أبو موسى الأشعري: نبذة عن حياته
أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه، هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب. كان من بين الصحابة الذين نالوا شرف القراءة على النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، واستفاد من علمه الغزير وجاهد معه في سبيل الله. هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووصل مع أهل السفينتين بعد فتح خيبر. في فترة الخلفاء الراشدين، تولى إدارة الكوفة ثم البصرة، وكان يعتبر من أبرز القراء والفقهاء في البصرة.
تميز أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه، بالعلم والعمل الصالح. وقد عُرف بصوته العذب والجميل. رُوي عن أبي موسى رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “يا أبا موسى لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود”.
وصف صوت أبي موسى في تلاوة القرآن
كان صوت أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم، مزماراً يسر القلوب ويأسر الألباب. كان صوته أشبه بالناي في رقته وعذوبته، فإذا شرع في تلاوة القرآن، تمنى السامعون ألا يتوقف أبداً؛ لما فيه من جمال وروعة.
ذكر سعيد بن عبد العزيز، نقلاً عن أبي يوسف حاجب معاوية: “أن أبا موسى الأشعري قدم على معاوية، فنزل في بعض الدور بدمشق، فخرج معاوية من الليل ليستمع قراءته”. وقال العجلي: “ولم يكن في الصحابة أحد أحسن صوتاً منه”. وقال عبد الله بن محمد: “حدثنا شاذان، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي التياح، عن الحسن، قال: ما أتاها راكب -يعني البصرة- خير لأهلها منه يعني أبا موسى”. وروى النهدي: “ما سمعت طنبوراً ولا صنجاً ولا مزماراً أحسن من صوت أبي موسى، كان يصلي بنا فنود أنه قرأ البقرة”.
استثمار أبي موسى الأشعري لحسن صوته في خدمة القرآن
كرس أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه، حياته لتعليم القرآن الكريم، وبذل جهداً كبيراً في هذا المجال. أينما حل، كان يسعى لتعليم الناس كتاب الله. وبفضل صوته الجميل وتلاوته الخاشعة، استطاع أن يجذب الكثيرين لطلب العلم والتتلمذ على يديه.
حوّل مسجد البصرة إلى مركز للعلم والتعلّم، فكان بعد الانتهاء من الصلاة يتوجه إلى الناس ليستمع إلى قراءتهم ويصحح أخطائهم. وكان تنظيمه لتعليم القرآن يعتمد على تقسيم الطلاب إلى مجموعات، يتنقل بينها وهو يرتدي ثوبين أبيضين، يقرأ ويستمع إليهم، ويقوم بتصحيح أخطائهم. وقد تخرج على يديه أكثر من ثلاثمئة رجل.
من شدة حرصه على نشر القرآن، كان حتى في أوقات الجهاد يعلم الجنود القرآن وأحكام الدين. فقد روى حطاب بن عبد الله الرقاشي قائلاً: “كنا مع أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- في جيش على ساحل دجلة، إذ حضرت الصلاة، فنادى مناديه للظهر، فقام الناس للوضوء، فتوضأ ثم صلى بهم، ثم جلسوا حلقًا، فلما حضرت العصر نادى منادي العصر”.
أهمية تجميل الصوت في قراءة القرآن وفضائله
من المستحب لقارئ القرآن أن يحسن صوته ويزينه، فهذا يضفي سكينة على القلوب، ويزيد من الخشوع في الصلاة، ويجعل التلاوة أكثر تأثيراً في النفوس، كما أن ترتيل القرآن يساعد على تدبر آياته وفهم معانيه.
قال الله تعالى: “وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا”. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن، يجهر به”.