جدول المحتويات
نظرة عامة على الاغتسال في الشريعة الإسلامية
الاغتسال في الاصطلاح الشرعي هو: تعميم الماء على جميع أجزاء الجسم. وهو أمر مشروع في الدين الإسلامي، استنادًا إلى قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾. يعتبر الطهارة والنظافة من الأمور الأساسية في الإسلام، والاغتسال وسيلة لتحقيق هذه الطهارة.
ينقسم الاغتسال، وفقًا لآراء العلماء حول حكمه، إلى ثلاثة أقسام رئيسية. القسم الأول يشمل أنواع الاغتسال التي اتفق العلماء على وجوبها، أما القسم الثاني فيتضمن أنواع الاغتسال التي اتفقوا على استحبابها وعدم وجوبها. بينما يضم القسم الثالث أنواع الاغتسال التي اختلف العلماء في حكمها، فمنهم من اعتبرها واجبة ومنهم من رآها مستحبة.
فيما يتعلق بالقسم الأول، فإن الاغتسال واجب في حالات خروج المني من الإنسان، سواء كان ذلك نتيجة جماع أو غيره. فقد أجمع العلماء على أن خروج المني يوجب الغسل، ولا يوجد فرق بين الرجل والمرأة، أو بين النائم والمستيقظ في هذا الحكم. يشمل هذا القسم أيضًا التقاء الختانين، حتى في حالة عدم حدوث الإنزال، وذلك عند تغييب الحشفة بالكامل في الفرج. ومن بين موجبات الغسل أيضًا غسل الحيض وغسل النفاس، وقد نقل إجماع العلماء على أن هذين الغسلين من موجبات الغسل، ودليل ذلك قول الله تعالى في النساء عند الحيض: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ﴾.
أما بالنسبة للنوع الثاني من الاغتسال، وهو ما اتفق العلماء على عدم وجوبه واستحبابه، فيشمل كل غسل يسبق الذهاب إلى مكان اجتماع الناس. ومن أمثلة ذلك غسل العيدين، وغسل صلاة الخسوف والكسوف. يشمل أيضًا غسل الاستسقاء والوقوف بعرفة ورمي الجمرات، وغيرها من المناسبات التي يجتمع فيها الناس. كذلك، يدخل في الغسل المستحب ما يكون عند تغير حالة البدن، مثل غسل المجنون والمغمى عليه حين يفيق، والغسل بعد الحجامة، وما شابه ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يشمل هذا النوع الغسل الذي يسبق أداء بعض العبادات، مثل غسل الإحرام، وما نص عليه العلماء من غسل طوافي الوداع والزيارة، والغسل في ليلة القدر.
أما القسم الأخير من أقسام الاغتسال، فهو ما اختلف الفقهاء في حكمه. يشمل ذلك غسل الميت، حيث ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب غسل الميت. ومن الأمثلة الأخرى غسل من قام بتغسيل الميت، حيث اختلف العلماء في حكمه، ورأى الشيخ ابن عثيمين استحبابه فقط. يشمل أيضًا غسل الكافر إذا أسلم، حيث ذهب المالكية والحنابلة إلى وجوب الغسل عليه، في حين رأى الشافعية والحنفية استحبابه في حقه إذا لم يكن جنبًا. ومن بين هذه الأقسام أيضًا غسل الجمعة، والذي سيتم تفصيل حكمه في الفقرات التالية.
فضائل غسل الجمعة وأخلاقياته
تباينت آراء الفقهاء في تحديد حكم غسل يوم الجمعة. فقد ذهب فريق من العلماء الأوائل إلى وجوبه، ونقلوا هذا الرأي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وقد تبنى هذا الرأي أهل الظاهر، كما نقله ابن المنذر عن مالك، والخطابي عن الحسن البصري. في المقابل، رأى جمهور العلماء من السلف والخلف أنه سنة مستحبة وليست واجبة. وقد استندوا في رأيهم هذا إلى عدد من الأحاديث النبوية الشريفة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿من توضأ يومَ الجمعةِ فبها ونعمتْ، ومن اغتسل فالغسلُ أفضلُ﴾. واستدلوا بهذا الحديث على عدم وجوب غسل الجمعة. كما استشهدوا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ﴿لو اغتسلتُم يومَ الجمعةِ﴾، معتبرين أن هذا اللفظ يدل على عدم الإلزام بغسل يوم الجمعة، وأن المقصود هو أن الاغتسال في ذلك اليوم أفضل وأكمل. وأجابوا على الأحاديث النبوية التي تأمر بغسل الجمعة بأن الأمر فيها محمول على الاستحباب لا الوجوب، وذلك من باب التوفيق بين الأحاديث. إلا أن القائلين بالوجوب رأوا أن حمل الأمر على الندب فيه تأويل ضعيف. وخلاصة الأمر أن المذاهب الأربعة اتفقت على استحباب غسل الجمعة وليس وجوبه، والأفضل للمسلم أن يحرص عليه لتجنب الخلاف.
