أركان وواجبات وشروط الصلاة

الصلاة عمود الدين وهي فرض على كل مسلم، فما هي أركان الصلاة، واجباتها، وشروطها؟ اقرأ المقال لتعرف أكثر

فهم أركان الصلاة: أساسات الصلاة الصحيحة

الواجبات: ما يزيد على أركان الصلاة

شروط الصلاة: ضمان صحّة الصلاة

معنى أركان الصلاة

أركان الصلاة هي الأساس الذي تبنى عليه الصلاة، فهي مثل الأعمدة التي تُثبّت البناء، وهي أهمّ ما في الصلاة. يُعرف الركن لغويًا بأنه الجانب الأقوى الذي يعتمد عليه الشيء. فأركان الصلاة هي دعاماتها التي تُثبّت صحة الصلاة، فلا تُقبل الصلاة إلا بإتمام جميع أركانها.

تُعتبر أركان الصلاة ضروريةً لصحّة الصلاة، ولا يجوز تركها عمداً، لأنّ ترك أي ركنٍ يُبطل الصلاة. أما إذا نُسيت، فيُمكن للصلاة أن تُعاد أو أن يُقضى عن الركن الذي نُسي. لا تُجزئ الصلاة إلا بإتمام جميع أركانها.

أركان الصلاة بالترتيب

للصلاة أربعة عشر ركناً، يجب إتمامها بالترتيب لتُصبح صحيحة. سنُلخصها فيما يلي:

  1. القيام: الوقوف وانتصاب الجسم. الدليل على ذلك قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ”.[٣] ويُعتبر القيام من أركان الصلاة، فإذا كان المصلي غير قادر على القيام بسبب مرض أو كبر، تُعذره الشريعة، ولا تُبطل صلاته.
  2. تكبيرة الإحرام: قول “الله أكبر” عند الدخول في الصلاة. وهي ركنٌ ضروريٌّ، كما جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ”.[٦][٧]
  3. قراءة الفاتحة: يجب قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة، فهي من أركان الصلاة، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ”.[٨][٧]
  4. الركوع: الانحناء، ويتم بشكلٍ صحيح عند وصول كفّ اليد إلى الركبة. فإذا لم تصل يد المصلي إلى الركبة دون عذر، فلا يعتبر الركوع صحيحاً. الدليل على ذلك قول الله تعالى: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا”.[١٠]
  5. الرفع من الركوع: العودة إلى الوقوف بعد الركوع. ففي هذه اللحظة، تُعيد فقرات الظهر إلى وضعها الطبيعي. الدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ثم ارفع حتى تعدل قائمًا”.[٦]
  6. السجود: يجب أن يُؤدى على سبعة أعضاء: الجبهة، الأنف، اليدين، الركبتين، وأطراف القدمين، الدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أُمرتُ أن أسجدَ على سبعة أعْظُمٍ: على الجبهة -وأشار بيده على أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين”.[١٢] والدليل من القرآن الكريم قوله تعالى: “ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا”.[١٣][١٤]
  7. الرفع من السجود: الجلوس والاعتدال بعد السجود. الدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا”.[٦]
  8. الجلوس بين السجدتين: الجلوس بعد السجدة الأولى وقبل الثانية. الدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “حتى تطمئن جالسًا”.[٦] وعن عائشة رضي الله عنها قالت عن النبي:(وكانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ، لَمْ يَسْجُدْ حتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا).[١٥][١٤]
  9. الطمأنينة في جميع الأركان: السكون عند أداء أركان الصلاة بحيث يتمكن المصلي من أدائها بشكلٍ صحيح. ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الطمأنينة في حديثه عن المُسيء في صلاته: “(عَلِّمْنِي يا رَسولَ اللَّهِ، فَقالَ: إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فأسْبِغِ الوُضُوءَ، ثم اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثم اقْرَأْ بما تَيَسَّرَ معكَ مِنَ القُرْآنِ، ثم ارْكَعْ حتى تطمئن رَاكِعًا، ثم ارفع حتى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثم اسْجُدْ حتى تطمئن سَاجِدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسْجُدْ حتى تطمئن سَاجِدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم افْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا وقالَ أبو أُسَامَةَ، في الأخِيرِ: حتى تَسْتَوِيَ قَائِمًا).” [٦]
  10. التشهد الأخير: يُعتبر ركناً من أركان الصلاة، فمن صلى دون تشهد، فإنّ صلاته باطلة. أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجلوس للتشهّد، الدليل على ذلك: قوله -صلى الله عليه وسلم-: “(فَإِذَا قَعَدَ أحَدُكُمْ في الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ -إلى قَوْلِهِ- الصَّالِحِينَ، فَإِذَا قالَهَا أصَابَ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ في السَّمَاءِ والأرْضِ صَالِحٍ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الثَّنَاءِ ما شَاءَ).” [١٧][١٨]
  11. الجلوس للتشهد الأخير: يُعدّ من أركان الصلاة. فلا يُقبل قراءة التشهد الأخير واقفاً، إلا إذا كان المُصلي عاجزاً عن الجلوس. وكذلك لا يُقبل إذا قُرئ قبل الجلوس.
  12. الصلاة على النبي: اختلفت آراء العلماء حول كونها ركنًا من أركان الإسلام، أو كونها سنةً فقط. الدليل على ذلك: “(أمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكيفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).” [٢٠]
  13. الترتيب بين أركان الصلاة: يُقصد به أداء الركن الثاني بعد الأول، والثالث بعد الثاني، وهكذا. فمن صلى بجميع أركان الصلاة، ولكنّها لم تكن بالترتيب الذي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنّ صلاته باطلة.
  14. التسليم: آخر أركان الصلاة، وهو قول “السلام عليكم”. ويُقال بالطرق التالية:
    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله.
    • السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وهذه هي الطريقة المشهورة.
    • السلام عليكم ورحمة الله (عن اليمين)، السلام عليكم (عن اليسار).
    • السلام عليكم عن اليمين.

    والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “(تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)”. [٢٣]

    معنى الواجبات

    الواجبات جمع واجب، والواجب هو الأمر الذي يُلزم على المصلي القيام به. للو واجبات أحكام، منها:

    • من يُؤدّي الواجب يُثاب.
    • من يتركه عمداً يُعاقب.
    • من يتركه عمداً تُبطل صلاته.
    • من يتركه ساهياً أو ناسياً، فإنّه يُشرع له سجود السهو، سواء كان مُنفرداً أو إماماً، أما إذا كان مأموماً في صلاة الجمعة، فإنّ الإمام يتحمّل عنه واجباته.

    واجبات الصلاة

    يُلزم المصلي فعل ثمانية واجبات في الصلاة:

    1. تكبيرة الانتقال: تختلف عن تكبيرة الإحرام في بداية الصلاة، فهي تكبيرة للانتقال من ركنٍ إلى ركنٍ، وقول التكبير: “الله أكبر”. [٢٥] الدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “(لا تُبَادِرُوا الإمَامَ إذا كبر فكبروا وإذَا قالَ: (وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولوا: آمِينَ، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وإذَا قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ)”.[٢٦]
    2. قول “سمع الله لمن حمده”: يُقال عند القيام من الركوع، ولا يجوز تغيير الصيغة. [٢٧] الدليل على ذلك حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: “(إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وإذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: ربنا ولك الحمد، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وإذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ).” [٢٨]
    3. قول “ربنا ولك الحمد”: التحميد خاص بالمأموم، فإذا كان المصلي إماماً أو مُنفرداً، يقول التسميع والتحميد كاملاً عند القيام من الركوع، أما إذا كان مأموماً في صلاة الجماعة فيقول التحميد فقط. [٢٩]
    4. الذكر في الركوع: يقول المصلي “سبحان ربي العظيم” ثلاث مرات. [٢٩]
    5. الذكر في السجود: يقول المصلي “سبحان ربي الأعلى” ثلاث مرات. [٢٩]
    6. سؤال الله المغفرة بين السجدتين: يُطلب المغفرة من الله -سبحانه وتعالى- بعد الرفع من السجدة الأولى وقبل السجود الثانية، كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-. عن حذيفة -رضي الله عنه-: “(أنَّ النَّبيَّ كان يقولُ بين السَّجدَتينِ: رَبِّ اغفِرْ لي، رَبِّ اغفِرْ لي)”.[٣٠][٢٩]
    7. التشهد الأول: يُؤدّى بالجلوس، والدليل على ذلك فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-. عن عبد الله بن مالك -رضي الله عنه-: “(صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام فلم يجلس، ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم، فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم)”.[٣١]
    8. الجلوس للتشهد الأول: يُعتبر واجباً، وذلك لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد سجود سهوٍ عندما نسي التشهّد والجلوس له. وكونه سجد سجود سهو ولم يرجع للتشهّد، فهذا دليل على أنّ التشهّد والجلوس له من الواجبات وليسا من أركان الصلاة. [٢٩]

    معنى الشرط

    الشروط هي الأمور التي تُؤثّر على صحة الشيء. فلو لم تكن موجودةً، فإنّ الشيء يُصبح غير صحيح. فمثلاً، الوضوء شرطٌ لصحة الصلاة، لكنّه ليس شرطاً أن يُصلي الإنسان في كل مرةٍ يتوضأ فيها.

    فأهمية شروط الصلاة تكمن في أنها تُؤثر على صحّة الصلاة، فإذا اختلّ أيّ شرط، فإنّ الصلاة تصبح باطلة.

    شروط الصلاة العامة

    هناك شروط عامة يجب توافرها في جميع العبادات بما فيها الصلاة:

    • الإسلام: لا تصحّ الصلاة إلا لمن دخل في الإسلام.
    • العقل: لا تصحّ الصلاة لمن فقد عقله.
    • التمييز: لا تصحّ الصلاة لمن لم يميز بين الحقّ والباطل.

    شروط الصلاة الخاصة

    للصلاة ستة شروط خاصة بها:

    1. دخول الوقت: من أهمّ شروط صحة الصلاة، فإذا لم يدخل وقت الصلاة، فإنّها لا تصحّ، لقوله تعالى: “(إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)”.[٣٤]
    2. ستر العورة: لا يجوز الصلاة والعورة مكشوفة، لقوله تعالى: “(يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)”.[٣٥]
    3. الطهارة من الحدث: الحدث هو كلُّ ما يمنع الصلاة، ويُقسم إلى نوعين:
      • حدث أكبر: يُوجب الغسل، مثل الحيض والجنابة.
      • حدث أصغر: يُوجب الوضوء، مثل البول.
    4. الطهارة من النجاسة: لا تصحّ الصلاة إذا كان هناك نجاسة يعلم بها المصلي. يجب أن يكون المصلي خالياً من النجاسة في ثلاثة مواضع:
      • البدن:
      • الملابس:
      • المكان:
    5. استقبال القبلة: من صلى إلى غير القبلة، فإنّ صلاته باطلة، لقوله تعالى: “(فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)”.[٣٧]
    6. النية: لا بدّ من النية لكي تصحّ الصلاة، والدليل على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “(إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)”.[٣٨]

    بهذه المعلومات الأساسية، يصبح بإمكانك فهم أركان وواجبات وشروط الصلاة، والحرص على أدائها بشكلٍ صحيح.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أركان كولتشاك: قصة ممثل تركي موهوب

المقال التالي

أروع أقوال الحكماء

مقالات مشابهة