تمهيد: نظرة في الثقافة الأمازيغية
في اليوم الثاني عشر من شهر يناير، تستقبل الشعوب الأمازيغية حول العالم رأس السنة الأمازيغية، وهو حدث بالغ الأهمية في ثقافتهم الغنية والمتنوعة. يعتبر شهر يناير بداية دورة جديدة، وتعود جذور هذا التقويم إلى عام 950 قبل الميلاد، مما يجعله جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الأمازيغ العريق. يكتسب هذا اليوم خصوصية كبيرة لارتباطه الوثيق بالعديد من المعتقدات والتقاليد الأمازيغية الأصيلة.
هناك إيمان راسخ بأن الاحتفال بيناير يجلب الحظ السعيد والنجاح في العام الجديد. تتنوع مظاهر الاحتفال من قبيلة إلى أخرى، حيث تحافظ كل مجموعة على طقوسها وعاداتها الخاصة. تجدر الإشارة إلى أن العديد من القبائل العربية، وخاصة في منطقة المغرب العربي، تشارك أيضًا في هذه الاحتفالات، مما يعكس التداخل الثقافي والاجتماعي بين الأمازيغ والعرب.
الاحتفال بيناير: بين الأسطورة والواقع
يتميز الاحتفال برأس السنة الأمازيغية بمجموعة متنوعة من الطقوس والعادات التي تعبر عن الهوية الثقافية الأمازيغية. من بين أبرز هذه العادات، تحضير أطباق تقليدية مثل الكسكس وأوركيمن، والتي تعتبر جزءًا أساسيًا من الاحتفال. اكتسب هذا الاحتفال شعبية متزايدة في بلاد المغرب العربي، حيث يعيش غالبية الأمازيغ.
يشكل يناير فرصة ثمينة لإحياء الهوية الثقافية الأمازيغية وتعزيز تقاليدها القديمة. تتجذر قصة التقويم الأمازيغي في الحكايات الشعبية التي تناقلتها الأجيال، والتي تحمل في طياتها العديد من العبر والدلالات. تدعو هذه الحكايات إلى الانسجام مع الطبيعة والعيش في تناغم معها، وهو ما يعكس احترام الأمازيغ العميق للبيئة.
يحتفل الأمازيغ في الجزائر وليبيا والمغرب وتونس وأجزاء من مصر، بالإضافة إلى الأمازيغ الذين هاجروا إلى مختلف دول العالم، برأس السنة الأمازيغية ويحيون عاداتها وتقاليدها. يعتبر الأمازيغ احترام الطبيعة جزءًا أساسيًا من الحفاظ على صحتهم وسلامتهم.
يُطلق العديد من العرب في الجزائر والمغرب العربي ومصر على هذا الاحتفال اسم “عام زراعي”، مما يدل على ارتباطه الوثيق بالزراعة ودورة الحياة الطبيعية. ازداد الاهتمام بالاحتفال بالتاريخ الأمازيغي وإعلان التقويم الأمازيغي في شمال إفريقيا، مدفوعًا بالرغبة في استكشاف أصول الأمازيغ وأساطيرهم وحقائقهم التاريخية.
ترتدي النساء الأمازيغيات والعربيات اللواتي يحتفلن برأس السنة الأمازيغية الأزياء الأمازيغية التقليدية، بالإضافة إلى المجوهرات الأمازيغية المصنوعة من الأحجار الكريمة. يحرص العديد من الأمازيغ على تزامن مناسباتهم الهامة، مثل الخطوبة والزواج وقص شعر الأطفال لأول مرة والختان، مع رأس السنة الأمازيغية، تفاؤلاً بالخير والبركة.
في الجزائر، على سبيل المثال، يتم طهي وتوزيع العصيدة والكسكس المحضر من سبعة أنواع من الخضروات المتنوعة، ليكون مغذيًا ومفيدًا. يتبادل الأمازيغ، كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً، عبارات التهنئة برأس السنة الأمازيغية، مثل قولهم باللهجة الأمازيغية: “أسغاس أمغاز” أو “يناير أمرفو”، والتي تعني بالعربية: سنة جديدة سعيدة.
تقول الأسطورة الأمازيغية أن من يأكل من الأطباق التي يتم تحضيرها في يوم رأس السنة الأمازيغية سيمر عامه كاملًا دون أن يجوع وسوف تصبح صحته أفضل ويعيش عمرًا أطول، وهو ما يجعل الجميع يحرصون على الاحتفال بهذه المناسبة الهامة.
خاتمة: يناير الأمازيغي، رمز للفرح والأمل
في الختام، يمثل يناير الأمازيغي فرصة عظيمة لنشر الفرح والبهجة، حيث يعتبر يوم عطلة للقبائل الأمازيغية، يكرسونه للاحتفال وإحياء التقاليد. يعمل الأمازيغ في هذا اليوم على بث روح الأمل والتفاؤل، وكأنهم يعلنون بداية عام جديد مليء بالنجاح وتحقيق الطموحات.
الاحتفال بيناير هو احتفال جماعي على مستوى القبيلة، يعزز الوحدة والتكاتف بين أفرادها. إنه تعبير عن الهوية الثقافية الأمازيغية الغنية، وتأكيد على استمرارها وتجددها عبر الأجيال.