أما بالنسبة للوقت المستحب لغسل الجمعة، فهو عند الاستعداد لأداء صلاة الجمعة، والأفضل أن يكون عند التوجه إلى المسجد. فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك: ﴿إذا راح أحدُكم إلى الجمعةِ فليغتسلْ﴾. ومع ذلك، إذا اغتسل المسلم في بداية النهار فإنه يجزئه ذلك، مع التأكيد على فضل فعله عند الاستعداد للصلاة، لأنه يكون بذلك أكثر تحقيقًا للنظافة وإزالة الروائح الكريهة. وينبغي على المسلم أن يحرص على التطيب وارتداء الملابس الحسنة عند الذهاب إلى الجمعة، مع الخشوع وتقارب الخطوات، فكل خطوة منها ترفع صاحبها درجة وتحط عنه سيئة. ويستحب له أن يدخل المسجد برجله اليمنى ويصلي ما تيسر له، ثم يجلس منتظرًا الإمام، مشغولًا بقراءة القرآن وذكر الله تعالى، مع الحرص على الاستماع والإنصات للإمام في خطبته، ثم يصلي معه، وبذلك ينال الخير والأجر العظيمين من الله تعالى.
الطريقة الصحيحة للاغتسال
لا يتحقق الاغتسال الكامل إلا باتباع خطوات محددة، وهي كما يلي:
- ينوي المسلم بقلبه رفع الحدث الأكبر بالغسل.
- يبدأ بالبسملة، بقول: “بسم الله”.
- يغسل اليدين ثلاث مرات.
- يغسل الفرج لإزالة ما عليه من أذى، وذلك باستخدام اليد اليسرى.
- يغسل اليدين مرة أخرى بعد غسل الفرج، وتنظيفهما بالصابون ونحوه.
- يتوضأ المسلم كما يتوضأ عادة لأداء الصلاة، ويجوز له تأخير غسل القدمين إلى النهاية.
- يصب الماء على الرأس ثلاث مرات، مع تخليل الشعر بالماء حتى يتأكد المسلم من وصول الماء إلى أصول الشعر.
- يراعي التيامن أثناء الغسل؛ فيبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر.
- يدلك الجسم بالماء أثناء الاغتسال، حتى يتأكد المسلم من وصول الماء إلى جميع أجزاء بدنه.
المصادر والمراجع
- سورة المائدة، آية: 6.
- سورة البقرة، آية: 222.
- الشيخ صلاح نجيب الدق (2017-2-27)،”أحكام الاغتسال وآدابه”، www.alukah.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 2018-12-14. بتصرف.
- “متى يجب الغسل ومتى يستحب؟”، www.islamqa.info، 2006-10-11، تم الاطلاع عليه بتاريخ 2018-12-14. بتصرف.
- رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 497، حسن.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 847، صحيح.
- “حكم غسل يوم الجمعة”، www.fatwa.islamweb.net، 2001-12-8، تم الاطلاع عليه بتاريخ 2018-12-14. بتصرف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 882، صحيح.
- “غسل الجمعة سنة عند التهيؤ للصلاة”، www.islamqa.info، 2001-8-10، تم الاطلاع عليه بتاريخ 2018-12-14. بتصرف.
- محمد رفيق مؤمن الشوبكي (2015-5-23)،”أحكام الغسل في الفقه الإسلامي”، www.alukah.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 2018-12-14. بتصرف.