عبادات ليلة القدر

تعرف على أفضل العبادات والطاعات في ليلة القدر، وفقًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، مع شرح مفصل لأهميتها وفوائدها الروحية والتقوية الإيمانية
تلاوة القرآن الكريم قيام الليلالذكر والدعاء
الصدقةالاعتكاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم
أهمية ليلة القدر

غنى الروح بتلاوة كتاب الله

يُعدّ الإقبال على القرآن الكريم في شهر رمضان، وخاصة في ليلة القدر، من أهم العبادات التي يُنصح بها. ففي هذه الليلة المباركة، تتجلى بركة تلاوة القرآن الكريم، وتدبره، ومدارسة آياته. يُعتبر هذا العمل اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان جبريل عليه السلام يعارضه القرآن الكريم في كل عام مرة، وفي عام وفاته، عارضه مرتين. وقد أشار ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن تلاوة القرآن في رمضان تُعدّ من علامات الجود، كما في الحديث الشريف: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وأَجْوَدُ ما يَكونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ، لأنَّ جِبْرِيلَ كانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ في شَهْرِ رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عليه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كانَ أجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ). [١]

وقد أوضح ابن حجر رحمه الله أنَّ حكمة ذلك تكمن في تجديد العهد بالقرآن، مما يُغني النفس، والغنى سبب للجود [٢]. وقد كان السلف الصالح يُظهرون عناية خاصة بقراءة القرآن في رمضان، كما فعل الإمام الشافعي الذي كان يختم القرآن ستين مرة، والإمام مالك الذي كان يغلق كتبه ويتفرغ للقرآن عند حلول رمضان [٣].

فضل قيام الليل

حث الله تعالى على قيام الليل، وجعله شرفاً للمؤمن لما فيه من تقرب إلى الله. فقيام الليل يُكسِب المؤمن أجورًا عظيمة، ويساعده على مواجهة مشاكل الحياة. ويتضاعف فضل قيام الليل في الأوقات المباركة كشهر رمضان وليلة القدر. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام رمضان فقال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ). [٤] وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة قيام رمضان مع الصحابة أيامًا ثم تركها خشية أن تُفرض عليهم، أو خشية أن يعتقدوا أنها لا تصح إلا في المسجد. وظل الناس يصلونها فرادى حتى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي جمعهم على إمامين [٥]. ويسنّ للمسلمين الاجتماع لقيام الليل في المسجد، خاصة في شهر رمضان بعد صلاة العشاء.

التضرع والدعاء

تتضاعف الأجور في شهر رمضان، ويُستجاب فيه الدعاء. لذا، يُستحب للمسلم اغتنام هذا الشهر بكثرة الدعاء وذكر الله، رجاءً لرحمته ومغفرته. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الدعاء بشكل عام، وسؤال الله الجنة والنجاة من النار، وذلك في جميع أيام السنة، كذكر الله بعد الصلاة، وعند النوم، وفي الصباح والمساء. وأفضل الأذكار هي الباقيات الصالحات الواردة في قوله تعالى: (والباقيات الصالحات) [٦] وهي: “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله” [٧]. وتُعدّ ليلة القدر من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء. وقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم ماذا تقول في ليلة القدر إن هي أدركتها، فقال: (قولي: اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي) [٨]. ويكون الدعاء مستجاباً حال الصيام وعند الإفطار [٩].

فضل الصدقة في ليلة القدر

تُستحب الصدقة في جميع أيام شهر رمضان، لكنها تكون أفضل في العشر الأواخر، وذلك اقتداءً بقوله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [١١]. فالعمل الصالح في ليلة القدر أفضل من العمل الصالح في ألف شهر، لذا يُسنّ استغلال هذا الأجر الكبير بالإكثار من الصدقة والإحسان للآخرين [١٢].

خلوة العبادة: الاعتكاف

يصح الاعتكاف طوال العام، لكنه يكون أكمل في العشر الأواخر من رمضان، لما فيها من ليلة القدر. وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكفت زوجاته من بعده [١٣]. يُصبح الاعتكاف واجباً في حالة النذر، ويجوز بلا صوم، إلا أنه مع الصوم أفضل. وقد شرع الله تعالى الاعتكاف للأمم السابقة قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم [١٤]. وقد اتفق الفقهاء على أن الاعتكاف سنة للنساء كما هو سنة للرجال، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنت عائشة فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت [١٥، ١٦]. وشرع الله تعالى الاعتكاف لغايات كثيرة، ومنها: تفرغ القلب عن مشاغل الدنيا والانشغال بطاعة الله، والانس والخلوة به، بحيث يصبح ذكر الله وحبه والتفكر في مرضاته من أعظم الطاعات عند المعتكف [١٧].

سنة النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الطاعات في شهر رمضان، لكنه كان يُكثر في العشر الأواخر منه أكثر من غيرها. فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها في وصفها له عند دخول العشر الأواخر أنها قالت: (إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ) [١٨]. وقال ابن حجر إن هذا الحديث فيه دلالة على مداومة القيام في العشر الأواخر، رجاء ختم الشهر بالخير [١٩]. وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أنه كان يعتكف، ويلزم المسجد للعبادة والطاعة والانشغال بالذكر والدعاء لإدراك ليلة القدر، وإدراك مغفرة الله تعالى، كما كان يُوقظ نساءه للقيام معه [٢٠].

عظمة ليلة القدر

فضّل الله تعالى ليلة القدر على باقي ليالي العام لما تتمتع به من خصائص تُميّزها عن غيرها، منها: أنزل الله فيها القرآن، كما في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [٢٣]. وهذا يدل على شرفها وعظمتها. يُعدل العمل فيها عمل أكثر من ألف شهر، أي ما يزيد عن ثمانين سنة، والعمل في هذه الليلة يكون مضاعفاً، كما قال تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [١١]. يفتح الله فيها أبواب الخير والمغفرة، ويُضاعف فيها الأجور. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قيامها سبب لمغفرة ما تقدم من الذنوب، ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) [٢٤].

References would go here, replace with actual references

[١] … [٢] … [٣] … [٤] … [٥] … [٦] … [٧] … [٨] … [٩] … [١٠] … [١١] … [١٢] … [١٣] … [١٤] … [١٥] … [١٦] … [١٧] … [١٨] … [١٩] … [٢٠] … [٢١] … [٢٢] … [٢٣] … [٢٤] …

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

طقوس ليلة العيد المباركة

المقال التالي

جهود مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: مسيرة إنجاز

مقالات مشابهة