وسائل الكشف عن أورام الغدة النخامية

طرق الكشف عن أورام الغدة النخامية: الفحص السريري، اختبارات العين، الاختبارات العصبية، تحاليل الهرمونات (هرمون النمو، البرولاكتين، الهرمون المنبه للدرقية)، اختبار التثبيط بالديكساميثازون، اختبارات كيمياء الدم، تحليل البول، التصوير بالرنين المغناطيسي.

مقدمة

غالباً ما يكون الكشف عن معظم أورام الغدة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary adenomas) أمراً يسيراً بسبب ظهور بعض الأعراض على المريض. ومع ذلك، قد لا تتسبب أورام الغدة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary gland tumor) في ظهور أية علامات واضحة في حالات أخرى، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص أو عدم اكتشاف الورم. وفي الحالات المصحوبة بأعراض، قد تنجم هذه الأعراض عن نقص في إفراز الهرمونات بسبب ضغط الورم على الغدة، أو عن زيادة في إفراز الهرمونات نتيجة نشاط الورم نفسه. بالإضافة إلى ذلك، قد يسبب الورم ضغطاً على الأعصاب المحيطة بالغدة، مثل الأعصاب البصرية. يجب الأخذ في الاعتبار أن نوع الأعراض قد يشير إلى نوع الورم الموجود في الغدة النخامية.

الفحص الإكلينيكي وتقييم التاريخ المرضي

إذا اشتبه الطبيب بوجود ورم في الغدة النخامية، فإنه سيقوم بإجراء سلسلة من الفحوصات والاختبارات التشخيصية. قبل هذه الاختبارات، يتم إجراء فحص سريري شامل للمريض والاستفسار عن تاريخه الصحي الشخصي والعائلي. يسأل الطبيب عن الأعراض التي ظهرت، متى بدأت، وكيف تطورت. كما يسأل عن وجود تاريخ عائلي للإصابة بأورام الغدة النخامية أو أي نوع آخر من أورام الغدد الصماء، بالإضافة إلى عوامل الخطر الأخرى والاضطرابات الوراثية مثل الورم الصماوي المتعدد من النوع الأول (MEN1). الفحص السريري يهدف إلى الكشف عن علامات قد تدل على المرض، سواء كانت ناتجة عن فرط أو نقص في إنتاج الهرمونات، مثل ظهور وجه قمري الشكل (بالإنجليزية: Moon face) بسبب ورم منتج للهرمون الموجه لقشر الكظر (ACTH)، أو إفراز الحليب من الثديين نتيجة ورم منتج لهرمون البرولاكتين.

قد يحيل الطبيب المريض إلى أخصائي غدد صماء، أو طبيب عيون، أو جراح أعصاب لاتخاذ الإجراءات العلاجية اللازمة وإجراء المزيد من الفحوصات. على سبيل المثال، إذا كان هناك شك قوي بوجود ورم في الغدة النخامية، فسيتم تحويل المريض إلى طبيب عيون لفحص النظر والتحقق من الرؤية.

فحص البصر وتقييم مجال الرؤية

قد تتسبب اضطرابات الغدة النخامية بمشاكل في العين والرؤية، أو حتى فقدان البصر في بعض الحالات، خاصةً إذا كان الورم يضغط على العصب البصري (بالإنجليزية: Optic nerve). لذلك، يتم إجراء فحص للعين لتقييم صحة العين والرؤية. يجب ملاحظة أن أعراض ورم الغدة النخامية قد تتطور ببطء على مدى فترة طويلة من الزمن.

اختبار مجال الرؤية يهدف إلى تحديد المساحة الكاملة التي يمكن للشخص رؤيتها، وذلك من خلال قياس الرؤية الطرفية (المساحة التي يمكن رؤيتها من الأطراف عند النظر إلى الأمام) والرؤية المركزية (المساحة التي يمكن رؤيتها في مركز مجال الرؤية). يتم إجراء هذا الاختبار لكل عين على حدة مع تغطية العين الأخرى.

التقييم العصبي

يشمل التقييم العصبي سلسلة من الاختبارات والأسئلة لتقييم سلامة وظائف الأعصاب والدماغ والحبل الشوكي (بالإنجليزية: Spinal cord). يتضمن هذا التقييم فحص قدرة الشخص على المشي بشكل طبيعي، والتنسيق بين الحركات، والتوازن، والحالة العقلية، وردود الفعل، والإحساس، وقوة العضلات.

