فهرس المحتويات
المقطع | العنوان |
---|---|
1 | جمال زهور اللوز في شعر محمود درويش |
2 | شجرة الزيتون الخالدة في شعر درويش |
3 | أشعار مؤثرة عن الوداع |
4 | روائع شعر الغزل |
جمال زهور اللوز في شعر محمود درويش
يقول الشاعر محمود درويش:
ولوصف زهر اللوز، لا موسوعةُ الأزهار تسعفني، ولا القاموسُ يسعفني… سيخطفني الكلام إلى أَحابيل البلاغةِ، والبلاغَةُ تجرح المعنى وتمدح جُرْحَهُ، كمذكَّرٍ يُمْلي على الأُنثى مشاعرها. فكيف يشعُّ زهر اللوز في لغتي أَنا وأنا الصدى، وَهُوَ الشفيفُ كضحكة مائية نبتت على الأغصان من خَفَر الندى… وَهُوُ الخفيفُ كجملةٍ بيضاءَ موسيقيّةٍ… وَهُوَ الضعيف كلمح خاطرةٍ تُطِلُّ على أَصابعنا ونكتبها سُدَى… وهو الكثيف كبيت شِعْرٍ لا يُدَوَّنُ بالحروف. لوصف زهر اللوز تَلْزُمني زيارات إلى اللاوعي تُرْشِدُني إلى أَسماء عاطفةٍ مُعَلَّقةٍ على الأشجار. ما اُسُمهْ؟ ما اسم هذا الشيء في شعريّة اللاشيء؟ يلزمني اختراقُ الجاذبيِة والكلام لكي أحِسَّ بخفة الكلمات حين تصير طيفاً هامساً، فأكونها وتكونني شفّافَةً بيضاءَ. لا وَطَنٌ ولا منفى هِيَ الكلماتُ، بل وَلَعُ البياض بوصف زهر اللوز. لا ثَلْجٌ ولا قُطْنٌ، فما هُوَ في تعاليهِ على الأشياء والأسماء؟ لو نجح المؤلِّفُ في كتابة مقطعٍ في وصف زهر اللوز، لانحسر الضبابُ عن التلال، وقال شَعْبٌ كاملٌ: هذا هُوَ، هذا كلامُ نشيدنا الوطني!
يضيف الشاعر إيليا أبو ماضي لمسة أخرى لوصف الزهور:
إِن تَرَ زَهرَةَ وَردٍ فَوقَها لِلطَلِّ قَطرَه، فَتَأَمَّلَها كَلُغزٍ غامِضٍ تَجهَلُ سِرَّهُ، وَلْتَكُن عَينُكَ كَفّاً، وَلْيَكُن لَمسُكَ نَظرَه، لَيْسَتِ الحَمراءُ جَمرَه، لا وَلا البَيضاءُ دَرَّه، رُبَّ روحٍ مِثلُ روحي عافَتِ الدُنيا المُضِرَّه، فَاِرتَقَت في الجَوِّ تَبغي مَنزلاً فَوقَ المَجَرَّه، عَلَّها تَحيا قَليلاً في الفَضاءِ الحُرِّ حُرَّه، ذَرَفَتها مُقلَةُ الظَلماءِ عِندَ الفَجرِ قَطرَه.
