مقدمة
على مر العصور، استعملت اللغة العربية كلمتي “النور” و “الضياء” للإشارة إلى الإشعاع المرئي، وغالباً دون تمييز واضح بينهما. ولكن، مع ظهور القرآن الكريم، الذي يتميز بشموليته وإحاطته بكل جوانب حياة الإنسان، تم تقديم تفصيل دقيق لمعنى كل مصطلح، وتوضيح الفروق الدقيقة في استخدامهما. هذا التمييز يظهر بوضوح في العديد من الآيات القرآنية، مما يبرز الإعجاز اللغوي والعلمي للقرآن.
ومن هذه الآيات الكريمة، قول الله عز وجل: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا”. هذه الآية، وغيرها، لعبت دوراً محورياً في دحض مزاعم المشككين في مصدر القرآن، وأكدت على أنه كلام الله، الخالق والعالم بكل شيء.
التمييز المفهومي بين الضياء والنور
استنتج علماء المسلمين الأوائل، بناءً على تدبرهم لنصوص القرآن الكريم، وجود فرق جوهري بين مفهومي الضياء والنور. استناداً إلى هذا التدبر، عُرّف الضياء بأنه الإشعاع الصادر من الأجسام المضيئة بذاتها، نتيجة احتراق المواد والغازات الموجودة فيها، وما يصاحب ذلك من حرارة، كما هو الحال في الشمس والنجوم.
أما النور، فيعبر عن الإشعاع المرئي المنعكس عن سطح جسم ما بعد اصطدامه به، دون أن يكون هذا الجسم مصدراً للحرارة أو الاحتراق. مثال على ذلك نور القمر والكواكب.
المنظور الفيزيائي للضياء والنور
في العصر الحديث، تمكن العلماء من تحديد الطبيعة الفيزيائية للضوء، واكتشفوا أنه يتكون من موجات كهرومغناطيسية مرئية، تتراوح أطوالها الموجية بين 4000 و 8000 أنجستروم. أُطلق على الموجات الطويلة اسم “الأشعة تحت الحمراء”، وعلى الموجات القصيرة اسم “الأشعة فوق البنفسجية”. كلا النوعين يقع خارج نطاق رؤية العين البشرية.
يصدر الجسم المضيء ضياءً بترددات موجية مختلفة، تسير متجاورة لتشكل ما يسمى بالإشعاع الضوئي. تتحرك هذه الإشعاعات بسرعة هائلة في الفراغ، تقارب 300 ألف كيلومتر في الثانية. عندما يصطدم هذا الإشعاع بجسم ما، يمتص الجسم جزءاً منه، بينما ينعكس الجزء الأكبر، مشكلاً النور المنبعث منه. يلعب كل من الضياء الصادر من الأجسام المضيئة والنور المنعكس عن الأجسام غير المضيئة دوراً حيوياً في تمكين العين البشرية من رؤية الأجسام المختلفة في الكون.
المصادر
- الإعجاز في استعمال القرآن أن الشمس ضياء والقمر نور (islamweb.net)
- الضياء والنور (quranway.com)
- الضوء والنور بين المعارف الفيزيائية والقرآنية (quran-m.com)