تحاليل مستويات الهرمونات في الدم

كما ذكر سابقاً، يمكن لأورام الغدة النخامية أن تؤدي إلى زيادة أو نقصان في إنتاج بعض الهرمونات. لذلك، يمكن الاستدلال على وجود بعض أنواع أورام الغدة النخامية من خلال تحليل الدم أو البول. فيما يلي بعض تحاليل الدم التي قد تساعد في تشخيص أورام الغدة النخامية:

هرمون النمو والعامل شبيه الانسولين-1

يُطلب من المريض الصيام ليلة إجراء هذا التحليل، والذي يتم في الصباح الباكر. الغدة النخامية تنتج هرمون النمو، الذي يحفز إنتاج العامل شبيه الانسولين-1 (بالإنجليزية: Insulin-like growth factor-1) في الكبد. ارتفاع مستويات هرمون النمو والعامل شبيه الانسولين-1 قد يشير إلى وجود ورم غدي نخامي. في حالة ارتفاع بسيط في هرمون النمو، قد يتم إجراء اختبار كبت الجلوكوز (بالإنجليزية: Glucose suppression test)، حيث يُعطى المريض شراباً غنياً بالسكر ويتم قياس مستويات السكر وهرمون النمو على فترات منتظمة. استمرار ارتفاع هرمون النمو قد يدل على وجود ورم في الغدة النخامية، حيث أن الاستجابة الطبيعية لتناول كمية كبيرة من السكر هي انخفاض في هرمون النمو. تجدر الإشارة إلى أن مستويات هرمون النمو قد تختلف على مدار اليوم، بينما يبقى العامل شبيه الانسولين-1 ثابتاً نسبياً، لذلك يفضل قياس مستواه.

تحليل هرمون البرولاكتين

يتم إجراء تحليل هرمون البرولاكتين في الدم بالتزامن مع التصوير بالرنين المغناطيسي للغدة النخامية. ارتفاع بسيط في مستوى الهرمون قد يشير إلى وجود ورم في الغدة النخامية، أو ورم برولاكتيني (بالإنجليزية: Prolactinoma). يتم تأكيد التشخيص بعد الكشف عن وجود ورم من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي. يجب الأخذ في الاعتبار أن ارتفاع مستوى الهرمون قد يكون ناتجاً عن استخدام بعض الأدوية، وفي هذه الحالة غالباً ما تظهر الغدة طبيعية في التصوير بالرنين المغناطيسي.

تحليل الهرمون المحفز للغدة الدرقية

ارتفاع مستوى الهرمون المحفز للغدة الدرقية (بالإنجليزية: Thyroid–stimulating hormone) أو TSH في الدم قد يشير إلى وجود ورم في الغدة النخامية في بعض الحالات النادرة، مما قد يؤدي إلى فرط نشاط الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hyperthyroidism).

اختبار كبت الديكساميثازون

يُستخدم اختبار كبت الديكساميثازون (بالإنجليزية: Dexamethasone suppression test) لتقييم قدرة الغدة النخامية على كبت إنتاج الهرمون الموجه لقشر الكظر (بالإنجليزية: Adrenocorticotropic hormone) أو ACTH، ثم قياس مستوى هرمون الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol) في الدم للكشف عن وجود ورم في الغدة النخامية. يتم استخدام ديكساميثازون، وهو نوع من الكورتيكوستيرويدات الاصطناعية القوية، ثم يتم قياس مستوى الكورتيزول. الاختبار له نوعان:

اختبار كبت الديكساميثازون بجرعة عالية

يتم إعطاء جرعة كبيرة أو عدة جرعات من ديكساميثازون، ثم يتم قياس مستوى الكورتيزول في الدم أو البول بشكل دوري على مدى ثلاثة أيام. يمكن من خلال النتائج تحديد ما إذا كان ارتفاع الكورتيزول ناتجاً عن اضطراب في الغدة الكظرية (بالإنجليزية: Adrenal gland) أو في الغدة النخامية.

اختبار كبت الديكساميثازون بجرعة منخفضة

يشبه هذا الاختبار اختبار الجرعة العالية في عدد الأيام والعينات، لكنه يختلف في جرعة ديكساميثازون المستخدمة، حيث تعطى جرعة واحدة منخفضة أو عدة جرعات للكشف عن سبب ارتفاع الكورتيزول.

