فهرس المحتويات
مقدمة
هذا المقال يستعرض مجموعة من الحوارات والنقاشات المختلفة، بدءاً من نقاش بين ثلاث طالبات في المدرسة، مروراً بحوار بين ثلاثة أصدقاء، ثم نقاش بين ثلاثة إخوة، وصولاً إلى جدال بين السواك والسيجارة. تهدف هذه الحوارات إلى استكشاف قيم مختلفة، وأهداف شخصية، ومفاهيم مجتمعية بطريقة مشوقة ومثيرة للتفكير.
حديث الطالبات الثلاث
انتهت الحصة الدراسية الثالثة، واندفعت الطالبات نحو الكافتيريا، إلا أن نهى وسلوى ومرام بقين في الصف. لاحظت سلوى ومرام أن نهى تبدو شاردة، فسألنها عن سبب تفكيرها العميق.
نهى: “لنجلس قليلاً، أريد أن نلعب لعبة التخيل والتمثيل.”
سلوى: “وما هي هذه اللعبة؟”
مرام: “دعينا نذهب للاستراحة أولاً، ثم نلعب لاحقاً.”
نهى: “اسمعاني جيداً وركّزا. لو سألت كل واحدة منكن ما الذي تفضل أن تكونه من بين ثلاثة أشياء: بيضة، أو جزرة، أو قهوة، فماذا ستختاران؟”
مرام: “أنتِ بالتأكيد جائعة، لذلك تفكرين في الطعام!” قالتها بضحكة.
سلوى: “أنا لا أحب البيض أو القهوة، لذا سأختار الجزرة، لونها جميل.”
نهى: “أتمنى أن تفكرا بعمق في معنى هذه الأشياء الثلاثة، وما قيمتها في المجتمع.”
مرام: “البيض ثمين وجميل، لذلك سأختار أن أكون بيضة، بعيداً عن لون القهوة الداكن.”
سلوى: “وماذا عنك يا نهى، ماذا ستختارين؟”
نهى: “أنا بالتأكيد سأختار أن أكون قهوة، بل أتمنى أن أكون في واقع حياتي مثل القهوة.”
مرام: “لماذا تريدين أن تكوني سمراء؟”
سلوى: “انتظري يا مرام. ماذا تقصدين يا نهى بقيمة البيضة والجزرة والقهوة في المجتمع؟”
نهى: “أحسنت يا سلوى، بدأت تفكرين بشكل صحيح. ركّزا معي: لو وضعنا هذه الأشياء الثلاثة في الماء الساخن، كيف ستصبح، وماذا ستغير في الماء الساخن؟ الجزرة جميلة وصلبة، ولكن لو وضعناها في الماء الساخن لمدة عشر دقائق، كيف ستصبح؟ وكذلك البيضة يا مرام، جميلة، ولكن بعد سلقها، كيف سيكون حالها؟ أما القهوة فوضعها مختلف تماماً مع الماء الساخن.”
سلوى: “حسناً، الآن فهمت. أنتِ تريدين أن تكوني قهوة لأنها تغير المجتمع وتؤثر فيه، وتحدث شيئاً جيداً وإيجابياً ومفيداً عندما تختلط بالآخرين.”
مرام: “والجزرة يا سلوى، إذا تأثرت بالمجتمع وهو الماء الساخن، ستلين وتضعف ولن تحدث شيئاً إيجابياً فيه.”
نهى: “أحسنت يا مرام. وأنتِ يا بيضاء، ستصبحين من الداخل صلبة بعد السلق، فقد غيرتِ من نفسك ولكنك لم تحدثي تغييراً بمن حولك وهو المجتمع.”
سلوى: “إنها لعبة رائعة، تساعد كل واحد منا على وضع هدف لنفسه في الحياة، وأن يكون إيجابياً، فيغير من ذاته ويطور من نفسه دون أن ينسى المجتمع الذي يعيش فيه، بل يجب أن يكون فاعلاً ويترك أثراً وبصمة تُذكر له.”
نهى: “هذا ما أردته، فقد فكرت أن أضع أمامي أهدافاً لأغير من نفسي ومن حولي، فأكون قد حققت مجداً وتفوقاً.”
مرام: “أن أكون كالقهوة حقاً.”
دق الجرس معلناً بداية الحصة الرابعة وانتهاء الاستراحة.
مرام: “يا إلهي، لقد انتهى الوقت ولم يبق أمامي دقيقة واحدة لأستمتع بشرب فنجان من القهوة قبل العودة إلى الدرس.”
نهى: “أعدك بدعوتك لشرب القهوة أنتِ وسلوى بعد المدرسة.”
حوار الأصدقاء الثلاثة
في أحد الأيام، اجتمع كل من المال والعلم والشرف، ودار بينهم هذا الحوار:
المال: “إن لي سحراً عظيماً على الناس، ولمعاني مغرٍ للصغير والكبير. بجودي تحل الأزمات، وعند غيابي تنتشر التعاسة والحزن.”
العلم: “أنا أتعامل مع العقول الكبيرة، أحل التعقيدات بكمّ من الحكمة والمنطق ذي القوانين الواضحة، لا عملة تقف في طريقي ولا سعر لي. هدفي حماية الإنسان والدفاع عنه، ومحاربة أعداء الإنسانية الذين ينشرون الفقر والجهل.”
الشرف: “أما أنا فمن أغلى ما في الوجود، ولا أباع ولا أشترى. من حرص عليّ رفعت من شأنه وشرفته، ومن فرط فيّ حطمته وأذللته.”
عندما أراد الثلاثة الانصراف، تساءلوا: “كيف نتلاقى؟”
المال: “إن أردتم أن تجدوني، فابحثوا عني في تلك القصور العظيمة.”