شجرة الزيتون الخالدة في شعر درويش
يستمر درويش في وصفه الرائع، هذه المرة لشجرة الزيتون:
شجرة الزيتون لا تبكي ولا تضحك، هي سيدة السفوح المحتشمة بظلها تغطّي ساقها، ولا تخلع أوراقها أمام عاصفة، تقف كأنها جالسة، وتجلس كأنها واقفة، تحيا أختاً لأبدية أليفة، وجارة لزمن، عينيها على تخزين الزيت النوراني، وعلى نسيان أسماء الغزاة، ما خلا الرومان الذين عاصروها واستعاروا بعض أغصانها لضفر الأكاليل، لم يعاملوها كأسيرة حرب، بل كجدة محترمة ينكسر السيف أمام وقارها النبيل. في فضة حضرتها المتقشفة، خفر اللون من الإفصاح، والنظر إلى ما وراء الوصف، فلا هي خضراء ولا فضية، هي لون السلام إذا احتاج السلام إلى فصيلة لون، لا يقول لها أحد كم أنتِ جميلة، لكنه يقول: كم أنت نبيلة وجليلة، وهي التي تُدرِّب الجنود على نزع البنادق، وتُمرِّنهم على الحنين والتواضع: عودوا إلى بيوتكم وأضيئوا بزيتي القناديل، لكن هؤلاء الجنود، هؤلاء الجنود الجدد يحاصرونها بالجرافات ويجتثونها من سلالة الأرض… ينتصرون على جدتنا التي انقلبت، وصار فرعها في الأرض وجذورها في السماء، لم تبكِ ولم تصرخ، إلا أن أحد أحفادها ممن شاهدوا عملية الإعدام رمى جندياً بحجر، واستشهد معها، وعندما مضى الجنود منتصرين دفناه هناك: في الحفرة العميقة مهد الجدة، ولسبب ما كأنها متأكدين من أنه سيصبح بعد قليل شجرة زيتون… شجرة زيتون شائكة… وخضراء.
أشعار مؤثرة عن الوداع
يصور الشاعر غازي القصيبي لحظة وداع مؤثرة:
أبي! ألا تصحبنا؟ إنني أود أن تصحبنا… يا أبي! وانطلقت من فمها آهة حطت على الجرح… لم تذهب! ومضت في عينها دمعة مالت على الخد… ولم تسكب! عاتبتني كبرت دميتي، وهي التي من قبل لم تعتب! هكذا تهجرنا يا أبي؟ لزحمة الشغل وللمكتب؟ يا أجمل الحلوات… يا واحة عبر صحاري الظمأ الملهب! أبوك مذ أظلم فجر النوى، يعيش بين الصل والعقرب، يضحك… لو تدرين كم ضحكة تنبع من قلب الأسى المتعب! يلعب… والأحزان في نفسه كحشرجات الموت لم تلعبي! ود لولا الكبر، لو أنه أجهش لما غبت… لا تذهبي يا أجمل الحلوات… يا فرحتي، يا نشوتي الخضراء… يا كوكبي! أبوك في المكتب لما يزليه، هو إلى الطيب والأطيَب، يصنع حلماً خير أحلامه أن يسعد الأطفال في الملعب، من أجل يارا ورفيقاتها، أولع بالشغل… فلا تغضبي!
و يضيف إيليا أبو ماضي أبعاداً أخرى للوداع:
أَزَفَّ الرَحيلُ وَحانَ أَن نَتَفَرَّقَ، فإِلى اللِقا يا صاحِبَيَّ إِلى اللِقا، إِن تَبكِيا فَلَقَد بَكَيتُ مِنَ الأَسى، حَتّى لَكِدتُ بِأَدمُعي أَن أَغرَقَ، وَتَسَعَّرَت عِندَ الوَداعِ أَضالِيعي، ناراً خَشيتُ بِحَرّها أَن أَحرَقَ، ما زِلتُ أَخشى البَينَ قَبلَ وُقوعِهِ، حَتّى غَدَوتُ وَلَيسَ لي أَن أُفرَقَ، يَومَ النَوى لِلَّهِ ما أَقسى النَوى، لَولا النَوى ما أَبغَضَت نَفسي البَقارَ، حَنَا حَيارى صامِتينَ كَأَنَّما لِلهَولِ نَحذُرُ عِندَهُ أَن نَنطِقَ، أَكبادُنا خَفّاقَةٌ وَعُيونُنا لا تَستَطيعُ مِنَ البُكا أَن تَرمُقَ، تَتَجاذَبُ النَظَراتِ وَهيَ ضَعيفَةٌ، وَنُغالِبُ الأَنفاسَ كَيلا تُزهَقَ.
