جدول المحتويات
شهدت القارة الأوروبية خلال الحقبة الجديدة سلسلة من التغيرات العميقة والتحولات الجذرية التي ميزتها بوضوح عن حقبة القرون الوسطى. هذه التحولات شملت مختلف جوانب الحياة، من الاقتصاد والمجتمع إلى الفكر والثقافة والسياسة.
صعود الطبقة المتوسطة
برزت الطبقة المتوسطة، المعروفة أيضًا بالبرجوازية، كقوة اقتصادية واجتماعية مؤثرة. هذه الطبقة، التي امتلكت وسائل الإنتاج، لعبت دورًا حاسمًا في دفع عجلة التطور الاقتصادي. وقد ارتبط صعودها بتوسع نطاق الاستعمار والاستكشافات الجغرافية.
تعتبر الطبقة البرجوازية سمة العصر الحديث في أوروبا كما كان الإقطاع سمةالعصور الوسطى في أوروبا، والطبقة البرجوازية هي الطبقة التي تمتلك وسائل الإنتاج، وقد أدى ظهور البرجوازية إلى توسع الاستعمار والفتوحات الاستعمارية، فتوسعت الطبقة البرجوازية أكثر مع حركة الاكتشافات الجغرافية.[١]ومن أبرز الفتوحات الاستعمارية في العصر الحديث في أوروبا؛ فتوحات أمريكا الجنوبية والوسطى عن طريق الإسبان والبرتغاليين، أما في أمريكا الشمالية فكانت هذه الفتوحات على يد الإنجليز والهولنديين والفرنسيين.[١]
النهضة الأوروبية
مثلت النهضة حركة تجديد وإحياء شاملة طالت مختلف ميادين الحياة في أوروبا. شملت هذه الحركة الأدب، والسياسة، والقانون، والدين، والفنون الجميلة كالتصوير والعمارة. انطلقت شرارة النهضة من إيطاليا، وتحديدًا من شمالها، قبل أن تنتشر إلى بقية أنحاء القارة.
والنهضة تعني البعث والإحياء، وتشير إلى الابتكار الذي شهدته أوروبا في مجالات متعددة؛ كالأدب، والسياسية، والقانون، والدين، والتصوير، والعمارة، ومن الجدير بالذكر أنالنهضة الأوروبيةبدأت في إيطاليا وتحديدًا في الجزء الشمالي منها,[٢] وقد تجسدت النهضة الإيطالية في ما يأتي:
تجميع المخطوطات
أولى الأمراء اهتمامًا كبيرًا بجمع المخطوطات والكتب القديمة النادرة، واستقطبوا العلماء المتخصصين لهذا الغرض، وأنفقوا مبالغ طائلة للحصول على هذه الكنوز المعرفية.
فقد اهتم الأمراء أيما اهتمام في جمع المخطوطات والكتب القديمة الفريدة ،حتى أنهم جلبوا العلماء لهذا الغرض ودفعوا مبالغ هائلة لإيجاد المخطوطات الأوروبية.[٣]
إنشاء المكتبات
شهد القرن الخامس عشر تأسيس العديد من المكتبات العامة والخاصة. ففي هذا القرن، قام أمير يدعى كوزيمو دي ميدتشي بجمع ثمانمائة مخطوطة قديمة، وفي أواخر القرن نفسه، سعى إلى إنشاء مكتبة في الفاتيكان.
فخلال القرن الخامس عشر جمعت ثمانمائة من المخطوطات القديمة ودفع ثمنها أمير يدعى (كوزيمو دي ميدتشي)، وفي أواخر القرن نفسه سعى إلى تأسيس مكتبة في الفاتيكان.[٤]وقبل انهيار القسطنطينية وسقوطها ترجمت كتب لفلاسفة عدة؛ كأرسطو، وأفلاطون، وبلوتارك إلى اللغة اللاتينية، كما شهدت منطقة فلورنسا في إيطاليا توافد الإغريق المهتمين بتعلم اللغة والفلسفة.[٤]
تأسيس الأكاديميات
ظهرت الأكاديميات كمؤسسات علمية في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، حيث اجتمع الطلاب والأساتذة لتبادل المعرفة ومناقشة العلوم المختلفة.
وتعتبر الأكاديميات هي عنوان النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وهي مكان مخصص لاجتماع طلاب العلم والأساتذة لدراسة العلوم ومناقشتها.[٥]
تطور الفنون
بعد تراجع نفوذ الكنيسة، شهدت الفنون تطورًا ملحوظًا، حيث تحررت من القيود الدينية التي كانت مفروضة عليها في العصور الوسطى، وانفتحت على آفاق جديدة من الإبداع والتعبير. من أبرز الأعمال الفنية في هذه الحقبة لوحة الموناليزا لدافنشي.
