(ساء) من الأدوات الأساسية للتعبير عن الإطراء والقدح في اللغة العربية. وهي أفعال جامدة لا تتصرف، وتستخدم لإنشاء جمل المدح والذم. تعرب هذه الأفعال كـ “فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح/الذم مبني على الفتح”.

أشكال الفاعل

يأتي الفاعل في جملة المدح أو الذم بأشكال مختلفة:

  • معرف بأل التعريف: مثل: نعم العملُ الإخلاصُ. (العمل: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة). بئس القولُ الكذبُ. (القول: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة).
  • مضاف إلى معرفة: مثل: نعم دارُ المتقين الجنةُ. (دار: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة وهو مضاف، المتقين: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء). بئس جزاءُ الظالمين النارُ. (جزاء: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة وهو مضاف، الظالمين: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء).
  • اسم موصول (ما، مَنْ): مثل: نعم ما تفعله الخيرُ. (ما: اسم موصول مبني في محل رفع فاعل). ساء من تصاحبه المنافقُ. (من: اسم موصول مبني في محل رفع فاعل).
  • ضمير مستتر: يأتي الفاعل ضميرًا مستترًا وجوبًا، ويتم توضيحه بتمييز، مثل: نعم سلوكًا الأدبُ. (الفاعل ضمير مستتر تقديره هو، سلوكًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة). بئس خُلقًا البخلُ. (الفاعل ضمير مستتر تقديره هو، خُلقًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة).

طرق تحديد المخصوص بالثناء أو الاستياء

يعرب المخصوص بالإطراء أو القدح مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة، ولا يجوز تقديمه على الفاعل. يأتي المخصوص بأشكال مختلفة:

  • معرفة: مثل: نعم الصديقُ الوفيُّ. (الوفيُّ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة).
  • نكرة موصوفة: مثل: نعم الرفيقُ صديقٌ مخلصٌ. (صديقٌ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة).
  • نكرة مضافة: مثل: بئس المصيرُ عاقبةُ الظالمِ. (عاقبةُ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة).

قد يحذف المخصوص بالإطراء أو القدح إذا كان مفهومًا من السياق، كما في قولنا عن شخص مشهور بالكرم: نعم الرجل! (المخصوص محذوف وهو: هو).

استخدام (حبّذا ولا حبّذا) في التعبير عن المدح والذم

تستخدم (حبّذا) للإطراء بمعنى (نِعْمَ)، وتستخدم (لا حبّذا) للقدح بمعنى (بئس وساء). وتعرب (حبّ): فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتح، (لا حبّذا): لا: حرف نفي، حبّ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذم مبني على الفتح، و(ذا): اسم إشارة مبني في محل رفع فاعل. ويأتي بعدها المخصوص بالإطراء أو القدح.

أمثلة: حبّذا الصدقُ. لا حبّذا الكذبُ.

نماذج من الإطراء والقدح

وردت أمثلة عديدة على أسلوب الإطراء والقدح في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة:

  • قال تعالى: “لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ.” [المائدة: 80]

    بئس: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذم مبني على الفتح.

    ما: اسم موصول مبني في محل رفع فاعل.

    أنفسهم: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف.

    الهاء: ضمير مُتصل مبني في محل جر بالإضافة.

  • قال تعالى: “فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.” [الأنفال: 40]

    نعم: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتح.

    المولى، النصير: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة، المخصوص بالمدح محذوف.

  • قال تعالى: “بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا.” [الكهف: 50]

    بئس: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذم مبني على الفتح.

    الفاعل ضمير مُستتر تقديره هو.

    بدلًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتح.

  • قال تعالى: “بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا.” [الكهف: 29]

    بئس: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذم.

    الشراب: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

    المخصوص بالمدح محذوف دلّ عليه السياق.

    ساءت: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذم مبني على الفتح، الفاعل ضمير مستتر تقديره هي.

    مرتفقًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

فهم أركان الإسلام الأساسية

المقال التالي

شرح أسماء الإشارة وأنواعها واستخداماتها

مقالات مشابهة