أقوال حول ذوي الوجهين
من تتبع عيوب الناس وأنكرها، ثم رضيها لنفسه، فهو المنافق بعينه. فالنفاق هو تزييف للقيم والأخلاق، وهذا يظهر أهمية الأخلاق الحقيقية. بعض أنواع النفاق قد تكون أشد وطأة على أصحابها من الصراحة نفسها.
إن أسوأ أنواع النفاق هو الذي يتستر وراء الفضيلة، وأسوأ المنافقين هم أولئك الذين لم يستطيعوا أن يكونوا فضلاء حقًا، فتحولوا إلى فضلاء مزيفين. للأسف، يبدو أن هذا العصر يحتاج إلى كمية أكبر من النفاق لإرضاء الناس.
كما يقول قانون الفيزياء: الضغط يولد الانفجار، فإن قانون الاجتماع يقول: الضغط يولد النفاق الاجتماعي. والفصاحة في الكلام قد تكون علامة واضحة على النفاق. المنافق الحقيقي هو الذي يصعب كشف خداعه، لأنه يكذب بصدق.
لا يعلو صوت على النفاق، وهذا ما يؤسف له.
حكم وأمثال عن التلون
الذنب الذي لا يغتفر هو التلون، فتوبة المتلون هي بحد ذاتها تلون آخر. القائد الحكيم هو الذي يتجاوز ضجيج الهتاف والتصفيق والمديح الكاذب المحيط به، وينظر إلى ما وراء هذا الزيف الذي يصنعه الخوف والطمع حتى نهاية حياته وبعدها.
بعض الناس يتحدثون بثقة عن الطيبة، بينما يمارسون التلون بإبداع. هناك لحظات يجب على الإنسان أن يختار فيها بين أن يعيش حياته كما يريد بحرية تامة، أو أن يعيش حياة سطحية وكاذبة تتطلب الكثير من التلون والتملق للاستمرار.
يا محبي الجمال، تواصلوا وتكاتفوا، فليس هناك حل إلا الدفاع المستميت عن حصن الجمال ضد تدهور الهمم وانتشار التلون وضيق الأفق وكل ما ينتج عن الجمود. لا تبالغ في المجاملة حتى لا تقع في النفاق، ولا تبالغ في الصراحة حتى لا تقع في الوقاحة. إذا كان التلون وقحًا، فلتكن الصراحة جريئة.
أنا أكره التفاخر، وأحتقر التلون الدنيء، والوشايات، والأقاويل، والنمائم، وأرتدي قناعًا في حفلة تنكرية.
عبارات عن الخداع والزيف
التلون هو تزييف للأخلاق، وهذا يبرهن على أهمية الأخلاق الصحيحة. مأساة الكاذب ليست في أن أحدًا لا يصدقه، بل في أنه لا يصدق أحدًا. نحن مضطرون للتعامل مع المتلونين، لأنهم الفئة الأكثر انتشارًا في مجتمعنا.
في مستنقع الأكاذيب، لا تسبح سوى الأسماك الميتة. لا يكذب المرء إلا بسبب مهانته أو عادة السوء أو قلة الأدب. الوحدة خير لك من أن تكون بين حشود المتلونين.
الكذب كالرمل، يبدو ناعمًا عندما نستلقي عليه، وثقيلاً عندما نحمله. كل ما يؤلم النفوس الحساسة في هذا العالم هو سوء الفهم والتلوّن. ما هلكت الدول ولا الممالك ولا سفكت الدماء ظلماً ولا انتهكت الحرمات إلا بسبب النميمة والكذب.
قصيدة في وصف شخص متلون
قال جابر قميحة:
كان زميل دراسة، وصاحبًا وصديقًا، وكنت آملًا في أن يكون في صف الحق والحقيقة، ولكني ـ وأسفاه ـ رأيته يلقي بنفسه في أحضان النفاق، ـ عن قناعة واقتناع ـ حرصًا على الدنيا وزخرفها وبهارجها.