العلم: “أما أنا فستجدوني في الجامعات الرائعة وفي مجالس الحكماء.”
بقي الشرف صامتاً، فسأله زميلاه: “لم لا تخبرنا؟” قال: “لأنّي إن ذهبت فلا أعود أبداً.”
نقاش بين ثلاثة إخوة
دار هذا النقاش بين ثلاثة إخوة: العمل والطموح والتخطيط.
العمل: “لقد سئمت من هذا الروتين الممل، وتعبت من الجلوس دون إنجاز شيء محدد.”
الطموح: “نعم، صدقت.” وبدأ الطموح يحفز العمل بأمور رائعة، حتى شعر العمل بطاقة مخيفة لديه للإنجاز تمكنه من شق الأرض أو الصعود إلى السماء، بينما كان التخطيط يمسك بقلمه راسماً خطة جديدة تختلف بأهدافها عن الخمسين خطة التي رسمها طوال الأسبوع.
قال العمل بعد أن فتح النافذة وأطل منها: “لابد أن ننطلق طلباً للنجاح الآن.” فصاح به الطموح: “نعم، هيا الآن.” وقرروا بعد ذلك أن يفترقوا ويلتقوا بعد شهر من هذا اليوم.
خرج العمل من المنزل مسرعاً يتسابق مع أحلامه، يجرب هنا، ويبحث هناك، وينظر في مكان ثالث. كان يفشل أحياناً وينجح أخرى، ولكن بعد مرور عدة أيام خارت قواه، واختفت الأحلام من أمامه، بعد أن تكللت جميعها بالفشل.
أما الطموح فتوقف عند باب المنزل متخيلاً نجاحاته، مردداً مجموعة من قصائده المفضلة التي تحفزه، قارئاً سير السابقين الذين نجحوا في حياتهم ليمتلئ بالحماس، في حين سيطرت كلمات العجز عليه، بقوله أريد، وأتمنى، وأحب، وغيرها.
أما التخطيط فلم يحرك ساكناً من غرفته، واضعاً الخطط، متفحصاً، دارساً مستشيراً منتظراً الفرصة المناسبة للبدء بالعمل، شعاره: سأفعل، سأقوم… إلا أن قاموسه اللغوي لا يخلو من التردد والخوف والحذر الزائد.
وعليه، فإن عملٌ بلا تخطيط هو عناء، وتخطيطٌ بلا عمل هو هباء؛ لأن الطموح الزائف غير القائم على عمل هو ما يفصل الإنسان عن الواقع، ويشعره بالقلق الدائم، ويجعل لعالم الخيال السيطرة على واقعه، بعيداً كل البعد عن قدرته لتحقيق ما يبني.
جدال بين السواك والسيجارة
السواك: السلام عليكم.
السيجارة: أهلاً وسهلاً.
السواك: كيف حالك؟
السيجارة: أنا بخير، كيف حالك أنت؟
السواك: بخير ولله الحمد، هل تسمحي بالنقاش معك في أمرٍ حيّرني؟
السيجارة: حسناً تفضّلي.
السواك: هل لي أن اعرف ما هي فائدة وجودك وأهميّتك في الحياة؟
السيجارة: أن أنعش من يتعاطاني، وأزيده حيويةً ونشاطاً.
السواك: لكن ما أُلاحظه يا عزيزتي أن الواقع يعكس خلاف ما تقولين.
السيجارة: هكذا أنتم دائماً، تُسيؤن الظن بالآخرين.
السواك: لكن هذا ما أراه فعلاً في الواقع.
السيجارة: هذا رأيك الشخصي، فأنا مقتنعة بهدفي في الحياة، فعلى الرّغم من قصر حياتي التي لا تتعدّى دقائق معدودة، إلّا أنه يمكنني القول أني سعيدة عندما أحترق من أجل سعادة الآخرين، فيتمتّعوا بالهدوء والانتعاش.
السواك: ساءت هذه الحياة! دقائق معدودة تحترقين فيها لمضرّة الآخرين وتدمير صحّتهم وخسارة أموالهم؟ أهذه الحياة التي ترضيها؟
السيجارة: ومن قال أن حياتك أفضل؟ ما هي فائدتك في الحياة؟
السواك: لي فائدة عظيمة في الحياة، تتنقّل بين إرضاء الربّ اتّباعاً لسنّة نبيّه حين قال عليه السلام: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب)، أُستخرَج من نبتة طيّبة لإععطاء الفم رائحة طيّبة، وإزالة الأوساخ العالقة، حلالٌ استخدامي من الكبار والصغار، في كل وقت ومكان وزمان، وهي حياة لا تُقارن بما تعمليه، فلو قارنّا حياتي بحياتك فإن الغلبة واضحة.
السيجارة: هات ما عندك.
السواك: أنا نوع من الطيب الذي يمنح الراحة والنظافة والانتعاش، سعري زهيد، وأهدف إلى منح الجميع حياة صحّية طويلة الأمد، أما أنت فالعكس تماماً، رائحة سيئ من نبات مؤذٍ، تحترقين بالنار لمضرّة الآخرين، وتدّعين سعادتهم في ذلك.
السيجارةمقاطعة غاضبة: قلت سابقاً أني أهدف إلى إسعاد من يستخدمني وهذا كان هدفي الظاهر، أما داخليّاً لكي أحرقه أيضاً كما يحرقني، لماذا يعيش سعيداً على بقايا حياتي؟
السواك: كنت أعلم ذلك، لكن ليتهم يعلمون بالخسارة التي يحصلون عليها بالركض خلفك، علّهم يفقهون ما وراء مقاصدك السيئة.