أبو عبيدة بن الجراح – صحابي جليل

أبو عبيدة بن الجراح هو صحابي جليل، معروف بفضائله وأخلاقه الحميدة. تعرف على حياته، تأثير تربية الرسول عليه، فضائله، ووفاته في هذا المقال.

أبو عبيدة بن الجراح: نموذج للصحابي الجليل

أبو عبيدة بن الجراح، الصحابي الجليل، الذي اشتهر بفضائله وأخلاقه الحميدة، وترك بصمة واضحة في تاريخ الإسلام. يُعتبر نموذجاً رائعاً للصحابي المُسلم الذي جمع بين الإيمان القوي والحكمة والذكاء، فكان من أوائل الذين أسلموا، وممن هاجروا إلى المدينة، وشهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوات عديدة.

في هذا المقال، سنُسلط الضوء على حياة أبو عبيدة بن الجراح، ونُلقي نظرة على تأثير تربية الرسول عليه، وفضائله التي حاز عليها، ونستعرض قصته الأخيرة قبل وفاته.

جدول المحتويات

سيرة أبو عبيدة

أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال، من قبيلة فهر القرشية. كان طويل القامة، نحيل البنية، حفيف اللحية، معروق الوجه، منحني الكاهل نحو الصدر، أثرم الثنيتين. اشتهر بأخلاقه الحميدة، وتواضعه، وحلمه.

أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أخلاق أبو عبيدة بن الجراح، حيث قال:(مَا مِنْ أحدٍ منْ أصحابِي إلَّا و لوْ شئتُ لأخذتُ عليهِ في بعضِ خلقِهِ، غيرَ أبي عبيدةَ بنِ الجراحَ). [١][٢][٣]

كان أبو عبيدة -رضي الله عنه- من أوائل الذين أسلموا، وشهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- جميع المعارك. وقد اشتهر بشجاعته وقوته في القتال.

تأثير تربية الرسول على أبو عبيدة

لتربية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأثير عظيم على شخصية أبو عبيدة -رضي الله عنه-. ومن المواقف التي تُظهر ذلك، موقفه مع عمرو بن العاص -رضي الله عنه- في غزوة ذات السلاسل.

في العام الثامن للهجرة، أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إلى أرض عذرة وبليّ في غزوة ذات السلاسل، ولكن عدد الأعداء فاق عدد جيشه. فأرسل عمرو بن العاص رسالة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب المدد، فاختار النبي -صلى الله عليه وسلم- مجموعة من المهاجرين فيهم أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأمّر عليهم أبو عبيدة عامر بن الجراح.

وعندما وصلوا إلى عمرو بن العاص، قال لهم: “أنا أميركم”. فردّ عليه المهاجرون بأن أميرهم أبو عبيدة عامر بن الجراح، وقال عمرو بن العاص: “إنما أنتم مددي”.

تدخّل أبو عبيدة -رضي الله عنه- ليشرح لعمرو بن العاص أخلاقه، وتأثير تربية النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه، فقال: “تعلم يا عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لي: إن قدمت على صاحبك فتطاوعا، وإنك إن عصيتني أطعتك”. [٥]

فضائل أبو عبيدة

يُعدّ أبو عبيدة -رضي الله عنه- من كبار الصحابة، فهو من أوائل المسلمين، ومن الذين هاجروا الهجرتين، ومن العشرة المبشرين بالجنة.

شهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معركة بدر، وثبت معه يوم أُحد، وقد انتزع حلقتي المغفر من وجنة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى سقطت ثنيتاه.

وقد أثنى عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث صحيحة، ونذكر منها:

  • ثناء الله -تعالى- عليه في القرآن الكريم: ذكر أهل العلم أن الله -تعالى- أثنى على أبو عبيدة -رضي الله عنه- في كتابه الحكيم من غير أن يذكر اسمه، وذلك بعد أن التقى بوالده الجراح في معركة أحد، وكان أبوه كافراً فتصدى له وقتله، فنزل فيه قول الله تعالى:(لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَـئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ). [٧]
  • أحب الناس إلى رسول الله: رُوي عن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- أنها سُئلت عن أحب الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: “أبو بكر، ثم عمر، ثم أبو عبيدة”.[٨]
  • أمين هذه الأمة: خص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو عبيدة بن الجراح بصفة الأمانة، روى أنس بن مالك-رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أمِينًا، وإنَّ أمِينَنا أيَّتُها الأُمَّةُ أبو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ). [٨]

وفاة أبو عبيدة

في العام الثامن عشر للهجرة، نزل وباء الطاعون في منطقة عمواس، وكان أبو عبيدة -رضي الله عنه- أمير الجند في تلك المنطقة.

خشي عليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأرسل إليه رسالة يقول فيها: “إذا وصلك خطابي في المساء فقد عزمت عليك ألا تصبح إلا متوجّهاً إلي، وإذا وصلك في الصباح ألا تمسي إلا متوجّهاً إلي، فإن لي حاجة إليك”.

فهم أبوعبيدة -رضي الله عنه- قصد أمير المؤمنين، وأنه يريد إنقاذه من الطاعون، فكتب إليه معتذراً بأدبٍ بالغٍ عن الحضور، وجاء في رسالته: “لقد وصلني خطابك يا أمير المؤمنين وعرفت قصدك، وإنما أنا في جندٍ من المسلمين يصيبني ما أصابهم، فحللني من عزمتك يا أمير المؤمنين”.[٢]

بكي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عند وصول رسالة أبو عبيدة، وسأله من حوله إن كان أبوعبيدة قد مات، فأجابهم بأنه إن لم يكن قد مات، فإنه سائرٌ إلى الموت لا محالة، فلا خلاص له من الطاعون.

توفي أبو عبيدة -رحمه الله- في العام الثامن عشر للهجرة بطاعون عمواس، وكان عمره حينئذٍ ثمان وخمسين عاماً. صلّى عليه عياض بن جبل رضي الله عنه، ودُفن في بيسان.[١٠][٢]

المراجع

  1. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن الحسن البصري، الصفحة أو الرقم: 7976، صحيح.
  2. أبتثيحيى بن موسى الزهراني،”أبو عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه-“،www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019. بتصرّف.
  3. أبالشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشثري (24-7-2011)،”أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-“،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019. بتصرّف.
  4. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن علي بن رباح، الصفحة أو الرقم: 9/160، إسناده حسن.
  5. أب”أبو عبيدة بن الجراح”،www.islamstory.com، 2006-5-1، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019. بتصرّف.
  6. “أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-“،www.ar.islamway.net، 2014-5-31، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019. بتصرّف.
  7. سورة المجادلة، آية: 22.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3744، صحيح.
  9. أبرواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 4380، صحيح.
  10. “معرفة أبي عبيدة بن الجراح واسمه، ونسبته، وصفته، وسنة، وفاته”،www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

الإمام أبو عبد الله محمد بن علي المازري – حياته وعلمه

المقال التالي

أبو عبيدة بن الجراح – بطل الإسلام وأمين الأمة

مقالات مشابهة