من المعروف أن سطوة الكنيسة في العصر الحديث تراجعت، مما ساعد ذلك على تطور الفنون بعدما كانت في العصور الوسطى موجهة لأغراض دينية، فالفن في العصر الحديث تمتع بمساحة كبيرة من الحرية، ومن أشهر الإنتاجات الفنية في العصر الحديث؛ لوحة الموناليزا، وصورة العاصفة، وميدوسا لدافنشي.[٦]
التقدم العلمي
شهدت العلوم، وخاصة علمي الجغرافيا والفلك، تطورات هامة. فقد أثبت العالم البولندي كوبرنيكوس أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية وأن الأرض والكواكب الأخرى تدور حولها.
تطور علم الجغرافيا وعلم الفلك في العصر الحديث، وأثبت العالم البولندي كوبرنيكوس في ذلك الوقت أن الشمس هي المركز الذي تدور حوله الأرض وكل الكواكب، وأن حركة الشمس والكواكب ليست إلا حركة ظاهرية أساسها دوران الأرض حول نفسها مرة واحد كل يوم.[٧]
النهضة في فرنسا
تميزت النهضة الفرنسية بخصائص فريدة تميزها عن النهضة الإيطالية. فبينما ركزت النهضة الإيطالية على إحياء التراث القديم، سعت النهضة الفرنسية إلى الاقتباس منه وإضفاء لمساتها الخاصة. بدأت النهضة في فرنسا في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وشهدت حركة نشطة لنشر الكتب اليونانية، وتشجيعًا للدراسات الإنسانية من قبل ملوك فرنسا.
تختلف النهضة الفرنسية اختلافًا تامًا عن النهضة الإيطالية، وكان هذا الأمر طبيعيًا بسبب الاختلاف بين العقليات، ففي الوقت الذي أحيت فيه العقلية الإيطالية كل ما هو قديم قامت العقلية الفرنسية بالاقتباس منها ووضع بصمتها الخاصة المتفردة، وبدأت النهضة في فرنسا في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وبرزت حركة من أجل نشر الكتب اليونانية، كما شجع ملوك فرنسا على انتشار الدراسات الإنسانية.[٨]يعود الفضل في انتشار الكلاسيكيات الفرنسية إلى (جيوم بوديه) وهو تلميذ (لاسكاريس وألياندر)، ومن أهم أعلام النهضة الفرنسية (رابليه) المشهور في الروايات الفكاهية,[٩]ولم يبلغ فن التصوير في فرنسا ما وصل إليه في إيطاليا مما دفع الملك (فرانسوا الأول) إلى جلب مصورين ورسامين من إيطاليا حتى يقوموا بمهمة تزيين قصره، ويعد فن النحت والعمارة هو النهضة الحقيقية في فرنسا، إلا أنه كان مختلفًا عن النحت الإيطالي، فالنحت الفرنسي تركز في الأماكن العامة والقصور.[٨]
الإصلاح الديني
في العصور الوسطى، دعت الكنيسة إلى الزهد والابتعاد عن ملذات الحياة، وهي أفكار استُغلت للسيطرة على الناس. في الحقبة الجديدة، شمل الإصلاح الديني دولًا أوروبية عدة، مثل سويسرا وألمانيا.
كانت الكنيسة في العصور الوسطى تدعو إلى الزهد والابتعاد عن الحياة وملذاتها وهذه لم يكن سوى أفكار تستغل فيها الكنيسة الناس حتى يقبلوا الاستغلال الإقطاعي آنذاك، وفي العصر الحديث شمل الإصلاح الديني عدة دول، منها سويسرا وألمانيا وغيرهم.[١٠]وقد كان الإصلاح الديني في سويسرا على يد كلفن، إذ تم دمج إدارة الشؤون الدينية بين الوزراء والشيوخ، كما دمج السلطة المدنية بالسلطة الدينية، وأصبح لرجال السياسة إمكانية التدخل في أمور الكنيسة، وشدد على الصلاة ومعاقبة من لا يؤديها.[١١]
نشأة الدول القومية
ساهمت عدة عوامل في ظهور الدول القومية في أوروبا، من بينها زوال النظام الإقطاعي، وتراجع سلطة الكنيسة، وتلاشي الإمبراطوريات.
ومن أسباب ظهور الدول القومية في أوروبا ما يأتي:[١٢]سقوط الإقطاعفبعد زوالالنظام الإقطاعيلم يعد هنالك عائق أمام القومية وتوحد الأمة.تراجع سلطة وسطوة الكنيسةفبعدما تراجعت سلطات الكنيسة في العصر الحديث أدى ذلك إلى تحرر كل من الفكر واللغة والفن.تلاشي وجود الإمبراطورياتفلم يعد للإمبراطوريات التي كانت حاضرة في العصور الوسطى وجود في العصر الحديث، فبدأت تظهر الدول القائمة على أساس قومي وليس إمبراطوري.