إنجازات الرسول الكريم في المدينة المنورة

نظرة متعمقة في الأعمال العظيمة التي قام بها النبي محمد ﷺ في المدينة المنورة بعد الهجرة، من بناء المسجد النبوي الشريف إلى إرساء دعائم الدولة الإسلامية الأولى.

فهرس المحتويات

الموضوعالرابط
بناء المسجد النبوي الشريفالمسجد النبوي
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصارالمؤاخاة
وثيقة المدينة المنورةوثيقة المدينة
إنشاء السوق الإسلاميالسوق الإسلامي
الجهاد في سبيل اللهالجهاد

بناء المسجد النبوي: رمزٌ للتلاحم والتكاتف

بعد الهجرة النبوية المباركة إلى المدينة المنورة، كان أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم هو بناء المسجد النبوي الشريف. وقد استقرّت راحلته -صلى الله عليه وسلم- على أرضٍ تخصّ أيتاماً من بني النجار، الذين تبرّعوا بها لله ورسوله دون مقابل. يروي أنس بن مالك رضي الله عنه في صحيح البخاري:

(ثُمَّ إنَّه أمَرَ ببِناءِ المَسْجِدِ، فأرْسَلَ إلى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ فَجاؤُوا، فقالَ: يا بَنِي النَّجَّارِ ثامِنُونِي حائِطَكُمْ هذا، فقالوا لا واللَّهِ، لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَّا إلى اللَّهِ)

ولكن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أصرّ على دفع ثمنها لهم، معبراً عن عدله وحكمته. شارك الجميع في بناء المسجد، حتى النبي نفسه صلى الله عليه وسلم كان يساعد في نقل الحجارة واللبنات، كما جاء في صحيح البخاري عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما:

(وطَفِقَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنْقُلُ معهُمُ اللَّبِنَ في بُنْيانِهِ ويقولُ، وهو يَنْقُلُ اللَّبِنَ: هذا الحِمالُ لا حِمالَ خَيْبَرْ، هذا أبَرُّ رَبَّنا وأَطْهَرْ، ويقولُ: اللَّهُمَّ إنَّ الأجْرَ أجْرُ الآخِرَهْ، فارْحَمِ الأنْصارَ والمُهاجِرَهْ)

واستغرق بناء المسجد أربعة عشر يوماً، ليصبح رمزاً للتلاحم والتكاتف بين المهاجرين والأنصار.

روابط الأخوة: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توثيق روابط الأخوة بين المهاجرين والأنصار، آخياً بينهم في المسكن والمال، حتى نزول آية القرآن الكريم التي تحرّم الميراث إلا للأرحام. يشهد الله – عز وجل – لهم في كتابه الكريم بصدق مشاعرهم ومبادراتهم:

(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

وقد رفض النبي صلى الله عليه وسلم اقتراح الأنصار بمشاركة المهاجرين في نخيلهم، مكتفياً بمشاركتهم في الثمار فقط، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه:

(قالتِ الأنْصَارُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْسِمْ بيْنَنَا وبيْنَ إخْوَانِنَا النَّخِيلَ، قالَ: لَا، فَقالَ: تَكْفُونَا المَئُونَةَ ونُشْرِكْكُمْ في الثَّمَرَةِ، قالوا: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا)

هذه المؤاخاة كانت أساساً قوياً لبناء المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة.

وثيقة المدينة: أساس العيش المشترك

أبدع النبي صلى الله عليه وسلم في صياغة وثيقة المدينة، التي تضمنت معاهدة بين المسلمين واليهود في المدينة، مُنظّمةً العلاقات بين جميع سكان المدينة، مؤكدةً على مبدأ المواطنة والعدل. وكانت هذه الوثيقة بمثابة دستورٍ يضمن الحقوق والحريات لجميع المواطنين، بغض النظر عن ديانتهم.

من أهم بنود الوثيقة: ضمان الأمن والأمان لجميع السكان، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، والتعاون في حالة الحرب، وحماية حقوق المظلومين، والتأكيد على حقوق الجار، والتعهد بالتسامح والمصالحة، ووضع قواعد للعيش المشترك السلمي.

إنشاء السوق الإسلامي: تنظيمٌ اقتصاديٌّ عادل

أنشأ النبي صلى الله عليه وسلم سوقاً غرب المسجد النبوي، ليكون مركزاً تجارياً يساهم في تنمية الاقتصاد الإسلاميّ ويُنافس الأسواق اليهودية. وقد وضع صلى الله عليه وسلم قوانين وآداباً للتجارة، حافظاً على حقوق البائعين والمشترين، مُحارباً الغشّ والخداع وغيرها من ممارسات الجاهلية.

يُظهر هذا العمل اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالجانب الاقتصاديّ في بناء المجتمع الإسلاميّ، وحرصه على العدل والإنصاف في جميع المعاملات التجارية.

الجهاد في سبيل الله: الدفاع عن الحقّ

لم يخلُ الأمر من محاولاتٍ من قريش وبعض اليهود لإيقاف دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة. وقد شرّع الله – عز وجل – الجهاد للدفاع عن الإسلام وحماية المسلمين، كما جاء في سورة الحج:

(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)

وهدفت غزوات النبي صلى الله عليه وسلم إلى نشر رسالة الإسلام، وإقامة العدل، وحماية المسلمين من الظلم، وإرساء قيم الخير والصلاح في الأرض.

Total
0
Shares
المقال السابق

سيرة النبي الكريم: يومياته وأعماله

المقال التالي

سيرة النبي الكريم في رمضان

مقالات مشابهة