جدول المحتويات:
تقديم: فضل إجلال المسجد
إن إجلال بيوت الله تعالى من الأمور التي حث عليها الإسلام، فهي أماكن العبادة والتقرب إلى الله. ومن بين مظاهر هذا الإجلال، أداء ركعتين عند دخول المسجد، تعظيمًا لشأنه وإظهارًا للاحترام. هذه الركعتان، المعروفة بتحية المسجد، تعتبر سنة مؤكدة ينبغي على المسلم الحرص عليها. وعندما يتعلق الأمر بالوقت الذي يسبق صلاة المغرب، يزداد هذا الفضل، حيث أن هذا الوقت يعتبر من أوقات الاستجابة للدعاء والتقرب إلى الله.
تحية المسجد سنة مستحبة في كل الأوقات، حتى في أوقات النهي عن الصلاة، وذلك لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
“إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ”.
وقد وردت أحاديث تدل على استحباب الصلاة قبل صلاة المغرب، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-:
“صَلُّوا قَبْلَ صَلاةِ الْمَغْرِبِ، قالَ في الثَّالِثَةِ: لِمَن شاءَ”.
وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يصلون ركعتين بين الأذان والإقامة في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليهم ذلك، مما يدل على مشروعية هذه الصلاة.
إذن، يمكن القول بأن صلاة تحية المسجد قبل صلاة المغرب مستحبة، وثابتة بقوله وفعله وإقراره -صلى الله عليه وسلم-، فينبغي على المسلم المحافظة عليها وعدم التهاون بها.
الرأي الشرعي في ركعتي تحية المسجد
يُستحب للمسلم إذا دخل المسجد أن يتأدب بآدابه، ومن أعظم هذه الآداب تعظيم بيت الله وتكريمه، وذلك بأداء ركعتين قبل الجلوس، تُعرفان بتحية المسجد. وقد سُميت بهذا الاسم لأنها بمنزلة التحية لمن دخل على قوم، فهي بداية الدخول والجلوس في المسجد.
والحكمة من تحية المسجد هي إشغال الوقت بذكر الله تعالى وطاعته، وإظهار الاحترام والتقدير للمكان الذي أُعد للعبادة. كما أن فيها امتثالاً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، واقتداءً بفعله وهديه.
طريقة أداء تحية المسجد
تُصلى تحية المسجد ركعتين، ويمكن للمسلم أن يزيد عليها ما شاء من الركعات بنية تحية المسجد عند جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة، بينما يرى الحنفية أنه لا يجوز الزيادة على أربع ركعات، ويرى المالكية أنها تُصلى ركعتين فقط.
والأصل في ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
“إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ”.
أما إذا كان المسجد هو المسجد الحرام، فإن تحيته تكون بالطواف حول الكعبة، إلا إذا كان على المسلم طواف آخر، فيندرج طواف التحية ضمنه. ويسقط طواف التحية إذا كان هناك مانع يمنع المسلم من الطواف.
ويجوز للمسلم أن يجمع نية صلاة تحية المسجد مع نية أي صلاة أخرى، سواء كانت فريضة أو نافلة، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
“إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ”.
والمقصود من تحية المسجد هو إشغال المكان والوقت بالطاعة، فيجوز أداؤها مع أي صلاة بشرط أن تكون ركعتين أو أكثر، ويُستحب صلاتها بقصد التقرب إلى الله -تعالى-، لأنها تحية له سبحانه وتعالى، فالإنسان عندما يدخل بيت ملك فإنه يحييه وتكون التحية له هو لا لبيته.
المصادر والمراجع
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله المزني، الصفحة أو الرقم: 7368، صحيح.
- جمع وترتيب) : محمد بن عبد العزيز بن عبد الله المسند (1413 هـ )،فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء، عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، محمد بن صالح بن محمد العثيمين ، عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ، إضافة إلى اللجنة الدائمة، وقرارات المجمع الفقهي(الطبعة الثانية)، الرياض: دار الوطن للنشر، صفحة 333، جزء 1. بتصرّف.
- محمد بن صالح بن محمد العثيمين (1413 هـ )،مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين(الطبعة الأخيرة)، الرياض: دار الوطن، صفحة 341، جزء 14. بتصرّف.
- محمد بن صالح العثيمين (2006)،فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام(الطبعة الأولى)، القاهرة: المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع، صفحة 231، جزء 2. بتصرّف.
- عبد العزيز بن عبد الله بن باز ،مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله، صفحة 62، جزء 30. بتصرّف.
- محمد صالح المنجد،سلسلة الآداب، صفحة 16، جزء 10. بتصرّف.
- عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)،الفقه على المذاهب الأربعة(الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 302، جزء 1. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 444، صحيح.
- أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني (2000)،البيان في مذهب الإمام الشافعي(الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 286، جزء 2. بتصرّف.
- وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت،الموسوعة الفقهية الكويتية(الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 123، جزء 29. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 6953، صحيح.
- كوكب عبيد (1986)،فقه العبادات على المذهب المالكي(الطبعة الأولى)، دمشق: مطبعة الإنشاء، صفحة 197. بتصرّف.
- عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد الخضير،شرح بلوغ المرام، صفحة 6، جزء 16. بتصرّف.