تفسير الفقر
يمكن تعريف الفقر بأنه وضع اقتصادي يعاني فيه الفرد من نقص حاد في الدخل، مما يؤدي إلى عدم القدرة على تأمين الضروريات الأساسية للحياة الكريمة. وتشمل هذه الضروريات الرعاية الصحية المناسبة، والغذاء الكافي، والملبس اللائق، والتعليم الجيد، وغيرها من الاحتياجات التي تضمن مستوى معيشة مقبولاً. ينتج الفقر عادةً عن تدني مستوى النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة في المجتمع. وهذا التعريف يركز على الجانب المادي والمعيشي لحياة الإنسان.
أصناف الفقر
يتخذ الفقر صوراً وأشكالاً مختلفة، تتنوع بحسب طبيعة النقص ومداه، وكذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بالفرد والمجتمع. يمكن تصنيف الفقر إلى عدة أنواع رئيسية:
- الفقر المدقع (المطلق): وهو أشد أنواع الفقر، حيث يعاني الفرد من نقص حاد وشامل في جميع متطلبات الحياة الأساسية. لا يجد الفقير المدقع ما يسد به رمقه من الطعام، ولا يملك الملبس الذي يستر به جسده، ولا المأوى الذي يحميه من تقلبات الطقس.
- الفقر المقارن (النسبي): يختلف هذا النوع من الفقر باختلاف المجتمعات والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة فيها. يتمثل الفقر النسبي في عدم قدرة الفرد على الحصول على الموارد اللازمة لتلبية الحد الأدنى من مستويات المعيشة المقبولة في المجتمع الذي يعيش فيه.
- فقر المداخيل: يتم تحديد هذا النوع من الفقر بناءً على حجم دخل الأسرة وعدد أفرادها، وخاصةً عدد الأطفال. لا يوجد مستوى ثابت للدخل يمكن اعتباره خط فقر مطلق، بل يختلف تبعاً للظروف الخاصة بكل أسرة.
- الفقر الظرفي (الدوري): يظهر هذا النوع من الفقر في فترات محددة، وينتشر على نطاق واسع نتيجة لأحداث استثنائية تؤثر على المجتمع ككل. من أمثلة هذه الأحداث الحروب، والأزمات الاقتصادية، والكوارث الطبيعية التي تتسبب في نقص حاد في الغذاء والموارد الأخرى.
- الفقر المستوطن (الجماعي): يتميز هذا النوع من الفقر بنقص الموارد الأساسية على نطاق واسع، مما يؤثر على مجتمع بأكمله أو على شريحة كبيرة من السكان. يستمر الفقر الجماعي لفترات طويلة، وقد ينتقل عبر الأجيال، وينتشر غالباً في المناطق التي عانت من الاستعمار أو تشهد صراعات وحروباً مستمرة.
دوافع الفقر
تتعدد الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة الفقر، وتشمل:
- تفشي الفساد وسوء الإدارة: يؤدي الفساد الإداري والمالي إلى تبديد الموارد العامة واستغلالها في غير وجهها الصحيح، مما يحرم الفقراء من الحصول على حقوقهم الأساسية.
- انتشار الجريمة والفوضى: يؤدي عدم الاستقرار الأمني إلى تعطيل حركة التجارة والاستثمار، ويقوض فرص العمل، ويجعل الفقراء أكثر عرضة للاستغلال.
- الكوارث الطبيعية: تتسبب الفيضانات والجفاف والزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية في تدمير الممتلكات والمحاصيل الزراعية، مما يزيد من معاناة الفقراء ويدفعهم إلى حافة المجاعة.
- الإدمان على المخدرات والمسكرات: يؤدي الإدمان إلى استنزاف الموارد المالية للأسرة، ويؤثر سلباً على قدرة الفرد على العمل والإنتاج، ويزيد من احتمالية ارتكابه للجرائم.
- الكسل والتقاعس عن العمل: قد يكون الكسل وعدم الرغبة في العمل سبباً في بقاء الفرد في دائرة الفقر، خاصةً في المجتمعات التي تتوفر فيها فرص العمل.
- الاستعمار والحروب والصراعات الداخلية: تتسبب هذه العوامل في تدمير البنية التحتية والاقتصادية للبلاد، وتزيد من معدلات البطالة والفقر.
- الزيادة السكانية: قد تؤدي الزيادة السكانية غير المتوازنة مع الموارد المتاحة إلى زيادة الضغط على الخدمات الأساسية وتفاقم مشكلة الفقر.
- تدني مستوى التعليم وانعدام المهارات: يقلل ضعف التعليم وعدم امتلاك المهارات اللازمة من فرص الحصول على عمل جيد، ويزيد من احتمالية البقاء في وظائف ذات أجور منخفضة.
- انتشار النزعة المادية: قد يؤدي التركيز المفرط على جمع المال والممتلكات إلى إهمال الجوانب الأخرى من الحياة، مثل العلاقات الاجتماعية والأسرية، مما يزيد من الشعور بالوحدة والعزلة لدى الفقراء.
- العادات والتقاليد البالية: قد تساهم بعض العادات والتقاليد السلبية في تكريس الفقر، مثل الزواج المبكر والإسراف في المناسبات الاجتماعية.
- هيمنة الشركات الكبرى والإسراف في الإنفاق: قد تؤدي ممارسات بعض الشركات الكبرى إلى استغلال العمال وتدمير البيئة، بينما يزيد الإسراف في الإنفاق من الضغط على الموارد الطبيعية ويحرم الفقراء من الحصول على نصيبهم العادل.
استراتيجيات مواجهة الفقر
توجد العديد من الطرق والأساليب الفعالة التي يمكن اتباعها للتخفيف من حدة الفقر ومعالجته، ومن أهمها:
- السعي والعمل الجاد: فالرزق لا يأتي إلا بالسعي والعمل، وقد حث الدين الإسلامي الحنيف على العمل وامتهان مختلف المهن.
- تكافل الأغنياء مع الفقراء: من خلال صلة الأرحام وكفالة المحتاجين من الأقارب، يتحقق التكافل الاجتماعي الذي يضمن حياة كريمة للجميع.
- تفعيل الزكاة: فقد فرض الله تعالى للفقراء نصيباً معلوماً من أموال الزكاة، حيث يقول الله تعالى:
- الصدقة: تساهم الصدقة في حل مشكلة الفقر، وتحقيق التكافل الاجتماعي، ونيل الثواب والأجر من الله تعالى.
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). [التوبة: 60]
المصادر
- موقع جامعة الملك عبد العزيز: www.kau.edu.sa
- موقع ثوت كو: www.thoughtco.com
- موقع الألوكة: www.alukah.net