لمحة عن حياة أم كلثوم
أم كلثوم، قامة فنية مصرية وعربية شامخة، تركت بصمة لا تُمحى في عالم الغناء والتمثيل. تُعتبر من أبرز الشخصيات الفنية التي أنجبتها مصر والوطن العربي في القرن العشرين. لقبت بـ “سيدة الغناء العربي” و”كوكب الشرق” لما تمتعت به من صوت عذب وقدرة فائقة على الأداء والتعبير.
ولدت أم كلثوم في 31 ديسمبر عام 1898، على الرغم من أن التاريخ الرسمي المسجل هو 4 مايو 1908، ويعزى ذلك إلى عدم وجود نظام تسجيل رسمي في مصر في ذلك الوقت. نشأت في محافظة الدقهلية، وكانت ابنة لمؤذن قرية طماي الزهايرة.
منذ صغرها، أظهرت أم كلثوم موهبة فذة في حفظ القصائد والتواشيح الدينية وغنائها. وفي سن العاشرة، بدأت مسيرتها الفنية بالغناء أمام الجمهور في المناسبات المحلية في قريتها.
بداية الشهرة والانتشار
بدأت بوادر الشهرة تظهر على أم كلثوم في سن مبكرة، حيث كان عملها في مجال الغناء يهدف بشكل أساسي إلى توفير دخل يساعد أسرتها. بفضل موهبتها الاستثنائية، قام والدها بعرضها على الشيخين زكريا أحمد وأبو العلا محمد، اللذين قدماها لإحياء إحدى ليالي شهر رمضان المبارك.
في عام 1923، شاركت بالغناء في حفلات ضمت نخبة من كبار الفنانين المصريين، مما ساهم في زيادة شهرتها. لعب لقاؤها بأحد الأطباء المحبين للموسيقى دوراً هاماً في مسيرتها، حيث أصبح أول ملحن يتعاون معها لإنتاج العديد من الأعمال الفنية الناجحة.
الأوسمة والتكريمات
خلال مسيرتها الفنية الطويلة والثرية، حصدت أم كلثوم العديد من الألقاب والأوسمة والجوائز التقديرية. من بين هذه التكريمات:
- وسام الرافدين: حصلت عليه عام 1946 من الحكومة العراقية خلال الحكم المالكي، ويُعد هذا الوسام من أرفع الأوسمة التي تمنحها الدولة العراقية.
- وسام النهضة: مُنح لها عام 1975 من المملكة الأردنية الهاشمية.
- وسام الاستحقاق: منحه لها الرئيس السوري هاشم الأتاسي.
- وسام الجمهورية: منحه لها الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة عام 1968.
- وسام الأرز: منحها إياه رئيس الوزراء اللبناني رشيد كرامي عام 1959.
نهاية الرحلة
كان من المقرر أن تغني أم كلثوم أغنية “أوقاتي بتحلو معاك”، لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب إصابتها بالتهابات في الكلى أثناء البروفات، مما استدعى سفرها إلى لندن لتلقي العلاج.
قبل سفرها، كلفت الشاعر صالح جودت والملحن رياض السنباطي بكتابة وتلحين أغنية خاصة بنصر أكتوبر المجيد لتغنيها بعد عودتها. إلا أن القدر لم يمهلها، حيث وافتها المنية في 3 فبراير عام 1975 عن عمر يناهز 76 عاماً.
شيع جثمانها في القاهرة بمشاركة حشود غفيرة تقدر بأكثر من أربعة ملايين شخص، مما يعكس حجم حب وتقدير الجمهور لها. كان لوفاتها صدى واسع وحزن عميق في جميع أنحاء الوطن العربي.