فكان هذا الحوار:
لستُ أنساه … صاحبي وصديقي
فلقد كان في مقامِ شقيقي
ثم هانت عليه نفس تمادت
فرأى في النفاق خيرَ طريقِ
ومشى زاهيًا بوجه ذليلٍ
مثقلَ السمْتِ بالهوان الطليقِ
قلتُ “بُـؤْساك” قال “عفوًا فإني
أشتهي العيش صافيًا ذا بريقِ
متعٌ كلها الحياةُ، فدعْني
لمتاعٍ ميسرٍ معشوقِ
ولماذا أعيش في الفقر عمري
وأُقضِِّي الحياةَ في شر ضيقِ؟
أم تريدون أن أكونَ من الإخـوانِ
أحيا في مصرَ كالمخنوقِ
لا تقل لي “كرامة”؛ فالكراماتُ
هُراء، ما أنقذت من غريقِ
ما روتْ ظامئًا، ولم تمْحُ جوعًا
أو تخففْ عن بائس مسحوقِ
وغدًا تسمَعَنَّ عني فإني
سوف أغدو ذا منصِبٍ مرموقِ
قلت: يا ضيعةَ الرجالِ إذا عاشوا
بعِرضٍ مُقَيَّحٍ ممْزوقِ
لا تقل “مسلمٌ”؛ فمن باع طوعًا
دينَه في هَوَى السقوطِ السحيقِ
لاعقًا نعلَ حاكم مستبدٍّ
رغبةً… رهبةً.. بلا تفريقِ
زاحفًا آثمًا بغيرِ ضميرٍ
لم يكن غيرَ مارقٍ زِنديقِ
عزَّ من عاش في الحياة كريمًا
وهواه الأبِيُّ في التحليقِ
وحد اللهَ، لم تعدْ بصديقي
فطريقُ النفاقِ ليس طريقي
والمنايا ولا الدنايا نشيدي
وصلاتي في مغربي وشروقي
والمعاني الكبارُ والعزة القعـساءُ
أمي ومهجتي وشقيقي
والزلال القَراحُ لو شِيبَ بالضيْــمِ
لحرَّمْـتُه يبللُ ريقي
وحروقي ـ إن كان بلسمُها الذلَّ
“فزيدي تقرُّحًا يا حروقي”
ودمي لو يهادنُ الظلمَ يومًا
برِئتْ منه ذمتي وعروقي
وحد اللهَ، إن طعمَ الرزايا
في مذاقِ الأُباةِ طعمُ الرحيقِ
وإذا الموت هلَّ بالعز أضْحَى
في عيونِ الإخوان نورَ الشروقِ
إنهَا عزةُ الإلهِ حباها
النبي الهدى الأبيِّ الصدُوقِ
فعززنا بها كرامًا أباةً
عزةَ المسلمِ الأصيلِ العريقِ
ثم فاضت منارةُ الحق بالنــورِ
وعزمِ الخليفةِ الصدِّيقِ
وانطوتْ رايةُ العبودةِ تنعَى
كلَّ باغٍ في هواه غريقي
يوم دُك الإيوانُ إيوانُ كسرى
بجيوش الإيمان والفاروقِ
واسألَنْ خالدًا وسعدًا وعَمْرًا
هازِمِي الفرسِ قاهرِي الإغريقِ
وعلى دربهم مشينا حشودًا
بخطَى ثابتٍ وعزمٍ وثيقِ
تحت رايات أحمدٍ وهداهُ
وسنا المسجد الحرام العتيقِ
وشعارِ السيفين بينهما القرآنُ
نورٌ للنصر والتوفيقِ
وحد الله إن ديني متينٌ
وشموخُ الأباةِ مالي وسوقي
بينما غاية الخسيس الدنايا
من طعامٍ ومنصبٍ وعقيقِ
فاعذُرَنِّي فسوف أبقى بريئًا
من فصيل التزوير والتزويقِ
واعذرني فلن أكون شريكًا
في فريق الكئوس والإبريقِ
مغرِقًا في النفاق من أجلِ أن
أحـيا حياةَ التطبيلِ والتلفيقِ
بين كأسٍ دوَّارةٍ في انتشاءٍ
وصَبوحٍ ملعونةٍ وغَبوقِ
فَاطْلِقن البخورَ للوثنِ الموْكوسِ
في قصره المَشِيد الأنيقِ
واسجدنَّ الغداةَ نذلا ذليلاً
في زفيرٍ مسبِّحٍ وشهيقِ
ولْتَدَعْنا نعيشُ قرآنَ حقٍّ
يملأ النفسَ بالضياءِ الدَّفوقِ
فبِهِ الحكمُ والعدالةُ أصلٌ
والمساواةُ في اقتضاءِ الحقوقِ
والجهادُ المريرُ أمضَى سبيلٍ
للمعالي وللسلامِ الحقيقِ
في كيان موحَّدٍ مُتـنامٍ
كبناءٍ علا بغيرِ شُقوقِ
بينما الموتُ في سبيل إلهي
هو أُمنـيَّة التقيِّ المَشُوقِ
وحياةُ الشموخِ فرضٌ أكيدٌ
وانحناءُ الجباهِ شرُّ فُسوقِ
إنها شرعةُ الإله ارتضاها
لصلاح العبادِ والتوفيقِ
إن تقلْ: حسْبنا قوانينُ صِيغتْ
وبها كلُّ نافعٍ ودقيقِ
قلت: شتانَ بين شدْوٍ رقيقٍ
ونعيبٍ مذُمَّمٍ ونَهيقِ
أو ظلالٍ معطَّراتِ الحواشي
وحَرورٍ مُلَـهَّبٍ كالحريقِ
أنت يا من غدوتَ في العين أقذاءً
وعارًا وغُصَّةً في الحلوقِ
وحد الله واتركنَّ طريقي
فمن اليومِ لم تعد بصديقي
هاكَ عهدي وموثقي ويقيني
هاتفًا بالتُّـقَى وطُهرٍ صدوقِ
“لستُ من أحمدٍ إذا هنتُ يومًا
لا ولستُ بدينه بخليقِ
فالذي ينحني لغير إلهي
ليس بالمسلم الأصيل الحقيقي.