الأهمية العظمى للأمر بالمعروف
إن الدعوة إلى الخير والإرشاد إلى الصواب، والتحذير من الوقوع في الخطأ، هي من الركائز الأساسية التي تحفظ المجتمع وتصونه من الانحراف. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشكلان حجر الزاوية في بناء مجتمع فاضل، حيث حث الإسلام عليهما تأكيدًا على أهميتهما البالغة.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
[آل عمران: 110].
هذه الآية الكريمة تقدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله، مما يعكس مدى أهمية هذه الفريضة في الإسلام. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحققان مصالح عظيمة للأمة، ويساهمان في نشر الخير والفضيلة.
في هذا العصر الذي تكثر فيه المغريات وتنتشر المعاصي، تزداد الحاجة إلى تفعيل هذه الفريضة. فالمسلمون اليوم أحوج ما يكونون إلى من يذكرهم بالله، وينصحهم بالخير، وينهاهم عن الشر. وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام والسلف الصالح يقومون بهذه المهمة الجليلة، ونحن اليوم مأمورون بالاقتداء بهم.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على المسلمين، وقد جاء تقديمه على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة في قوله تعالى:
وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ أُولئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ
[التوبة: 71].
هذه الآية الكريمة تبين أن رحمة الله تعالى تتحقق بطاعته والقيام بأوامره واجتناب نواهيه.
أهمية ردع الشر والفساد
إن الحفاظ على الدين الإسلامي وحمايته من البدع والمعاصي والمخالفات هو من أعظم الواجبات الملقاة على عاتق الأمة. فالمجتمع الذي يتهاون في ردع الشر والفساد، سرعان ما يقع في الهاوية.
إن من أهم مظاهر قيام الأمة بواجبها تجاه دينها، إقامة ما يعرف بـ “ولاية الحسبة”، وهي الجهة المسؤولة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يقول الله تعالى:
وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
[آل عمران: 104].
فالمنكرات والمعاصي هي بمثابة الداء الذي يصيب المجتمع، ويتسبب في هلاكه وخرابه. والتساهل في إنكار المنكرات والفواحش يؤدي إلى حلول العقاب والعذاب من الله تعالى، كما جاء في الحديث الشريف:
ما من قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يقدِرون أن يُغَيِّروا ثم لا يُغَيِّروا؛ ألّا يوشكُ أن يعمَّهم اللهُ منه بعقابٍ
.
وعدم إنكار المنكر قد يؤدي إلى اللعن والطرد من رحمة الله. لذا، يجب على الآباء والأمهات الحرص على بيوتهم، وإنكار أي منكر يحدث فيها. ومن أخطر الأمور التي قد تحصل، هو عدم الخوف من خطر المعاصي، حتى يصبح انتهاك أوامر الله -تعالى- من الأمور التي لا بأس بها، فيصبح المنكر معروفاً، والمعروف منكراً.
القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتطلب تحمل الكثير من الأعباء والمشاق، وقد يتعرض الدعاة والمصلحون للاعتداء والإشاعات والشبهات، ولكن هذا لا يثنيهم عن أداء واجبهم. يقول الله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
[آل عمران: 21].
ويجب على المسلم عدم الإعانة على القيام بالمعاصي والذنوب والمنكرات.
طرق تفعيل الأمر بالخير
حدد العلماء مجموعة من الأساليب والطرق التي يمكن للمسلم اتباعها عند تقديم النصيحة والإرشاد للآخرين، ومنها:
- الكلمة الطيبة: يجب أن تكون النصيحة بأسلوب لين ولطيف، مع مراعاة مشاعر الآخرين. فالكلام الجارح والأسلوب الفظ قد ينفر الناس من النصيحة. وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأشج بقوله:
إن فيكَ خصلتينِ يحبهُما اللهُ: الحلمُ والأناةُ
. - الكتابة والنشر: يمكن إنكار المنكرات والفواحش عن طريق الكتابة والنشر، سواء كان ذلك بتأليف الكتب أو توزيعها، أو المساهمة في نشر الكتب الهامة.
- استخدام الهاتف: يمكن الاتصال بالشخص الذي قام بالمنكر ونصحه بالابتعاد عنه والتوبة إلى الله. كما يمكن الاتصال بالعلماء والمسؤولين وغيرهم ممن يستطيعون تغيير المنكر.
- المقاطعة: يمكن مقاطعة القائم بالمنكر وعدم التعامل معه، سواء كان شخصاً أم مؤسسة. ومن ذلك مقاطعة المؤسسات التي تتعامل بالربا، ومؤسسات الانحراف والرذائل والفواحش.
- التشهير: التشهير بالمنكر والشخص القائم به، وذلك عند لزوم الأمر وتحتمه.
- النشرة الصغيرة: نشرة تتحدث عن قضية هامة وتمتاز بسهولة القراءة.