دراسة كيمياء الدم

دراسة كيمياء الدم (بالإنجليزية: Blood chemistry study) هي تحليل يتم فيه فحص عينة من الدم للكشف عن مستويات بعض المواد المختلفة، مثل سكر الدم أو الجلوكوز. ارتفاع أو انخفاض مستويات هذه المواد قد يشير إلى وجود مشاكل صحية.

تحليل البول لمدة 24 ساعة

يتم في هذا التحليل جمع عينات من بول المريض على مدى 24 ساعة بشكل دوري للكشف عن مستويات مواد معينة في البول. يمكن الاستدلال على وجود مشاكل صحية في الأعضاء والأنسجة المسؤولة عن إنتاج هذه المواد إذا كانت مستوياتها في البول غير طبيعية. ارتفاع مستوى الكورتيزول في البول قد يشير إلى الإصابة بمتلازمة كوشينغ أو فرط نشاط قشر الكظر (بالإنجليزية: Cushing’s Syndrome) أو ورم في الغدة النخامية.

الاختبارات التصويرية

هناك أنواع مختلفة من الاختبارات التصويرية التي يمكن استخدامها للكشف عن اضطرابات وأورام الغدة النخامية، مثل التصوير بالأشعة السينية (بالإنجليزية: X-rays) والتصوير بالرنين المغناطيسي. هذه الاختبارات تساعد على تحديد ما إذا كان الورم قد انتشر إلى مناطق أخرى مجاورة للغدة النخامية أو إلى مناطق أخرى في الجسم. قد يتم اكتشاف بعض أورام الغدة النخامية بالصدفة عند تصوير الرأس لتشخيص مشاكل صحية أخرى.

التصوير بالرنين المغناطيسي

التصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: Magnetic Resonance Imaging) لا يعتمد على استخدام الإشعاع كما تفعل العديد من الاختبارات التصويرية الأخرى، بل يستخدم حقلاً مغناطيسياً قوياً لإنتاج صور دقيقة للأجزاء الداخلية للجسم. دقة التصوير بالرنين المغناطيسي تفوق دقة التصوير في الاختبارات الأخرى، مثل الأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب (CT scan). يساعد التصوير بالرنين المغناطيسي على تحديد موقع وحجم الورم في الغدة النخامية. يتم تصوير منطقة السرج التركي (بالإنجليزية: Sella turcica) حيث تقع الغدة النخامية في الدماغ. في هذه الحالة، يتم حقن مادة تسمى الجادولينيوم (بالإنجليزية: Gadolinium) في الوريد، والتي تتجمع حول الورم لتظهره بشكل أوضح أثناء التصوير.

التصوير المقطعي المحوسب

يتم اللجوء إلى التصوير المقطعي المحوسب في الحالات التي لا يمكن فيها إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي، مثل وجود جهاز تنظيم ضربات القلب (بالإنجليزية: Pacemaker) لدى المريض. قد تكون الصور الناتجة أقل دقة، خاصةً في حالة وجود ورم غدي مجهري (بالإنجليزية: Microadenoma). يعتمد التصوير المقطعي المحوسب على التقاط عدة صور باستخدام الأشعة السينية، ثم يتم دمج هذه الصور باستخدام الكمبيوتر للحصول على صور ثلاثية الأبعاد دقيقة. يستخدم في هذا النوع من التصوير صبغة خاصة لتحسين دقة ووضوح الصورة، وتسمى وسيط التباين (بالإنجليزية: Contrast medium)، والتي يتم حقنها في الوريد أو تناولها عن طريق الفم.

التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني

قد يستخدم نوع خاص من التصوير يجمع بين التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (بالإنجليزية: Positron emission tomography) أو PET scan والتصوير بالرنين المغناطيسي للكشف عن أنواع نادرة من أورام الغدة النخامية لدى بعض المرضى الذين يعانون من متلازمة كوشينغ أو ضخامة الأطراف (بالإنجليزية: Acromegaly). يوفر هذا النوع من التصوير نتائج دقيقة جداً تمكن الطبيب من تحديد مصدر الورم، حيث يتم التصوير من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين.

