لمحة تعريفية عن يوغرطة
يوغرطة، شخصية تاريخية بارزة، كان ملكًا لنوميديا، وهي مملكة قديمة تقع في شمال إفريقيا. ولد يوغرطة حوالي عام 160 قبل الميلاد وتوفي في روما عام 104 قبل الميلاد. اشتهر بنضاله ضد الجمهورية الرومانية في محاولة للحفاظ على استقلال مملكته. يعتبر يوغرطة حفيدًا غير شرعي للملك ماسينيسا، الحاكم السابق لنوميديا.
لعبت نشأة يوغرطة دورًا هامًا في مسيرته. سعى الملك ميسيبسا، حاكم نوميديا آنذاك، إلى الحد من نفوذه المتزايد، فأرسله إلى إسبانيا للمشاركة في حصار نومنسيا تحت قيادة الجنرال الروماني سكيبيو الإفريقي. خلال هذه الفترة، تمكن يوغرطة من بناء علاقات قوية مع سكيبيو، الذي ربما أقنع ميسيبسا بتبنيه حوالي عام 120 قبل الميلاد.
مسيرة حكم الملك يوغرطة
بعد وفاة الملك ميسيبسا، ورث يوغرطة الحكم مع اثنين من أبناء ميسيبسا الشرعيين، وهما هيمبسال وعزربل. سرعان ما تصاعد التوتر بين الورثة الثلاثة، وقام يوغرطة باغتيال هيمبسال. تمكن عزربل من الفرار وطلب المساعدة من روما. تدخل الرومان وقسموا نوميديا إلى قسمين: القسم الغربي الأقل تطوراً تحت حكم يوغرطة، والقسم الشرقي الأكثر ثراءً تحت حكم عزربل.
لم يرض يوغرطة بهذا التقسيم، فهاجم عزربل مرة أخرى واستولى على مدينة سيرتا، وقام بقتله بالإضافة إلى قتل العديد من التجار الإيطاليين المقيمين في المدينة. أثارت هذه الأحداث غضبًا شعبيًا واسع النطاق في روما، مما أجبر مجلس الشيوخ على إعلان الحرب على يوغرطة. في عام 111 قبل الميلاد، توصل القنصل لوسيوس كالبورنيوس إلى تسوية مع يوغرطة، ولكن تم انتقاد هذه التسوية لاحقًا واعتبرت غير عادلة.
استؤنفت الحرب مرة أخرى، وحقق الرومان بعض النجاحات تحت قيادة كوينتوس كايسيليوس نوميديكوس. لاحقًا، تولى غايوس ماريوس قيادة الجيش الروماني وواصل الضغط على يوغرطة، الذي كان يتلقى الدعم من صهره بوكوس الأول، ملك موريطنية. في عام 106 قبل الميلاد، تم القبض على يوغرطة بعد أن خانه بوكوس وسلمه إلى الرومان.
النهاية المأساوية للملك يوغرطة
تضاربت الروايات التاريخية حول الطريقة التي لقي بها يوغرطة حتفه. ذكر بعض المؤرخين أنه تم إلقاؤه من صخرة تاربيان في نهر التيبر وهو مقيد بحجر. بينما يعتقد آخرون أنه أُعدم بالدفع من أحد الأبراج.
بغض النظر عن الطريقة التي مات بها، فإن نهاية يوغرطة كانت مأساوية. لقد سعى إلى حماية مملكته من النفوذ الروماني، لكن طمعه في السلطة قاده إلى ارتكاب أفعال عنف أدت في النهاية إلى سقوطه في أيدي الرومان. تم استبعاده من ولاية العرش بوصية جده، لكن والده رقاه في القصر مع إخوته غير الأشقاء بعد أن أظهر تفوقًا في المآثر العسكرية، وبالتالي تم قبوله كوصي شرعي على العرش. إن جشعه في الحكم وفي المملكة بأكملها أعمى بصيرته مما أسفر عن مقتل إخوته، ولكن هذا الطمع قاده إلى هلاكه وسقوطه في أيدي الرومان الذين أخذوه أسيرًا وقتلوه.