أقوال ابن القيم عن فضائل الصبر

نظرة متعمقة في أقوال ابن القيم الجوزي عن الصبر، مستندة على السنة النبوية الشريفة وكتاب

فهم جوهر الصبر بحسب ابن القيم

يُعدّ الصبر من أهمّ الصفات التي حثّ عليها الإسلام، وقد أوضح الإمام ابن القيم الجوزيّ هذا الجوهر ببراعةٍ في العديد من مؤلفاته. فالصبر، بحسب رؤيته، ليس مجرد تحمّل للمشاق، بل هو حالةٌ نفسيةٌ عميقةٌ تتطلبُ قوةً إراديةً وعقلاً راجحاً. فهو ثباتٌ قلبيٌّ أمام مواطن الاضطراب، يتجلى في طاعة الله عز وجل واجتناب معصيته. و يُميز ابن القيم بين نوعين من الصبر: صبرٌ على التكاليف الإلهية (الأمر والنهي)، وهو أفضل الأنواع، وصبرٌ على ما يقدره الله من قضاءٍ وقدر. فالنوع الأول يُظهر الاستقامة على منهج الله، بينما الثاني قد يتصف به المؤمن والفاجر على حد سواء.

الصبر في ضوء السنة النبوية الشريفة

استقى ابن القيم فهمه العميق للصبر من السنة النبوية المطهرة، مُستشهداً بأحاديث نبوية شريفة توضح فضائل الصبر وثوابه الجزيل. فقد بشرّ النبي صلى الله عليه وسلم الصابرين بثلاثة أمور عظيمة، كما ورد في قوله تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 157]. كما روى ابن تيمية في مجموع الفتاوى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصَّبرِ)[٢]. وقد أضاف ابن القيم أن الصبر هو أساس السعادة في الدنيا والآخرة، فالذي يصبر على طاعة الله ويجتنب معصيته ينال رضا الله ورحمته. وقد ذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أن أفضل ما ناله الإنسان في حياته هو الصبر، مُشدّداً على مكانته العالية.

مقتطفات من “عدة الصابرين”

يُعدّ كتاب “عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين” من أهمّ مؤلفات ابن القيم في هذا الباب، حيث فصّل فيه مختلف أبعاد الصبر وأشكاله. يُميّز ابن القيم بين الاصطبار، وهو اجتهادٌ في الصبر، والتصبّر، وهو بداية الطريق إليه. كما يُشير إلى المصابرة، وهي مقاومة المصاعب بصبرٍ واضح، مستشهداً بآيةٍ كريمةٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200]. يُلخّص ابن القيم معنى المرابطة بأنها الثبات والإقامة على الصبر والمصابرة، مُشدّداً على أنّ ملاك ذلك كلّه هو التقوى، وأنّ الفلاح موقوف عليها.

أنواع الصبر وخصائصه

يُقسم ابن القيم الصبر إلى قسمين: صبر ممدوح وصبر مذموم. فالصبر الممدوح هو الصبر مع الله، والثبات على طاعته، والصبر على أحكامه. أما الصبر المذموم فهو الصبر عن الله ومحبته والسعي إليه. فالصبر مع الله هو الوفاء له، والصبر عنه هو جفاءٌ، ولا جفاء أعظم من الصبر عن المعبود. ويُلاحظ أن الكرم يتجلى في الصبر على طاعة الله، بينما اللؤم يتجلى في الصبر على طاعة الشيطان. فاللئام هم أكثر الناس صبراً على طاعة أهوائهم وشهواتهم، مُؤكداً على أهمية الاستعانة بالصبر والصلاة كما جاء في قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة: 45].

جدول المحتويات

الموضوعالرابط
فهم جوهر الصبر بحسب ابن القيم#جوهر_الصبر
الصبر في ضوء السنة النبوية الشريفة#السنة_النبوية
مقتطفات من “عدة الصابرين”#عدة_الصابرين
أنواع الصبر وخصائصه#أنواع_الصبر

Total
0
Shares
المقال السابق

آراء ابن الجوزي في الحب والعشق

المقال التالي

حِكم وعِبر من حياة الفاروق عمر بن الخطاب

مقالات مشابهة