الزراعة في دول حوض النيل: نظرة شاملة

نظرة عامة على الزراعة في بلدان حوض النيل. أنواع الأنظمة الزراعية والتوسع الزراعي والتحديات التي تواجه القطاع.

مقدمة عن الزراعة في حوض النيل

يشير مفهوم الأنشطة الزراعية في دول حوض النيل إلى منظومة متكاملة من المزارع المتنوعة في بنيتها وإنتاجها واستراتيجياتها المعيشية. هذه المنظومة تتكون من مجموعات تعمل كل منها في بيئة متجانسة نسبياً من المزارع والمشاهد الطبيعية، مقارنة بأحواض زراعية أخرى. فالزراعة تشكل ركيزة أساسية لمعيشة السكان في حوض النيل، حيث تعيل عشرات الملايين من الأفراد وتوفر فرص عمل لأكثر من 75% من القوى العاملة. كما تساهم بأكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي في الحوض، وتلعب دوراً هاماً في الحد من الفقر، إذ أن معظم الفقراء يقطنون في المناطق الزراعية ويعتمدون عليها كمصدر دخل رئيسي.

أنواع الممارسات الزراعية في حوض النيل

تعتمد حوالي 87% من الأراضي الزراعية في حوض النيل على مياه الأمطار، وقد تطورت أنظمة زراعية متنوعة تتناسب مع طبيعة كل منطقة. فيما يلي نظرة عامة على هذه الأنظمة:

الزراعة في المناطق الرطبة

ينتشر هذا النظام في المناطق التي تشهد هطولاً غزيراً للأمطار، وتحديداً في المزارع الواقعة في الأجزاء شبه الرطبة والرطبة من حوض النيل، والتي تتراوح ارتفاعاتها بين 500 و 1500 متر فوق مستوى سطح البحر. يعتمد المزارعون في هذه المناطق بشكل أساسي على زراعة الحبوب للاستهلاك المنزلي، مع الاحتفاظ ببعض الماشية لتوفير الحليب واللحوم والسماد العضوي.

الزراعة المختلطة في المرتفعات

يسود هذا النظام في المرتفعات الإثيوبية والإريترية، وفي المناطق المحيطة بالبحيرات الاستوائية التي يزيد ارتفاعها عن 1500 متر. يعتمد السكان هنا على تربية المواشي نظراً للظروف المناخية المعتدلة، بالإضافة إلى إنتاج مجموعة واسعة من المحاصيل المتنوعة، مثل الفواكه والخضروات والحبوب.

الزراعة في مناطق الغابات

يوجد هذا النظام في جنوب غرب إثيوبيا، ويعتمد على استغلال المنتجات الحرجية الكثيفة والنظم الإيكولوجية الحرجية السليمة التي تتلقى هطول الأمطار على مدار العام. تتميز هذه المناطق عادةً بأنها نائية ومنخفضة الكثافة السكانية والحيوانية.

الزراعة المعتمدة على الري الميكانيكي

يقتصر هذا النظام بشكل رئيسي على المناطق الشرقية والغربية من السودان وجنوب السودان، بالإضافة إلى مناطق معزولة في أعالي النيل. يشمل الإنتاج الزراعي في هذه الأراضي محاصيل مثل القهوة والشاي وزيت النخيل والمطاط، فضلاً عن الحبوب والفواكه.

تطورات التوسع الزراعي في حوض النيل

اعتمدت دول حوض النيل تاريخياً على الإمكانات الزراعية المطرية نظراً لمحدودية مواردها المائية. ومع ذلك، ومع تزايد عدد السكان في الدول المتشاطئة، ازداد الطلب على الغذاء والماء والطاقة، مما استدعى البحث عن حلول مبتكرة لتوسيع نطاق الإنتاج الزراعي. كما دفع الفقر بعض البلدان إلى بيع الأراضي للمستثمرين الأجانب، على أمل تطوير البنية التحتية الزراعية وخلق فرص عمل وجلب الاستثمارات إلى المناطق الفقيرة. ومنذ عام 2008، شهدت دول مثل مصر وإثيوبيا والسودان وكينيا استثمارات مكثفة من قبل مستثمرين سعوديين. بالإضافة إلى ذلك، قامت الحكومة المصرية بتنفيذ مشاريع ضخمة لإنشاء قنوات مائية كبيرة بهدف توفير المياه اللازمة للري.

تبنت مصر استراتيجية تقوم على استصلاح الأراضي الصحراوية بهدف التوسع في زراعة المحاصيل ذات القيمة العالية، مثل الفواكه والمكسرات والعنب والخضروات. هذا الاستصلاح يسمح لمصر بزيادة الإنتاج وتنويعه، كما يمكنها من استخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط، اعتماداً على احتياطيات المياه الجوفية. وقد أدى ذلك إلى زيادة استخدام البيوت البلاستيكية، على الرغم من أن هذه الطريقة تعتبر أكثر تكلفة بالنسبة للمزارعين التقليديين.

تتبنى مصر خطة طموحة لتطوير الزراعة في صحراء شمال سيناء من خلال مشروع ضخم لاستصلاح الأراضي تم إطلاقه في أكتوبر عام 1997. يهدف هذا المشروع إلى تطوير الزراعة المروية في غرب وشرق نهر النيل، من خلال قناة السلام التي تنقل المياه لري سهل تينا بطول يبلغ 261 كيلومتر. يتكون المشروع من قناتين رئيسيتين، الأولى هي قناة السلام شرقاً التي تأخذ مياه النيل أفقياً عبر سيناء، والثانية هي قناة تمر أسفل قناة السويس.

المراجع

  • Agriculture, Food Security, and Livelihoods in the Nile Basin, Page 125-126.
  • Nile Basin farming systems and productivity, Page 133.
  • THE Nile River Basin, Page 14.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

السكك الحديدية الكهربائية الباطنية: نظرة عامة

المقال التالي

القطن الكاميروني: تاريخ وإنجازات

مقالات مشابهة