أوجه الأمانة في الإسلام

استكشاف جوانب الأمانة المتعددة في الإسلام، بدءًا من الأمانة مع الله، وحتى الأمانة في العلاقات الأسرية.

محتويات

الأمانة بين العبد وربه

تُعَدّ الأمانة مع الله تعالى جوهر الإيمان، وهي أساس العلاقة الصحيحة بين الخالق والمخلوق. فهي تتجلى في الإيمان الصادق به، وتوحيده، والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه. يتضمن ذلك إخلاص العبادة لله وحده، والسعي في نشر الدين الإسلامي بالحكمة والموعظة الحسنة، والتمسك بكتاب الله -تعالى- بقراءةٍ وتدبرٍ وتلاوة، والعمل به، والجهاد في سبيل الله. يُبيّن الله -تعالى- هذه الحقيقة في قوله:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً* لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً

من امتثل لهذه الأمانة فقد وفّى بوعده لله، ومن تقصّر فيها استحق العقاب.

الأمانة في الأموال والممتلكات

تُعتبر الأمانة في التعامل مع الأموال من أهمّ مظاهر الأمانة في الإسلام. يُوجب الله -تعالى- ردّ الحقوق لأصحابها، كما في قوله:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا

يشمل ذلك الودائع، والأجور، وحقوق الورثة، والمهور، والديون، والرهون. وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطورة خيانة الأمانة واعتبارها من علامات النفاق بقوله:

آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ

الأمانة في ساحة الجهاد

حتى في أوقات الجهاد والحرب، لا تزال الأمانة مُلزمةً للمجاهد. فمن واجباته الالتزام بالأخلاق الإسلامية، وعدم الغدر أو الخيانة أو الغلول، كما جاء في وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-:

اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا

كما يحرم قتل النساء والأطفال، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك صراحةً. كما أن من يخلف المجاهد في أهله مسؤول عن رعايتهم وحمايتهم وعدم الخيانة.

الأمانة في النصيحة وحفظ الأسرار

النصيحة من أهم مظاهر الأمانة، وهي واجبة على كل مسلم تجاه أخيه. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:

الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ

وإذا طلب شخص نصيحةً في أمرٍ خاص، فمن الأمانة على الناصح أن يحفظ سره. يؤكد ذلك حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-:

إذا حدَّث رجلٌ رجلًا بِحَديثٍ ثمَّ التفَتَ؛ فهوَ أمانةٌ

وحديثه أيضاً:

المستشارُ مؤتمنٌ

الأمانة في تحمل المسؤولية

الأمانة في الولاية تشمل كل من يتولى مسؤولية في المجتمع الإسلامي، سواء كان حاكماً أو مسؤولاً عن أمرٍ من أمور المسلمين. فهو أمين على ما وكلّه الله به، ويجب عليه أن يُراعي حقوق الرعية، وأن يُعاملها بالعدل والإنصاف. وقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من تقصير الحاكم في أمانته بقوله:

ما مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وهو غاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عليه الجَنَّةَ

كما شدد النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضرورة الرفق بالرعية، وإنصافهم، والتزم بالعدل في الحكم بينهم.

الأمانة في الحياة الأسرية

الأمانة في الأسرة جوهر استقرارها وسعادتها. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:

كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ

فالأب مسؤول عن تربية أبنائه، والزوجة مسؤولة عن بيتها وأولادها، ويجب على كليهما مراعاة الأمانة في علاقتهما الزوجية، وعدم كشف أسرارها. ويحذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من نشر أسرار الزوجية بقوله:

إنَّ مِن أَعْظَمِ الأمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا

Total
0
Shares
المقال السابق

أنواع الكابلات البصرية وتطبيقاتها المتنوعة

المقال التالي

تصنيفات الأمثال في كتاب الله

مقالات مشابهة