الفتح الإسلامي للمغرب
تجسد دخول الإسلام إلى منطقة المغرب العربي عبر سلسلة من الحملات العسكرية والفتوحات التي قادها المسلمون تحت راية الخلافة الراشدة، ثم الدولة الأموية. استهدفت هذه الحملات الإمبراطورية البيزنطية وحلفائها من الأمازيغ. امتدت هذه الجهود لما يقارب ستة وستين عاماً، وأفضت في نهاية المطاف إلى بسط النفوذ على مناطق شمال أفريقيا التي كانت تحت السيطرة الرومانية، مما أدى إلى انتشار الدين الإسلامي بشكل راسخ في المغرب. سنستعرض في هذا المقال المراحل الأولية للفتح الإسلامي للمغرب، وكيف اعتنق الأمازيغ الإسلام، وما هي البشارات النبوية المتعلقة بفتح المغرب.
بدأت عمليات الفتح الإسلامي للمغرب في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك بفتح مدينة برقة التابعة لولاية مصر الرومانية، بالإضافة إلى مدينة طرابلس التي تم فتحها بقيادة عمرو بن العاص. إلا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يشجع المسلمين على التوغل أكثر في تلك المناطق، معتبراً إياها أرضاً غير مستقرة ومنطقة قد تشتت جهود المسلمين، وذلك لعدم وجود معلومات كافية عنها، مما جعل التوغل فيها مغامرة غير مضمونة العواقب.
في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، تجاوز المسلمون منطقة برقة وتمكنوا من فتح ولاية أفريقيا الرومانية بأكملها. وبعد استشهاد عثمان رضي الله عنه، توقفت الفتوحات على الجبهة الشمالية، نتيجة لانشغال المسلمين بتهدئة الفتن التي استمرت خلال فترة حكم علي بن أبي طالب رضي الله عنه. مع قيام الدولة الأموية، استؤنفت الفتوحات الإسلامية، واكتملت في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، حيث سقطت جميع البلاد في قبضة المسلمين.
اعتناق الأمازيغ للإسلام
بدأ دخول الأمازيغ في الدين الإسلامي خلال السنوات الأولى من الفتح الإسلامي، وانضم عدد كبير منهم إلى الجيوش الإسلامية الفاتحة، وشاركوا في الغزوات والمعارك ضد الروم ومن تبقى من الأمازيغ الذين لم يعتنقوا الإسلام بعد. استمر اعتناق الأمازيغ للإسلام بشكل تدريجي حتى تحول معظمهم إلى الدين الإسلامي، بينما بقي عدد قليل منهم على دياناتهم المسيحية واليهودية والوثنية.
كما أثرت فتوحات المغرب على التركيبة السكانية لشبه الجزيرة العربية، حيث هاجرت العديد من القرى والبلدات الحجازية واليمنية نتيجة لانتقال أهلها إلى الجهاد، واستقروا في المناطق المفتوحة، والتحقت بهم عائلاتهم، ومن بينهم بنو هلال القيسيون. بمرور الوقت، استعرب الكثير من الأمازيغ نتيجة للاختلاط والتثاقف الطويل مع العرب، في حين حافظ قسم آخر، وخاصة سكان الأرياف، على هويتهم الخاصة. عبر التاريخ، ظهرت في المغرب العديد من السلالات الحاكمة الأمازيغية التي دافعت عن الإسلام، مثل المرابطين والموحدين، وأصبح المغرب أحد المراكز الإسلامية الهامة في العالم.
بشارات نبوية بفتح المغرب
تنبأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم بفتح المغرب قبل وقوعه بسنوات عديدة، وقد ورد ذلك في العديد من الأحاديث الشريفة، حيث كان المغرب جزءاً من بلاد الروم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ” [صحيح مسلم].