مقدمة
لقد فرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين الإحسان إلى الوالدين في كل وقت وحين، وفي جميع الظروف والأحوال، سواء في حياتهما أو بعد مماتهما. وقد جعل الله للإحسان إلى الوالدين أشكالاً وصوراً عديدة، من بينها الدعاء لهما، والتصدق عنهما. وقد جاءت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على ذلك.
نصوص من القرآن والسنة حول الإحسان للوالدين
هناك العديد من النصوص الشرعية التي توضح أهمية الإحسان إلى الوالدين، سواء في حياتهما أو بعد مماتهما، ومن هذه النصوص:
-
قول الله تعالى: {وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا} [سورة الإسراء: 24].
في هذه الآية الكريمة، أمرٌ مباشر من الله تعالى للعبد بالدعاء لوالديه، وهذا الدعاء يشملهما في حياتهما وبعد وفاتهما.
-
ما رواه أبو أُسيد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما جاءه رجل من بني سلمة، فقال له: (يا رسولَ اللهِ، هل بقِيَ من برِّ أبوَيَّ شيءٌ أبرُّهما به بعدَ موتِهما؟ فقال عليهِ الصلاةُ والسلامُ: الصلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهما من بعدِهما، وإكرامُ صديقِهما، وصلةُ الرحمِ التي لا تُوصَلُ إلا بهما).
في هذا الحديث الشريف، دليل واضح على استمرار بر الوالدين بعد وفاتهما من خلال الدعاء والاستغفار لهما.
-
ما روي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في فضل دعاء الولد لأحد والديه المتوفين أو كليهما، فقال: (إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له).
هذا الحديث يؤكد على أهمية دعاء الولد الصالح لوالديه بعد وفاتهما، فهو عمل لا ينقطع أجره.
-
ما رواه الصحابي سعد بن عبادة -رضي الله عنه-، قال: (قلت: يا رسول الله، إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء).
هذا الحديث يدل على فضل الصدقة عن الوالدين بعد وفاتهما، وأن سقي الماء من أفضل الصدقات.
-
قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أبَرَّ البِرِّ أنْ يصِلَ الرَّجلُ أهلَ وُدِّ أبيه بعدَ أنْ يولِّيَ).
هذا الحديث يحث على صلة أهل ود الأب بعد وفاته، وهذا من أعظم البر به.
-
وقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ أحبَّ أن يَصِلَ أباهُ في قبرِهِ، فلْيَصِلْ إخوانَ أبيهِ منْ بعدِهِ).
في هذا الحديث، تأكيد على أهمية صلة إخوان الأب بعد وفاته، كنوع من أنواع البر والإحسان إليه.
يتضح من هذه النصوص الشرعية، استحباب أن يصل الولد أرحام والديه وأصدقاءهما وكل شخص يحبانه، سواء في حياتهما أو بعد مماتهما.
أهمية الإحسان إلى الوالدين
لقد أمر الله عز وجل بالإحسان إلى الوالدين في كتابه العزيز، فقال: {وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا*وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا} [سورة الإسراء: 23-24].
كما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله تعالى، فعندما جاءه رجل يطلب الجهاد معه -عليه الصلاة والسلام-، وقد علم رسول الله أنه ترك من خلفه أبوين يبكيان؛ أمره أن يذهب فيبقى معهما ويقوم بخدمتهما. فبر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله تعالى، كما أنه سبب في تفريج الهموم والكروب، وفتح باب الرزق والبركة للبار بوالديه، وهو سبب لاستجابة الدعاء، ورضا الله تعالى عن العبد، ودخول الجنة. فالبار بوالديه في الدنيا كأنه في سعي دائم في سبيل الله تعالى، وقد أوجب الله تعالى على الأبناء بر الوالدين حتى وإن كانا مشركين.
المراجع
- ابن باز، “بر الوالدين بعد وفاتهما”.
- إسلام ويب، “بر الوالدين بعد موتهما”، 1/1/2020.
- محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 11.
- سورة الإسراء، آية:24
- رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن مالك بن ربيعة أبو أسيد الساعدي، الصفحة أو الرقم:295، ثابت.
- رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:340، حديث ثابت.
- رواه الألباني ، في صحيح النسائي، عن سعد بن عبادة، الصفحة أو الرقم:3666، حسن.
- رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:431، أخرجه في صحيحه.
- رواه السيوطي ، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8302، حديث صحيح .
- سورة الإسراء، آية:23-24
- طريق الإسلام، “فضل بر الوالدين “، 21/4/2018.
