اتق شر من أحسنت إليه: أصلها ومعناها وشواهدها

تعرف على أصل ومعنى مقولة ‘اتق شر من أحسنت إليه’، واستكشف الشواهد والأمثلة التي تدعم هذه الحكمة العربية القديمة.

جدول المحتويات

أصل مقولة ‘اتق شر من أحسنت إليه’

تُعتبر مقولة “اتق شر من أحسنت إليه” من الحكم العربية القديمة التي انتشرت بين الناس على مر العصور. وعلى الرغم من شهرتها الواسعة، إلا أنها ليست آية قرآنية ولا حديثًا نبويًّا، كما يعتقد البعض. لا يُعرف على وجه التحديد من هو قائل هذه العبارة، ولكنها تُنسب إلى أقوال السلف أو الحكماء العرب القدماء. وقد أشار إليها كتاب “كشف الخفاء ومزيل الإلباس” كواحدة من الأقوال المشهورة التي تداولها الناس.

معنى المقولة وتفسيرها

توجِّه هذه المقولة تحذيرًا من بعض الأشخاص الذين قد يسيئون إليك بعد أن تحسن إليهم. ومع ذلك، لا ينبغي أن تُفهم على أنها تنطبق على جميع الناس، بل هي موجهة بشكل خاص إلى أولئك الذين يتميزون باللؤم وعدم الوفاء. وقد أكد الإمام السخاوي في كتابه “المقاصد الحسنة” هذا المعنى بقوله: “اتق شر من أحسنت إليه من اللئام”. وهذا يعني أن المقولة تُحذر من التعامل مع الأشخاص الذين لا يقدرون المعروف ولا يردون الإحسان بالإحسان.

شواهد وأمثلة على المقولة

توجد العديد من الشواهد التي تدعم هذه المقولة، سواء من القرآن الكريم أو من الأمثال العربية والأشعار. ومن أبرز هذه الشواهد:

  • قول الله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} (سورة التوبة: 74). وقد فسر الإمام القرطبي هذه الآية بأنها تشير إلى معنى مقولة “اتق شر من أحسنت إليه”.
  • من الأمثال العربية الشهيرة التي تعبر عن نفس المعنى: “سمِّن كلبك يأكلك”.
  • قول الشاعر المتنبي في إحدى قصائده: “إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ، وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا”.

قصة توضح معنى المقولة

توجد العديد من القصص التي تعكس معنى هذه المقولة، ومن أشهرها قصة “مجير أم عامر”. يُروى أن مجموعة من العرب خرجوا للصيد في الصحراء، وبينما هم يبحثون عن الصيد، لم يجدوا سوى أنثى ضبع (تُسمى أم عامر). حاولوا الإمساك بها، لكنها هربت ولجأت إلى خيمة أعرابي. استجارت الضبع بالأعرابي، فأطعمها وحماها من الصيادين. ومع مرور الوقت، استعادت الضبع قوتها، وفي يوم من الأيام، بينما كان الأعرابي خارج الخيمة، هاجمت الضبع أخاه وقتلته. عند عودته، وجد الأعرابي أخاه مقتولًا، فأنشد قائلًا:

ومن يصنعِ المعروفَ في غيرِ أهله، يلاقي الذي لاقى مجيرُ أمِّ عامرِ

هذه القصة تعكس بوضوح معنى المقولة، حيث أن الإحسان إلى من لا يستحق قد يؤدي إلى نتائج سلبية.

خاتمة

مقولة “اتق شر من أحسنت إليه” تحمل في طياتها حكمة عميقة تُحذر من التعامل مع الأشخاص الذين لا يقدرون المعروف. وعلى الرغم من أنها لا تنطبق على الجميع، إلا أنها تظل درسًا مهمًا في التعامل مع الآخرين، خاصة أولئك الذين يتميزون باللؤم وعدم الوفاء. من المهم أن نختار بعناية من نُحسن إليهم، وأن نتعلم من التجارب السابقة لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

اتق شر الحليم إذا غضب: فهم الغضب وإدارته

المقال التالي

إتقان العمل في الإسلام: مفهومه وأهميته

مقالات مشابهة