فهرس المحتويات
مقدمة
يخلط الكثير من الناس بين مفهومي الزكاة والصدقة، على الرغم من وجود فروق جوهرية بينهما، سواء من حيث الحكم الشرعي، أو المستحقين، أو الثواب والعقاب المترتب عليهما، أو حتى كيفية الإنفاق. يهدف هذا المقال إلى توضيح هذه الفروق بشكل مفصل.
التمايز في الحكم الشرعي
الزكاة فريضة وركن من أركان الإسلام، وهي واجبة في أموال مخصوصة بشروط محددة، كالذهب والفضة، والأنعام، والمحاصيل الزراعية، وعروض التجارة. يشترط لوجوبها بلوغ النصاب وحولان الحول (في بعض الأموال)، ولها مقدار معلوم يجب إخراجه. أما الصدقة، فهي تطوع وقربة إلى الله، وليست واجبة، ويجوز التصدق بأي شيء وفي أي وقت، ولا يشترط لها شروط معينة ولا مقدار محدد.
التباين في تحديد المستحقين
للزكاة مصارف محددة ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم، ولا يجوز صرفها لغير هؤلاء الأصناف. أما الصدقة، فيجوز إعطاؤها لأي شخص محتاج، سواء كان مسلما أو غير مسلم، قريبا أو بعيدا، غنيا أو فقيرا.
لا يجوز دفع الزكاة للأصول (كالوالدين والأجداد) أو الفروع (كالأبناء والأحفاد)، بينما يجوز إعطاء الصدقة لهم. كما لا يجوز إعطاء الزكاة للغني القادر على الكسب، بينما يجوز إعطاء الصدقة له.
الفرق في الجزاء الأخروي
تارك الزكاة أو مانعها يستحق العذاب في الآخرة، لكونه ترك فريضة من فرائض الإسلام. أما تارك الصدقة، فلا يعذب، لكنه يحرم من الأجر والثواب المترتب على فعلها.
التمييز في أوجه الإنفاق
يقتصر إنفاق الزكاة على المصارف الثمانية المحددة شرعاً، بينما الصدقة أوسع نطاقاً، حيث يمكن إنفاقها في وجوه الخير المتعددة، مثل بناء المساجد والمستشفيات، وطباعة الكتب، ورعاية الأيتام، وإطعام المساكين، وغير ذلك.
وكل زكاة تسمى صدقة، وليس كل صدقة تسمى زكاة؛ لأن كل ما يخرجه الإنسان من ماله فهو صدقة، سواء أكان واجباً أم غير واجب، والزكاة مقيدة بمقدار محدد، بخلاف الصدقة التي تجوز بأي مقدار من المال.
المستحقون للزكاة
حدد الله تعالى مصارف الزكاة في الآية الكريمة:
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 60].
وفيما يلي شرح موجز لهذه الأصناف:
- الفقراء: وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم من المال لسد حاجاتهم الأساسية.
- المساكين: وهم الذين يجدون بعض المال، لكنه لا يكفيهم لسد حاجاتهم.
- العاملون عليها: وهم الموظفون الذين يقومون بجمع الزكاة وتوزيعها.
- المؤلفة قلوبهم: وهم الذين يرجى إسلامهم أو تثبيت إيمانهم بإعطائهم من الزكاة.
- في الرقاب: وهم العبيد الذين يشترون حريتهم من مال الزكاة.
- الغارمون: وهم المدينون الذين لا يستطيعون سداد ديونهم.
- في سبيل الله: وهو كل عمل يهدف إلى نصرة الإسلام وإعلاء كلمته.
- ابن السبيل: وهو المسافر الذي انقطع به المال في سفره.
الآثار الإيجابية للزكاة والصدقة
للزكاة والصدقة فوائد عظيمة تعود على الفرد والمجتمع، منها:
- تطهير المال وتنميته، كما قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) [التوبة: 103].
- تحقيق التكافل الاجتماعي وسد حاجة الفقراء والمساكين.
- تنمية روح الإخاء والمحبة بين أفراد المجتمع.
- الوقاية من الجرائم والمفاسد الاجتماعية.
- الفوز برضا الله تعالى والجنة في الآخرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“كلُّ امرِئٍ في ظلِّ صَدقتِهِ، حتَّى يُفصَلَ بينَ النَّاسِ أو قالَ يُحكَمَ بينَ النَّاسِ”
وقال تعالى:
(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39].
وقال عز وجل:
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 274].
المصادر
تمت الاستعانة بمصادر متعددة لإعداد هذا المقال، منها كتب الفقه والتفسير، ومواقع إسلامية موثوقة.