أحاديث عن الغضب

تُعدُّ أحاديث النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّهي عن الغضبِ وعلاجِهِ وفضلِ كظمِهِ من أهمِّ المصادرِ للفهمِ والتَّطبيقِ في حياتِنا.

جدول المحتويات

نهي النبي عن الغضب

يُعدُّ الغضبُ من الأخلاقِ الذميمةِ التي نهى عنها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، وقد حثَّ على التحكُّمِ فيهِ ، ففي الحديثِ الواردِ عنِ أبي هُريرةَ -رضي الله عنه- أنَّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ). [١]

كما رُويَ عنِ أبي هُريرةَ -رضي الله عنه- أنَّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ). [٢]

ويُظهرُ هذانِ الحديثانِ أهميّةَ التحكُّمِ في الغضبِ ، ودلالتَهُ على قوّةِ الشّخصِ وإرادةِ نَفْسِهِ.

ورُويَ عنِ أبي الدّرداءِ -رضي الله عنه- أنّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (لا تغضبْ، ولَكَ الجنَّةُ). [٣]

وهذا الحديثُ يُؤكّدُ على أنّ كظمِ الغضبِ من أهمِّ أسبابِ دخولِ الجنّةِ ، وأنّ التّخلّصَ من هذا الصّفةِ يُقرّبُ الإنسانَ من اللهِ ويُبعدُهُ عن عقابِهِ.

علاج الغضب

وردَ في السنّةِ النّبويةِ أحاديثٌ كثيرةٌ في علاجِ وتخفيفِ الغضبِ ، نذكرُ منها ما يأتي:

رُويَ عنِ أبي ذرّ الغفاري -رضي الله عنه- أنَّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (إذا غضبَ أحدُكم وهو قائمٌ فلْيجلسْ، فإن ذهبَ عنه الغضبُ وإلاَّ فلْيَضْطَجِعْ). [٤]

ويرى علماءُ التّفسيرِ أنّ الجلوسَ والضّجوعَ يساعدانِ على ترويضِ الغضبِ ، لأنّ ذلكَ يُقلّلُ من حركةِ الدّمِ في الجسمِ ، ويُهدّئُ من سرعةِ نبضاتِ القلبِ ، وينعكسُ ذلكَ إيجابًا على الحالةِ النّفسيّةِ.

ورُويَ عنِ أبي سعيدِ الخدريِ -رضي الله عنه- أنَّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (ألا وإنَّ الغضبَ جمرةٌ في قلبِ ابنِ آدمَ، أما رأيتُمْ إلى حُمرةِ عَينيهِ وانتِفاخِ أوداجِهِ، فمَن أحسَّ بشَيءٍ من ذلِكَ فليُلصِق بالأرضِ). [٥]

ويُوضحُ هذا الحديثُ أنّ الغضبَ قد يُؤدّي إلى التّغيُّرِ في لونِ البشرةِ ، والتّعرّقِ ، والتّسارعِ في نبضاتِ القلبِ ، وأنّ لصقَ الأرضِ يساعدُ على التّخلّصِ من التأثيرِ السلبيِ للغضبِ.

رُويَ عن سُليمانَ بنِ صُردٍ -رضي الله عنه- أنّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (كُنْتُ جَالِسًا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فأحَدُهُما احْمَرَّ وجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لو قالَهَا ذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ، لو قالَ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ فَقالوا له: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: تَعَوَّذْ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَقالَ: وهلْ بي جُنُونٌ). [٦]

ويُبيّنُ هذا الحديثُ أنّ التّعوذَ باللهِ من الشّيطانِ يساعدُ على الهدوءِ والتّخلّصِ من الغضبِ ، وأنّ الشّيطانَ هوَ الذي يُثيرُ الغضبَ في نفسِ الإنسانِ.

رُويَ عنِ عبدِ اللهِ بنِ عبّاسِ -رضي الله عنه- أنّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (علّموا ويسّروا ولا تعسّروا ، وبشّروا ولا تنفّروا ، وإذا غضبَ أحدكُم فليسكُت).[٧]

ويُشيرُ هذا الحديثُ إلى أنّ السّكوتَ هوَ أفضلُ علاجٍ للعقلِ في حالةِ الغضبِ ، وأنّ الكلامَ في حالةِ الغضبِ قد يُؤدّي إلى أفعالٍ لا تُحمدُ عواقبُها.

فضل كظم الغيظ

يُؤكدُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أحاديثِهِ على فضلِ كظمِ الغيظِ ، ففي الحديثِ الواردِ عنِ معاذِ بنِ أنسِ -رضي الله عنه- أنَّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وهوَ قادِرٌ على أنْ يُنْفِذَهُ ؛ دعاهُ اللهُ سبحانَهُ على رُؤوسِ الخَلائِقِ ( يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرَهُ مِن الحُورِ العِينِ ما شاءَ).[٨]

ويُبيّنُ هذا الحديثُ أنّ كظمَ الغضبِ من أفضلِ الصّفاتِ التّي يُثابُ عليها المؤمنُ ، وأنّ كظمَ الغضبِ يُقرّبُ الإنسانَ من اللهِ ويُوجبُ لَهُ رضاَهُ.

ورُويَ عنِ أنسِ بنِ مالكِ -رضي الله عنه- أنَّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ مرَّ بقومٍ يَصطرعونَ فقال: ما هذا؟ قالوا: فلانٌ ما يُصارعُ أحدًا إلا صرعَهُ، قال: أفلا أدلُّكمْ على من هو أشدُّ منه؟ رجلٌ كلمَهُ رجلٌ فكظمَ غيظَهُ فغلبَهُ وغلبَ شيطانَهُ وغلبَ شيطانَ صاحبِهِ. [٩]

ويُؤكّدُ هذا الحديثُ أنّ كظمَ الغضبِ أقوى من أيّ قوّةٍ ، وأنّ صاحبَ الغضبِ ينتصرُ على شيطانِهِ ، ويُسيطرُ على نفسِهِ.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هُريرةَ ، الصفحة أو الرقم: 6116، حديث صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هُريرةَ ، الصفحة أو الرقم: 6114، حديث صحيح.
  3. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي الدّرداءِ، الصفحة أو الرقم: 7374، حديث صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي ذرّ الغفاري، الصفحة أو الرقم: 4782، حديث صحيح.
  5. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي سعيدِ الخدريِ، الصفحة أو الرقم: 2191، حديث حسن صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سُليمانَ بنِ صُردٍ، الصفحة أو الرقم: 3282، حديث صحيح.
  7. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة ، عن عبدِ اللهِ بنِ عبّاسِ، الصفحة أو الرقم: 1375، حديث صحيح.
  8. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن معاذِ بنِ أنسِ، الصفحة أو الرقم: 2753، حديث حسن لغيره.
  9. رواه ابن حجر العسقلاني، في فتح الباري لابن حجر، عن أنسِ بنِ مالكِ، الصفحة أو الرقم: 535، حديث إسناده حسن.
Total
0
Shares
المقال السابق

أحاديث عن العمل اليدوي

المقال التالي

أحاديث عن الفرج بعد الشدة

مقالات مشابهة