جدول المحتويات
مقدمة: قوة التلاحم الوطني
لا شك أن المواطنين الذين يعيشون على أرض واحدة يجب أن يتشاركوا نفس الاهتمامات التي تشغل بال وطنهم. يجب عليهم التفكير معًا في أفضل السبل لرفعته وازدهاره. لذلك، يجب أن يكونوا كالجسد الواحد، متماسكين ومتعاونين.
التآزر والتعاون في فعل الخير، وتجاوز الأزمات بالتكاتف والتعاضد، وتجنب كل ما يمكن أن يؤدي إلى تدهور الوطن، هي أمور ضرورية. الوطن يحتاج إلى قوة أبنائه وصمودهم ووحدتهم في الحق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا”. ثم شبك بين أصابعه.
سبل ومظاهر الوئام بين أبناء المجتمع
تحقيق الوئام بين أبناء المجتمع ليس بالأمر المستحيل، ولكنه يتطلب الحكمة والصبر والحب العميق الذي يجب أن يجمعهم جميعًا. يجب الابتعاد عن الحقد والحسد والعداوة، والتعاون في السراء والضراء، ومساعدة بعضنا البعض في مواجهة صعاب الحياة، وعدم التعدي على حقوق الآخرين.
الوحدة بين أبناء المجتمع تعكس صورة جميلة عنهم، وتظهرهم كشعب متجانس، يمثل نسيجًا واحدًا للوطن بأكمله، بغض النظر عن أصولهم وانتماءاتهم الدينية أو السياسية. يجب أن يتفق الجميع على حب الوطن وتقديم كل ما هو غالٍ من أجله، واستثمار الأموال في تنميته، وتوفير فرص العمل لأبنائه.
يتجسد التلاحم في الدفاع عن الوطن والوقوف صفًا واحدًا ضد أي اعتداء عليه، والسعي معًا لبنائه وزيادة نموه وتطوره، والعمل على جعله في المقدمة دائمًا. يتحقق ذلك من خلال استغلال عقول أبناء الوطن وخبراتهم، وتوفير كل ما يحتاجه لتحقيق أهدافه.
يجب على كل فرد أن يقدم ما يستطيع. من يملك الخبرة والعلم عليه أن يعلم غيره، فاليد الواحدة لا تصفق. بالتعاون والتضامن يمكننا تحقيق الكثير من الفرص المفيدة للوطن ورفعته. قال الله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” (المائدة: 2).
من صور التماسك العظيم بين أبناء الوطن مشاركة الأفراح والأحزان، والفرح لفرح بعضنا، والوقوف صفًا واحدًا في تلقي التهاني والمساعدة في إتمام مراسم الفرح. وفي الوقت نفسه، الوقوف معًا في الأحزان والتخفيف من حزن بعضنا، ومساعدة الغني للفقير حتى تتحسن ظروفه.
كما يتجسد التلاحم في وقوف الكبير مع الصغير والعطف عليه حتى يكبر ويصبح قادرًا على مواجهة الحياة بالتكافل الاجتماعي الذي يجب أن يكون سنة ثابتة بين أبناء الوطن الواحد. هذا كله يعتمد على أسلوب التربية الذي يتلقاه الأفراد، إذ يستطيع أي شخص أن يربي أبناءه على مبدأ التعاون والتكافل ومساعدة الغير دون انتظار أي جزاء، وأن يساعده في أن يكون على قدر المسؤولية.
ينعكس التضامن والتعاون بين الأفراد على الوطن بأسره، فيصبح وطنًا أكثر جمالًا وأكثر رحابة، وآمنًا ومستقرًا، وشعبه متقدمًا وراقيًا، يعرف ما يريد، ويحدد أهدافه بسهولة، دون أن يحتاج إلى أحد، ويشهد تقدمًا واضحًا في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والصناعية والاجتماعية وغيرها.
هذا كله سر من أسرار السعادة والأمان التي تجعل الوطن قويًا منيعًا ومترابط الجبهة الداخلية لا يستطيع الأعداء أن يتمكنوا منه أبدًا. لهذا يجب علينا تعميم فائدة التلاحم بين أبناء الوطن بين الجميع، وأن يركز الإعلام عليه بشكل كبير، كي يحرصوا على تحقيق الأفضل دائمًا.
الوطن أكبر من الجميع، والوئام الوطني هو حجر الأساس الذي تُبنى عليه قوته. لهذا لا يجب أن يتم تجاهل هذا الوئام، وأن يعي الشعب جميعًا الأهمية الكبرى له، حيث يكون ترابطنا معًا جزءًا مهمًا من وطنيتنا التي لا نتخلى عنها أبدًا، لأن التخلي عن الوطنية والتلاحم الوطني يعني التفكك الذي لا تُحمد عقباه أبدًا.
وهذا بدوره يسهم في حدوث خلل كبير في نسيج الوطن، وهو خلل يزيد من الصدع الذي يحدث في جسد الوطن، وقد لا يستطيع أحد رأب هذا الصدع إذا كبر وزاد عن حده. لهذا من الواجب أن تتم تنشئة أبناء الوطن على حب التلاحم والتكافل منذ الصغر، وأن يكون هذا الشيء جزءًا من وطنيتهم التي لا يتخلون عنها أبدًا.
من صور الوئام الوطني ألا يسمح أبناء الوطن لأي شخص أن يبث الفتن والنزاعات بينهم، مهما كان الباب الذي يدخل منه هذا الشخص، فالبعض قد يبث العنصرية أو الطائفية بين أبناء الوطن، كي يستطيع أن يبث الفرقة بينهم، لكن إذا كانت جبهة الوطن الداخلية قوية ومتماسكة، لا يمكن لأي شيء أن يخترق هذه القوة ويحدث فيها الخلل.
لهذا فإن الأساس الذي تقوم عليه الأوطان هو أساس الوئام أولًا. فالمجد كله للشعوب التي تقف معًا في سبيل أوطانها ولا تسمح بأن تمس الفرقة قلوبها مهما كانت الظروف والأحوال، لأنهم يعلمون جيدًا أن الوطن هو الأساس، ولولا وطننا لما شعرنا بالأمن والأمان.
الخاتمة: الانسجام الوطني طريق الازدهار
في ختام هذا المقال، لا بد من الإشارة إلى أهمية التلاحم الذي ينعكس على جميع أبناء الوطن. الوئام الوطني والتلاحم بين قلوب وعقول أبناء الوطن الواحد هو طريق الازدهار الذي يجعل من الوطن مثاليًا وسعيدًا وقويًا لا يخشى الأعداء أبدًا.
الوحدة تسد كل الثغور الموجودة في جسد الوطن، وهي السبب الذي يسهم في رفعته. لو كانت جميع الأوطان متحدة لما استطاع عدو أن يتمكن منها أو من أبنائها، لأن الوئام الوطني يلغي نقاط الضعف، ويحولها إلى نقاط قوة لا يتمكن أحد من تجاوزها أو تحطيمها.