تأملات في قسم الله تعالى
افتتحت سورة الضحى بقسمين جليلين من الله عز وجل، وهما وقت الضحى والليل. والله سبحانه وتعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه لإظهار عظمته وأهمية ما يقسم به:
(وَالضُّحَى)
يشير الضحى إلى الوقت الذي ترتفع فيه الشمس في بداية النهار، وهو وقت مبارك يُستحب فيه الذكر وأداء صلاة الضحى. إن قسم الله بالضحى يحمل في طياته رسالة طمأنينة للنبي صلى الله عليه وسلم.
(وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)
السجى يعني الهدوء والظلام الشامل. إن القسم بالليل والنهار يذكرنا بنعمة تعاقبهما وأهمية مرور الوقت، ويؤكد أن النصر يحتاج إلى صبر وجهد. الليل يمثل السكينة والوحدة، ويسبق النهار.
استعراض نعم الله على النبي صلى الله عليه وسلم
تتضمن آيات سورة الضحى تعداداً لنعم عظيمة أنعم الله بها على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان ذلك فيما يلي:
(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)
كلمة “ودعك” تعني تركك بلا معين، و”قلى” تعبر عن البغض والكراهية. نزلت هذه الآية لتزيل حزن النبي صلى الله عليه وسلم بعد فترة انقطاع الوحي، ولترد على أقوال الكفار.
(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى)
تبشر هذه الآية النبي صلى الله عليه وسلم بأن مستقبله سيكون أفضل من حاضره وماضيه، وأن الخير والبركة ينتظرانه في الآخرة.
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
هذا وعد من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم بعطاء شامل في الدنيا والآخرة. في الدنيا، سيكون العطاء على شكل فتوحات إسلامية وانتشار للإسلام. وفي الآخرة، سيكون بالشفاعة والحوض ودخول الجنة، حتى يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أعلى درجات الرضا. وهذا دليل على مكانة النبي العظيمة عند الله.
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى)
“آوى” تعني أسكن وأمن. تذكر الآية حال النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يتيماً، فمنحه الله من يكفله ويوفر له الأمان والاطمئنان. وفي هذا تذكير بأهمية الإحسان إلى اليتيم وعدم ظلمه.
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى)
“ضالاً” تعني غافلاً ومحتاراً في أمر الشرائع. تصف الآية كيف هدى الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إلى أصح وأقوم العقائد ليطمئن قلبه. وهذه من أعظم النعم التي منَّ الله بها عليه.
(وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)
“عائلاً” تعني فقيراً. تذكر الآية نعمة الله على النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أغناه وتلطف به عندما تزوج خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فبارك له في رزقه.
بيان التوجيهات للأعمال الحميدة
اختتمت سورة الضحى بالحث على فعل الخير والأعمال الصالحة، حيث قال تعالى:
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
توضح هذه الآيات ما يلي:
توصي الآية بالعطف على اليتيم وحفظ حقوقه، ومساعدة المحتاجين والفقراء، وشكر الله على نعمه الكثيرة، وأهمها نعمة النبوة.
“لا تنهر” تعني عدم الزجر والغلظة في القول بسبب فقر حال السائل عن الدين والعلم. تنهى الآية عن زجر السائل الفقير وتأمر بالاستماع إليه وإرشاده إلى الحق بلطف.
النعمة هنا هي النبوة التي اصطفى الله بها نبيه. “فحدث” أي اشكر الله واحمده على هذه النعمة. تأمر الآية النبي صلى الله عليه وسلم بشكر الله على نعمة النبوة.
المصادر
- سورة الضحى ، آية:1-2
- وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط الزحيلي، صفحة 2891. بتصرّف.
- سورة الضحى، آية:2
- وهبة الزحيلي، المنير الزحيلي، صفحة 282. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي، التفسير الويسط الزحيلي، صفحة 2892. بتصرّف.
- سورة الضحى، آية:3
- سورة الضحى، آية:4
- سورة الضحى، آية:5
- سورة الضحى، آية:6
- سورة الضحى، آية:7
- سورة الضحى، آية:8
- سورة الضحى، آية:9-11
- وهبة الزحيلي، التفسير المنير الزحيلي، صفحة 280. بتصرّف.
