جدول المحتويات
المبحث | الرابط |
---|---|
نماذج من احترام السلف لعلمائهم | #section1 |
تواضع التلاميذ لأساتذتهم الكرام | #section2 |
الصبر والتحمل على يد المعلمين | #section3 |
نماذج من احترام السلف لعلمائهم
كان للعلم والعلماء مكانة سامية في قلوب السلف الصالح، فقد كانوا يقدرونهم ويحترمونهم إجلالاً لعلمهم وفضلهم. وتبرز قصص كثيرة من سيرتهم العطرة مدى تقديرهم لأهل العلم. فمن تلك الأمثلة المشرّفة:
ابن عباس وزيد بن ثابت -رضي الله عنهما-
يروى أن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- وهو من كُتّاب الوحي ومن فقهاء المدينة السبعة، كان راكبًا دابته، فلما مرّ ابن عباس -رضي الله عنه- أمسك بخطامها ليُسهّل عليه ركوبها، تقديرًا وإجلالاً له. فقال له زيد: “لا تفعل يا بن عم رسول الله”. فردّ عليه ابن عباس: “هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا”.[١]
الإمامين البخاري ومسلم -رحمهما الله-
كان الإمام مسلم -رحمه الله- من تلاميذ الإمام البخاري، وقد كان يُجلّه ويُقدّره ويُثني عليه دائمًا. وفي إحدى المرات، قال له مسلم: “دعْنِي أُقَبِّلْ رجليكَ يَا أُسْتَاذَ الأُسْتَاذِين، وَسَيِّدَ المُحَدِّثِيْنَ، وَطبيبَ الحَدِيْثِ فِي عِلَلِهِ”.[٢]
الربيع بن سليمان والإمام الشافعي -رحمهما الله-
كان الربيع بن سليمان من أبرز تلاميذ الإمام الشافعي. يُروى أن الشافعي قال له ذات يوم: “لو استطعت لأطعمتك العلم”. وكان الربيع يتواضع خجلاً من شرب الماء بين يدي شيخه الشافعي من شدة احترامه وتوقيره له.[٣]
يحيى الليثي والإمام مالك -رحمهما الله-
يروي لنا التاريخ قصة يحيى بن يحيى الليثي، الذي هاجر من الأندلس إلى المدينة المنورة طلباً للعلم على يد الإمام مالك. وفي يومٍ دخل فيلٌ المدينة، فخرج الناس جميعًا لمشاهدته، إلا يحيى الذي بقي مكانه يستمع للدرس. فقال له الإمام مالك: “لم لا تخرج لمشاهدة الفيل وهو غير موجود عندكم في الأندلس؟”. فأجاب يحيى: “لم أرحل لأرى الفيل، بل رحلت لأتعلم من علمك وهديك”. فأعجب الإمام مالك به، وقال: “هذا عاقل الأندلس”.[٤]
تواضع التلاميذ لأساتذتهم الكرام
لم يقتصر الاحترام على جانب واحد، بل امتدّ إلى تواضع التلاميذ وتقديرهم لجهود أساتذتهم. فقد كان التواضع من أهم سمات السلف الصالح، وكانت علاقتهم بأساتذتهم مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون في طلب العلم.
إبراهيم الحربي والإمام أحمد -رحمهما الله-
كان إبراهيم الحربي رجلاً صالحًا، ولكنه سمع أن بعض أصدقائه يفضلونه على الإمام أحمد. فلما واجههم بذلك، اعترفوا بذلك، فغضب إبراهيم وقال لهم: “ظلمتمونِي بتفضيلكُم لِي عَلَى رَجُل لاَ أُشْبِهُه، وَلاَ أَلحق بِهِ فِي حَال مِنْ أَحْوَاله”، وأقسم بالله أن يترك تعليمهم عقاباً لهم على هذا الظلم.[٥]
الإمام مالك وابن المبارك -رحمهما الله-
يروي يحيى الليثي أن ابن المبارك أتى إلى مجلس الإمام مالك، فاستأذن بالدخول فأذن له، ثمّ تزحزح الإمام مالك له في مجلسه وأقعده بجانبه، وهذا لم يكن من عادته مع أحد. وكان الإمام مالك يسأل ابن المبارك عن رأيه في بعض الأمور، ثمّ خرج ابن المبارك من المجلس. فأعجب الإمام مالك بأدبه، وقال: “هذا ابن المبارك فقيه خراسان”.[٦]
سفيان الثوري والأوزاعي -رحمهما الله-
شهد الناس يوماً شيخاً مهيباً على ناقة، وشيخاً آخر يقودها بين الصفا والمروة. فلما اجتمع عليهما أهل العلم، كان الشيخ الذي يقود الناقة يدفع الناس قائلًا: “دعونا نسلي الشيخ”. فإذا بالشيخ الراكب هو الإمام الأوزاعي، والذي يقوده هو الإمام سفيان الثوري -رحمهما الله-. [٧]
الصبر والمثابرة في طلب العلم
يُظهر لنا السلف الصالح نماذج مشرقة من الصبر والمثابرة في طلب العلم، فكانوا يتحملون مشقة السفر والبعد عن الأهل والأحباب، وذلك كله من أجل الوصول إلى العلم والمعرفة.
قصة الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-
يقول الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: كنت ربما أردت البكور إلى الحديث -يعني يريد أن يخرج قبل أذان الفجر ليذهب إلى العلماء- فتأخذ أمي ثيابي وتقول: حتى يؤذن للفجر، يقول: أجلس، وكنت ربما بكَّرت إلى مجلس أبي بكر بن عياش وغيره قُبيل الفجر.[٨]
سفيان بن عيينة والحمقى -رحمه الله-
يُروى أن الإمام سفيان بن عيينة سُئل عن بعض الناس الذين يأتون إليه من بعيد، ثمّ يغضب عليهم ويتركونه، فقال: “هم حمقى إذًا مثلك إن تركوا ما ينفعهم لسوء خلقي”.[٩]
المراجع:
- [١]ابن الجوزي،صفوة الصفوة، صفحة 275. بتصرّف.
- [٢]الذهبي،سير أعلام النبلاء، صفحة 432. بتصرّف.
- [٣]ابن جماعة ،تذكرة السامع و المتكلم، صفحة 88. بتصرّف.
- [٤]أبالزرقاني،كتاب شرح الزرقاني على الموطأ، صفحة 69. بتصرّف.
- [٥]عبدالعزيز الجليل و بهاء الدين عقيل،أين نحن من أخلاق السلف، صفحة 124. بتصرّف.
- [٦]أبالذهبي،سير أعلام النبلاء، صفحة 420. بتصرّف.
- [٧]ابن أبي حاتم الرازي،الجرح و التعديل، صفحة 208. بتصرّف.
- [٨]الخطيب البغدادي،الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، صفحة 217. بتصرّف.
- [٩]ابن جمعة ،تذكرة السامع و المتكلم، صفحة 92. بتصرّف.