روائع شعر الغزل
يقدم الشاعر عمارة اليمني قصيدة غزلية رائعة:
شأنُ الغرامِ أجلُّ أنْ يَلْحَنَ فيهِ وإنْ كُنْتُ الشَّفِيقَ الحَنَانِي، أنا ذلكَ الصَّبُّ الذي قَطَعْتُ بِهِ صِلَةَ الغرامِ مَطامِعَ السُّلْوَانِ، نَمَتْ رَجَاحَةُ صَبْرِهِ بِضَمِيرِهِ، فَبَدَتْ خَفِيَّةُ شَأْنِهِ للشَّانِي، غَدَرَتْ بِمُوثِّقِها الدُّمُوعُ فَغَادَرَتْ، سَرِي أَسِيرًا فِي يَدِ الإِعْلانِ، عَنِفَتْ أَجْفَانِي فَقامَ بِعُذْرِها وَجْهٌ يُبِيحُ وَدائِعَ الأَجْفَانِ، يا صارِفًا نَحْوِي عِنانَ مَلامَةٍ، والشَّوْقُ يَصْرِفُ عَنْهُ فَضْلَ عَنَانِي، أَقْصِرُ عَلَيْكِ فَطالَما أَشْجَانِي رِيمٌ تُهِيجُ بِذِكْرِهِ أَشْجَانِي، كَلِّفْنِي بِغَرَّتِهِ الَّذِي أَلْجَانِي، لِتَخْضَعِي وَهُوَ المُسِيءُ الجَّانِي، يَقْرَأُ غَرامِي مِنْ صَحِيفَةِ خَدِّهِ، بَشَرَ الرِّضا وَتَجَهُّمُ الغَضْبانِ، مُتَعِبٌ أَهْدَى إِلَيَّ عَتابَهُ، صِلًا مَشَى فِي صُورَةِ الهِجْرانِ.
و هنا أبيات من الشاعر ابن قلاقس:
أَظُنُّ البَدْرَ نازِعَكَ الكَمالَ، فَباتَ يُرِيهِ إِخْمصَكَ الهِلالُ، وَقَدْ تَرَكْتَ ذَوابِلَكَ اللَّيالِي، تَدُورُ عَلى أَسْنَّتِها ذُبالُ، وَلَيْسَ الغَيْثُ إِلاَّ ما أَراهُ، بِكَفِّكَ سَحَّ وَبْلاً أَوْ وَبالُ، الكَلِمُ الحَسَنُ البَلِيقُ لِسانُ فِعْلٍ، إِذا طَلَبَ المَقالَ بِهِ اسْتَقالَ، وَأَيْنَ السَّيْفُ مِنْ فَتَكاتِ عَزْمٍ، نَهوضٍ لا كُلولَ وَلا كَلالُ، أَبْيَضُ خاطِبٍ نَثْرَ الأَعْدادِ، وَرُؤُوسَهُمْ يَمِيناً أَوْ شِمالاً، إِلى سُمْرٍ أَشاعِرُهُ أُدِيرَتْ، فَنَظَّمَتِ الرِّجالَ لَكَ ارْتِجالاً، وَمِثْلُكَ فِي انْفِرادِكَ بِالمَعَالِي، تَعَالَى أَنْ نُصِيبَ لَهُ مِثالاً، غِمامٌ أَطْلَعَ الآراءَ شَمْساً، وَشَمْسٌ مَدَّتِ الأَيْدِي ظِلالاً، وَمِثْلُكَ مَلْءُ عَيْنِ الدَّهْرِ حُسْناً، وَمَلْءُ قُلُوبِ أَهْلِيهِ جَلالاً، لَهُ عَزْمٌ كَنَوائِلِهِ شَباباً، إِلى حِلْمٍ كَحِنْكَتِهِ اكْتِهالُ، تَقَلَّدَتِ الخِلافَةُ مِنْهُ عَضْباً، كَفاها فِي الجَلادِ بِهِ الجِدالُ، تُجَرِّدُهُ فِيَكْسُوها جَمِيلًا، وَتُغْمِدُهُ فِيَكْسُوها جَمالاً، إِذا ما هَمَّ يَعْرِفُ نُكولاً، وَلَمْ يُنْكِرْ أَعْدائِهِ نَكالاً، بَخِيلٌ كُلَّما انْدَفَعَتْ قِسِيّاً، تَفَوَّقَ مِنْ فُوارِسِها نِبالاً، تَرى البَيْضَ القِصارَ مُطابِقاتٍ، عَلى أَرْجائِها السُُّمْرُ الطُّوالُ، وَكَفُّ النَّصْرِ قَدْ كَتَبَتْ سِجِلّاً، بِأَنَّ الحَرْبَ ما خُلِقَتْ سِجالاً.