واجبات الآباء تجاه الأبناء بعد الانفصال

أهم مسؤوليات الآباء بعد الطلاق: التربية السليمة، تقديم القدوة الحسنة، تعليم العلم النافع، والمرافقة الصالحة للأبناء لغرس القيم الفاضلة في نفوسهم.

التربية المسؤولة والرعاية

تُعد التربية الحسنة للأبناء ورعايتهم من أهم حقوقهم على آبائهم، والآباء الذين يبذلون قصارى جهدهم في هذا الصدد سينالون جزاءً وافراً وثواباً عظيماً من الله عز وجل. إن الإحسان إلى الأولاد وتربيتهم تربية صالحة هو أمر يحبه الله ويرضاه.

وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا العمل الصالح، مشيراً إلى عظيم الأجر والثواب لمن يقوم به، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

“إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له.”

فهذا الحديث الشريف يبين فضل تربية الأبناء الصالحين وأنهم يكونون ذخراً لوالديهم في الدنيا والآخرة.

الأسوة الحسنة

تلعب القدوة دوراً محورياً في تكوين شخصية الأبناء. فالأبناء يراقبون سلوكيات آبائهم ويقلدونها بشكل مباشر. لذا، إذا كان الأبناء يعيشون مع أمهم، يجب عليها أن تقوم بتربيتهم وتعليمهم وتوجيههم نحو الخير، وأن تتحلى بالصبر في ذلك. وبالمثل، إذا كانوا يعيشون مع الأب، يجب أن يكون الأب هو السند والعون لهم، وأن يحرص على اصطحابهم إلى المسجد وتعليمهم أمور دينهم.

وقد ذكر الله -تعالى- وصية لقمان لابنه في القرآن الكريم، والتي تتضمن العديد من النصائح الهامة:

﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾.

هذه الآية الكريمة توضح أهمية غرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوس الأبناء منذ الصغر.

تلقين العلم النافع

قسم الله -عز وجل- العلم إلى نوعين: علم نافع وعلم ضار. يجب على الوالدين أن يحرصوا على تعليم أبنائهم العلم النافع الذي يعود عليهم وعلى المجتمع بالخير والفائدة.

قال الله -تعالى- في كتابه الكريم:

﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.

العلم النافع هو الذي يورث خشية الله في القلب، وينشئ أجيالاً تحب القرآن الكريم والسنة النبوية. فالأطفال الذين ينشؤون على العلم النافع يصبحون شباباً عابدين لله ومخلصين له في جميع أقوالهم وأفعالهم.

روى الإمام مسلم في صحيحه عن معاوية -رضي الله تعالى عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

“مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وإنَّما أنا قاسِمٌ ويُعْطِي اللَّهُ.”

بالإضافة إلى العلوم الشرعية، يجب على الوالدين متابعة أولادهم في العلوم الأخرى التي تفيدهم وتفيد مجتمعهم، وتشجعهم على التفوق والابتكار.

المصاحبة وغرس الفضيلة

تؤثر مصاحبة الأبناء تأثيراً إيجابياً كبيراً، خاصة بعد الانفصال. فالأبناء يحتاجون إلى من يصاحبهم ويوجههم ويدعمهم عاطفياً، ولا يوجد أفضل من الأم والأب للقيام بهذا الدور. هذه المصاحبة تمنحهم الثقة بالنفس وتعزز شعورهم بالأمان والاستقرار.

فكلما كان الأب رحيماً بأبنائه وليناً معهم، وتجنب تعنيفهم أو إيذائهم، كلما كان الأبناء أكثر ثقة بأنفسهم وأكثر استعداداً للتواصل معه ومشاركته أفكارهم ومشاعرهم. وهذا بدوره يولد الحب والمودة بينهم.

قال الله -تعالى- في كتابه الكريم:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.

إن اللين والرحمة والتسامح هي مفاتيح لكسب قلوب الأبناء وتقوية العلاقة معهم.

المصادر

  1. صحيح مسلم
  2. القرآن الكريم
  3. كتب الفقه الإسلامي
Total
0
Shares
المقال السابق

واجبات الآباء تجاه الأبناء

المقال التالي

مسؤوليات الوالدين تجاه الأبناء

مقالات مشابهة