نعمة الشكر: ديمومة النعم ورضوان الله

استكشف أهمية شكر الله على النعم، جزاء الشاكرين، وكيفية تحقيق شكر الله الصادق، بالإضافة إلى درجات الشكر المختلفة.

فهرس المحتويات

أهمية شكر الله على نعمه
جزاء من يشكرون الله
طرق إظهار الشكر لله
مراتب الشكر ودرجاته
المراجع

فضل الشكر: ركن من أركان الإيمان

إنّ استمرار نعم الله تعالى مرتبطٌ بشكل وثيق بشكرنا له عليها. فالشكر يُثبت النعمة، بينما الجحود يُزيلها. يُعدّ السجود لله شكراً عظيماً عند حصول النعمة، كما يُشجّع الإسلام على إظهار النعم، فالله يُحبّ أن يرى أثر نعمه على عباده، وأن يُشاركوا هذه النعم مع المحتاجين قدر استطاعتهم.[1]

من أهمية الشكر:[2]

  • الشكر أساس الإيمان: يُعتبر الشكر نصف الإيمان، كما قال بعض العلماء، لأهميته البالغة، مستندين على قول الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [لقمان: 31].
  • طريقٌ إلى رضا الله: المواظبة على شكر الله هي السبيل لرضاه، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَىٰ لَكُمْ﴾ [الزمر: 7].
  • دليلٌ على صدق العبادة: الشكر يُثبت صدق العبادة، فمن لا يشكر الله يُقصّر في عبادته، كما في قوله تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: 172].
  • صفةٌ من صفات الأنبياء: تميّز الأنبياء بشكرهم لله، كما أثنى الله تعالى على إبراهيم عليه السلام: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ﴾ [النحل: 120-121]. وكذلك سليمان عليه السلام: ﴿قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۚ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: 40]، وموسى عليه السلام: ﴿قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 144]. وحتى النبي محمد ﷺ كان يُوصي أصحابه بالدعاء: (يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ)[9].

جزاء الشكر: منّةٌ إلهية لا تُحصى

جعل الله جزاء الشاكرين غير محدود، فلا يُمكن حصر ثوابهم، لكلٍّ جزاءٌ حسب شكره، كما في قوله تعالى: ﴿وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144] و﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]. فكلما زاد الشكر، زاد الثواب، وتزايدت النعم.

الله وصف كيف أحاط بنعمه الخلق، لكن أغلبهم غفل عن الشكر: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 17]. ولذا، جعل الله ثواب الصابرين والشاكرين عظيماً، كما قال النبي ﷺ: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)[26].

كيف نُظهر شكرنا لله؟

يتحقق شكر الله بأوجه متعددة:[27, 28]

  • معرفة النعمة: يجب أن يعرف الإنسان النعم التي أنعم الله بها عليه، ويُدرك قيمتها، ويُميّزها، كما أوصى النبي ﷺ: (إذا نَظَرَ أحَدُكُمْ إلى مَن فُضِّلَ عليه في المالِ والخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إلى مَن هو أسْفَلَ منه)[29].
  • الإقرار بأنها من الله: يجب الاعتراف بأن النعم من عند الله، وعدم إسنادها إلى الجهد الشخصي فقط، فذلك يُعدّ جحوداً.
  • قبول النعمة بالتواضع: شكر الله بالتواضع و الإقرار بالفقر والحاجة لله.
  • شكر الله باللسان: شكر الله بالقول، والحمد والثناء عليه.
  • شكر الله بالجسد: أداء العبادات، والعمل الصالح، والإحسان في العمل، والإنفاق في سبيل الله.
  • شكر الله بالقلب: الإيمان الصادق بنعمة الله، والشكر الحقيقي من القلب.
  • إفشاء النعمة: التحدث عن نعم الله، كما أمر الله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11].

درجات الشكر: من المحبب إلى المُكروه

لشكر الله درجات:[32, 33]

  1. الشكر على المحابّ: شكر الله على ما يُحبّبه لنا، سواء من الأمور المادية أو المعنوية.
  2. الشكر على المكاره: شكر الله حتى في المصائب، وهو أعلى من الشكر على المحابّ.
  3. عدم شهود غير المنعم: أعلى درجات الشكر، حيث يُقدّم الإنسان شكره لله دون النظر إلى أي سبب آخر، فكل شيءٍ من عنده.

المراجع

[1] عطية سالم، شرح بلوغ المرام، صفحة 1، جزء 75. بتصرّف.

[2] فيصل آل سعود (2002م)، سر دوام النعم (الطبعة الثانية)، الرياض – المملكة العربية السعودية، مكتبة الملك فهد الوطنية، صفحة 25-39. بتصرّف.

[9] رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 1522، صحيح.

[26] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان الرومي، الصفحة أو الرقم: 2999، صحيح.

[27, 28] مجموعة من المؤلفين (من 1404 – 1427ه)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر، مطابع دار الصفوة، صفحة 179، جزء 26. بتصرّف.

[29] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6490، صحيح.

[32, 33] محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، عمّان – الأردن، بيت الأفكار الدولية، صفحة 1969، جزء 2. بتصرّف.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

فضل شكر الله تعالى

المقال التالي

شهر رجب المبارك: فضائله وأهميته

مقالات مشابهة