إعمال العقل في تكوين البشر

التأمل في أعظم آيات الله. فضل التدبر في خلق الإنسان. تقوية الإيمان وترسيخه. وسيلة للاستفادة من الموجودات. طريق إلى الفهم العميق. إهمال التفكر عند البعض. المراجع.

أعظم الآيات

يعتبر الإنسان آية من آيات الله الباهرة في هذا الكون الفسيح، فهو الكائن الذي حباه الله بميزات عظيمة لا تتوفر لسواه من المخلوقات. إنه خليفة الله في الأرض، والكائن الذي تم تكريمه بنعمة العقل والتمييز، والأهم من ذلك، أنه المخلوق الذي نفخ الله فيه من روحه.

لقد دعا الخالق سبحانه وتعالى الإنسان إلى إمعان النظر في أحواله ومصيره، وإلى التدقيق في ذاته. قال تعالى: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: 21]. فجسد كل فرد منا هو أقرب مثال لنا للتأمل والاعتبار. ففي الرأس ما يقارب ثلاثمئة ألف شعرة، وكل شعرة تحتوي على بصلة، ووريد، وشريان، وعضلة، وعصب، وغدة دهنية، وغدة صبغية. وفي العين، وفي الدماغ، وفي الأعصاب، شواهد جلية ودلائل قاطعة على قدرة الخالق وعظمته سبحانه.

منافع التدبر في تكوين الإنسان

للتدبر والتفكر آثار جليلة وفوائد جمة، تعود بالخير على الإنسان في حياته، وقلبه، وعقله. ومن بين هذه الثمرات:

توطيد الإيمان وتقويته

إن دعوة الإنسان إلى التأمل في ذاته لم تكن يوماً دعوة عشوائية أو لمجرد الترفيه، بل هي جزء أساسي من وظيفة الإنسان في هذه الأرض كعابد لله تعالى وخليفة له. هذا التدبر كفيل بأن يوصل الإنسان إلى خالقه الذي صوره في أحسن تقويم، وأن يدخل اليقين إلى النفس. فكم من أفراد سلكوا طريق الهداية والرشاد نتيجة لهذا النوع من التأمل والاعتبار.

سبيل الانتفاع بالمخلوقات

بالإضافة إلى ذلك، فإن إمعان النظر في الذات البشرية من شأنه أن يقود الإنسان إلى إيجاد حلول لمشاكله، وإلى طرق للتغلب على المعاناة الناجمة عن بعض الأمراض التي تصيب جسده وتنتشر فيه. وهذا بدوره يساهم في تطوير العلم والمعرفة. وما التقدم الهائل الذي شهدته المجالات الطبية في عصرنا الحالي إلا ثمرة للتدبر الذي استمر لعقود طويلة.

منهج للتفقه في الدين

أيضاً، فإن معضلات الإنسان لا تقتصر على الأمراض الجسدية فحسب، بل هناك أمراض نفسية وأخرى مجتمعية تتعلق بالسلوكيات الإنسانية والأحوال النفسية لبني البشر. ومن هنا، فإن التأمل قد يساهم في هذه المجالات أيضاً، فيساعد على إيجاد حلول مبتكرة لمشكلاتها.

إغفال التأمل عند بعض الناس

إن كثرة تعامل الإنسان مع الأشياء المحيطة به قد يجعله ينسى معناها وقيمتها الحقيقية في بعض الأحيان. وبالتالي، فإن مشكلة الاعتياد على النعم تعتبر من أبرز المشاكل التي قد تواجه الإنسان. فلو أمعنا النظر في أحوال العديد من الناس، لوجدنا أن طريقة تعاملهم مع أجسادهم أصبحت عادية وسطحية إلى حد كبير، فأصبحت عملية مضغ الطعام وهضمه خارج نطاق تفكير الكثيرين.

وينطبق الأمر ذاته على عمليات الإخراج، والإبصار، والسمع، والشم، وغيرها. ولا شك أن كل هذه العمليات هي من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، وأن الأجدر به أن يوجه الشكر والثناء له وحده عليها، وأن لا ينظر إليها نظرة اعتيادية. فاختلال وظيفة عضو واحد يمكن أن يتم تعويضه، ولكن بكمية كبيرة من المعدات والأجهزة المتطورة. وهنا يأتي دور المداومة على التفكر والتأمل في تكوين الإنسان على وجه الخصوص، وفي الكون على وجه العموم، وبالتالي شكر الخالق على جزيل نعمه، فبالشكر تدوم النعم ويزيد فضل الله.

المصادر

  1. النابلسي، محمد راتب. موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، صفحة 27. بتصرّف.
  2. سورة الذاريات، آية: 21
  3. مجموعة من المؤلفين. مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 162-170. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

مدخل إلى الفهم الشمولي للقرآن الكريم

المقال التالي

العلاقة بين الفكر واللغة: استكشاف آفاق القراءة

مقالات مشابهة