فحص عينات الدم الوريدية النخامية

قد يكون من الصعب الكشف عن بعض أنواع أورام الغدة النخامية باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، خاصةً في حالة الأورام التي تفرز كميات كبيرة من الهرمون الموجه لقشر الكظر. لذلك، قد يلجأ الطبيب إلى فحص عينات الدم الوريدية النخامية إذا كان مستوى الهرمون مرتفعاً في الدم ولكن التصوير بالرنين المغناطيسي لم يظهر وجود ورم في الغدة النخامية. يتم إدخال أنابيب دقيقة في الوريدين في الفخذين وصولاً إلى الأوردة التي تنقل الدم من الغدة النخامية، ثم يتم أخذ عينات من الدم وتحليلها. بعد ذلك، يتم تحفيز إنتاج الهرمون الموجه لقشر الكظر من الغدة النخامية عن طريق استخدام الهرمون المسؤول عن هذا التحفيز، ويتم قياس مستوى الهرمون الموجه لقشر الكظر مرة أخرى. ارتفاع مستوى الهرمون في جانب واحد من الغدة النخامية قد يشير إلى وجود ورم.

الخزعة

قد يطلب الطبيب أخذ خزعة (بالإنجليزية: Biopsy) من نسيج الغدة النخامية لتأكيد التشخيص وتحديد العلاج المناسب. يتم الحصول على عينة صغيرة من النسيج وتحليلها مخبرياً من قبل أخصائي علم الأمراض للكشف عن وجود خلايا سرطانية. هناك عدد من الاختبارات التي يمكن إجراؤها على النسيج الذي تم الحصول عليه، ومنها:

اختبار الكيمياء النسيجية المناعية

تمتلك الخلايا السرطانية مولدات ضد (بالإنجليزية: Antigens) خاصة لا تظهر على الخلايا الطبيعية. لذلك، قد يجري الطبيب اختبار الكيمياء النسيجية المناعية (بالإنجليزية: Immunohistochemistry)، والذي يستخدم فيه أجساماً مضادة (بالإنجليزية: Antibody) مشعة للكشف عن مولدات الضد الخاصة بالخلايا السرطانية وتسهيل الكشف عنها باستخدام المجهر. يستخدم هذا الاختبار لتحديد نوع السرطان.

الفحص المجهري الضوئي والإلكتروني

في هذه الحالة، يتم فحص عينة النسيج التي تم الحصول عليها باستخدام المجهر الضوئي أو المجهر الإلكتروني عالي الطاقة للبحث عن تغيرات في طبيعة وشكل الخلايا.

البزل الشوكي

في بعض الحالات النادرة، قد يلجأ الطبيب إلى عملية البزل الشوكي (بالإنجليزية: Lumbar puncture) للمساعدة على الكشف عن بعض أنواع أورام الغدة النخامية. تستخدم إبرة خاصة للحصول على عينة من السائل الدماغي الشوكي (بالإنجليزية: Cerebrospinal fluid) أو CSF، وهو السائل المحيط بالدماغ والحبل الشوكي، للكشف عن وجود الدم أو الخلايا السرطانية، أو بعض الواسمات الورمية (بالإنجليزية: Tumor markers) ضمن السائل. الواسمات الورمية هي مواد تظهر بنسب عالية في أنسجة الجسم أو البول أو الدم في حالة وجود أنواع معينة من الأورام. هذا النوع من التحاليل نادر الاستخدام للكشف عن أورام الغدة النخامية.

تحديد مرحلة ورم الغدة النخامية

يقوم الطبيب بتحديد مرحلة ورم الغدة النخامية بناءً على تحليل نتائج الاختبارات المختلفة التي تم إجراؤها. معظم أورام الغدة النخامية ليست سرطانية، لذلك لا يوجد نظام موحد لتقييم وتحديد مرحلة الورم في هذه الحالة. يتم تحديد مرحلة الورم من خلال حجمه ومدى انتشاره إلى الأنسجة المجاورة. الورم الذي لا يزيد حجمه عن 1 سم يسمى الورم الغدي المجهري، بينما الورم الذي يزيد حجمه عن 1 سم يسمى الورم الغدي الكبير (بالإنجليزية: Macroadenoma).

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

التعرف على مرض ألفا ثلاسيميا

المقال التالي

التعرف على ارتفاع ضغط الدم

مقالات مشابهة