أثر صنع المعروف

يُلقي هذا المقال الضوء على الفوائد المتعددة لصنع المعروف، سواءً على فاعله أو على من حوله، كما يبيّن كيف يُعزز صنع المعروف الروابط الاجتماعية ويقوي المجتمع ككل.

فوائـد صنـع الـمعروف

صنع المعروف سلوك إنساني نبيل، يتأثر به الفرد والمجتمع، ويؤثر فيهما. وهو طريقٌ مُضيءٌ نحوِ السعادةِ والرضا، يُزرع في قلوبِ الناسِ المحبةَ والوئامَ، ويُخلقُ بينهمَ روحَ التعاونِ والتآزرِ.

فوائد صنع المعروف على فاعله

إنّ لصنع المعروف آثارًا إيجابيةً عميقةً على فاعله، تُحفزُهُ على المُضيِّ قُدُمًا في طريق الخيرِ والإحسان. ومن هذهِ الفوائد:

عون الله للعبد

يُعدّ عون الله للعبد من أعظمِ المكافآتِ لصنعِ المعروفِ، حيثُ يُكافئهُ اللهُ من جنسِ عملهِ. جاء في الحديث الشريف:

“مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.” [١]

إنّ الله يُكافئُ المسلمَ على تفريجِ الكربِ، ويُعطي على تيسيرِ الحاجةِ، ويُكافئهُ على سترِ عيبِ المسلم، كما يُعينهُ اللهُ ما دامَ العبدُ يُعِينُ أخاهُ.

مغفرة الذنوب وزيادة الحسنات

تُعدّ صناعةُ المعروفِ من أفضلِ الأعمالِ وأعظمِها أجراً عند الله، فهي تُسهمُ في مغفرةِ الذنوبِ وزيادةِ الحسنات. فمن خلالِ الصدقةِ على نفسِك بأداءِ أوامرِ اللهِ والابتعادِ عن معصيتهِ، تُحظى بمغفرةِ ذنوبِكَ، ويزدادُ رصيدُ حسناتِكَ.

إنّ أعمالَ البرِّ والمعروفِ هي كلُّ فعلٍ وقولٍ اعتبرهُ الشرعُ حسناً، فالله يُكافئُ على القليلِ الكثير، فكلّما زادَ عطاؤُكَ، زادَ اللهُ من كرمهِ وفضلهِ عليك.

الوقاية من مصارع السوء

إنّ صاحبَ المعروفِ في الدنيا يُجنِّبهُ اللهُ مصارعَ السوءِ في هذهِ الحياةِ، ويُضاعفُ لهُ الأجورَ في الآخرةِ. يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-:

“صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوءِ والآفاتِ والهلكاتِ، وأهلُ المعروفِ في الدنيا همْ أهلُ المعروفِ في الآخرةِ.” [٤]

إنّ تقديمَ المعروفِ يُحفظُ العبدَ من الهلاكِ والأمراضِ والمصائبِ، فيُجنِّبهُ اللهُ ميتةَ السوءِ.

تذوّق متعة العطاء

كانَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُكثرُ من العطاءِ، فقد كانَ جواداً لا يسألهُ أحدٌ شيئاً إلا أعطاه، مما يُبيّنُ شغفَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وحبِّه للخيرِ، وتمتعهُ بتقديمِ المعروفِ ومساعدةِ المحتاج.

“كان النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ -عليه السَّلَامُ- يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عليه النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ، كانَ أجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.” [٦]

إنّ تذوّقَ متعةِ العطاءِ يُسهمُ في سعادةِ الفردِ، ويُحسّنُ من مزاجهِ، ويُشعرُهُ بالرضاِ عن نفسِه، مما يُحفزُهُ على المُضيِّ قُدُمًا في طريقِ الخير.

فوائد صنع المعروف على الغير

إنّ لصنع المعروفِ مع الغيرِ أثرٌ إيجابيٌّ على الفردِ والمجتمع، ويُسهمُ في تعزيزِ الروابطِ الاجتماعيةِ، ويرسخُ في المجتمعِ قيمَ التآزرِ والتكافل.

إدخال السرور على قلوبهم

يُعدّ إدخالُ السرورِ على قلوبِ المسلمينَ من أحبِّ الأعمالِ إلى الله، ومن أروعِ صورِ صنعِ المعروف. فإنّ إشباعَ جائعٍ، أو كسوةَ عريانٍ، أو إغاثةَ ملهوفٍ، تُدخِلُ السرورَ على قلوبِهم، وتُحسّنُ من حالِهم.

“الخلق كُلُّهم عِيال الله، فَأَحبُّهُم إلى الله أنفَعُهُم لعياله.” [٨]

إنّ صنعَ المعروفِ يُسهمُ في تحسينِ حياةِ الآخرين، ويساعدُهم على تخطّيِ الصعوباتِ التي يواجهونها.

مساعدتهم وقضاء حاجاتهم

يُحثّنا الإسلامُ على التعاونِ في الخيرِ، وقضاءِ حاجاتِ الناسِ، قال اللهُ تعالى:

“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ.” [١٠]

وجاء في الحديثِ الشريف:

“مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى).” [١١]

إنّ مساعدةَ الناسِ وقضاءَ حاجاتِهم تُؤكّدُ على أهميةِ التآزرِ والتكافلِ في المجتمع، وتُعزّزُ من شعورِ الانتماءِ والوحدةِ بينِ أفرادهِ.

خاتمة

إنّ صنعَ المعروفِ عملٌ عظيمٌ يُشهدُ لهُ بالخيرِ في الدنيا والآخرة، فهو يُسهمُ في تذوّقِ متعةِ العطاءِ، ومُحاربةِ الشرِّ والظلمِ، ويُخلقُ مجتمعًا متماسكًا يُسودهُ الحبُّ والتآزرُ.

فلتكنْ حياتُنا مُفعمةً بالمعروفِ والإحسان، ونلتزمْ بتقديمِ المساعدةِ لمن يحتاجها، ونعملْ على نشرِ روحِ التكافلِ والتآزرِ في مجتمعاتِنا.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2699، حديث صحيح.
  2. عبد العزيز ابن باز (1420)، فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (الطبعة 1420)، صفحة 19، جزء 17. بتصرّف.
  3. عبد الكريم القشيري (465)، لطائفُ الإشارات تفسير القشيري (الطبعة 3)، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، صفحة 363، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الإمام السيوطي، في الجامع الصغير، عن انس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5023، حديث صحيح.
  5. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق، صفحة 360، جزء 10. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1902، حديث صحيح.
  7. محمد بن ابراهيم التويجري (2009)، موسوعة الفقه الاسلامي (الطبعة 1)، صفحة 661، جزء 3. بتصرّف.
  8. رواه الالباني، في الجامع الضعيف، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2946، ضعيف جدا.
  9. مازن الفريج، كيفَ تكسبُ الناس، صفحة 17. بتصرّف.
  10. سورة المائدة، آية: 2
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 2586، حديث صحيح.
Total
0
Shares
المقال السابق

دور صناعة الترفيه في المملكة العربية السعودية

المقال التالي

أثر علم النحو في إعجاز القرآن الكريم

مقالات مشابهة