جدول المحتويات
خلاصة في أشكال الإحسان للوالدين
في الختام، تتجلى صور الإحسان للوالدين في أبعادٍ متعددة، ولا تقتصر على جانبٍ واحد، ولا تتوقف عند رحيل الوالدين أو أحدهما إلى الدار الآخرة، وهذه من مظاهر رحمة الله وعظيم فضله على عباده، حيث جعل باب الإحسان للوالدين مفتوحًا على الدوام. يتحقق ذلك بتوقيرهما في حياتهما من خلال مختلف أوجه البر، والتصدق عنهما، والدعاء لهما، وتنفيذ وصاياهما بعد وفاتهما.
ومن الإحسان إلى الوالدين أيضًا، السعي لنيل رضاهما في كل الأمور، شريطة ألا يتعارض ذلك مع رضا الله سبحانه وتعالى، وأن يكون التعامل معهما دائمًا مصحوبًا بالمحبة والرفق في المعاملة، ومساعدتهما في كل ما يحتاجان إليه، وتقديم الطاعة وابتغاء رضاهما، وتجنب إيذائهما بالقول أو بالفعل.
حصاد الإحسان للوالدين في الحياة الدنيا
في نهاية الحديث، ينبغي على الأبناء أن يدركوا الثمرات التي يجنيها البار بوالديه في الدنيا، لكي يحرصوا على هذا البر ويداوموا عليه. فبر الوالدين هو أحد أبواب الجنة، وسبب للتوفيق في الحياة وتيسير الأمور. فالبر طريق للوصول إلى الخير، واستجابة الدعوات، وزيادة البركة في الرزق.
وهو أيضًا سبب لنيل محبة الناس؛ لأن الابن البار بوالديه يكون جديرًا بالثقة والمحبة من الآخرين. فمن لا يكون فيه خير لوالديه اللذين ربياه وعلمّاه وجعلاه قادرًا على تحمل المسؤولية، فلن يكون فيه خير للآخرين. لذلك، فإن من نعم الله تعالى أن جعل ثمار البر كثيرة في الدنيا، وكلها تُفرح القلب وتُبهج النفس.
حصاد الإحسان للوالدين في الحياة الآخرة
في الختام، إن الحديث عن الإحسان إلى الوالدين يجعل القلب يتوق لمعرفة الثمرات التي يجنيها المحسن في الآخرة، خاصة أن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين في كل وقت ومهما اختلفت الظروف والأحوال. لهذا فإن من أبرز هذه الثمار رفع الدرجات في الجنة والنجاة من النار، كما أن البار بوالديه ينال رضا الله تعالى ورضا رسوله، ويتجاوز الله عن سيئاته ويكون حسابه يسيرًا؛ لأنه أدى حق والديه على أكمل وجه.
لذلك؛ فإن من أراد أن ينجو في الآخرة ويدخل من أبواب الجنة جميعها عليه أن يحرص على نيل رضا والديه، وأن يبرّهما في حياتهما وبعد مماتهما، وأن يكون دومًا نعم الابن الذي لا يخالف والديه في الحق.
إرشادات السنة النبوية في التعامل مع الوالدين
في الختام، إن بر الوالدين من الأمور التي أمر بها النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- إذ شدد على ضرورة طلب رضاهما، وعدم رفع الصوت في حضرتهما، وعدم التسبب بأي أذى أو ضيقٍ لهما، فقد وردت الكثير من الأحاديث التي تدعو إلى بر الوالدين.
كما أنّ في السيرة النبوية المطهرة الكثير من المواقف التي كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يحث فيها على طاعة الوالدين وصلتهما حتى لو لم يكونا على دين الإسلام، فبعض الصحابة -رضوان الله عليهم- أمرهم النبي بطاعة والديهم حتى وهم كفار، شرط أن تكون هذه الطاعة في غير معصية الله تعالى، وهذا يدلّ على أهمية برّ الوالدين، وضرورة أن يكونا دومًا في أولوية اهتمام الأبناء، وألّا يأخذ مكانتهما أحد.
لقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بر الوالدين في مواضع كثيرة ومنها:
“عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله”.
وأكد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على خطورة عقوق الوالدين:
“عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت”.
وذلك دلالة على عظم هذا الأمر وضرورة الانتباه له.