نظرة في ملحمة الفردوس المفقود

دراسة متعمقة لملحمة الفردوس المفقود لجون ميلتون. تحليل للأفكار الرئيسية، والشخصيات البارزة، والسياق التاريخي للقصيدة.

مقدمة حول ملحمة الفردوس المفقود

تعتبر ملحمة الفردوس المفقود تحفة أدبية خالدة، ظهرت في أواخر القرن السابع عشر عام 1667، وهي من إبداع الأديب الإنجليزي جون ميلتون. تتألف الملحمة من عشرة كتب، مع العلم أن الكتابين السابع والعاشر قُسِّما إلى جزأين. يرى العديد من النقاد والباحثين أن هذه الملحمة هي أعظم ما كُتب من شعر باللغة الإنجليزية، وقد استوحاها ميلتون من القصص والأحداث التاريخية المسيحية.

تمثل الفردوس المفقود محاولة لإعادة صياغة قصة سفر التكوين بأسلوب شعري فريد، حيث يتجاوز ميلتون في هذه الملحمة القيود التقليدية المعروفة في سرد القصص الأدبية. بالنسبة للقارئ المسيحي وللفكر والثقافة الغربية السائدة، فإن الملحمة تتضمن القصة الأصلية وتستكشف جميع الاحتمالات التي يمكن أن يفعلها الإنسان.

يروي جون ميلتون في هذه الملحمة قصة هبوط الشيطان وأتباعه إلى الأرض، بالإضافة إلى قصة خلق الإنسان والعواقب المترتبة على أفعاله. الفكرة الرئيسية تدور حول أن من يعصي الله يخسر الجنة إلى الأبد. هنا يطرح سؤالان مهمان: الأول، إلى أي مدى ابتعد ميلتون عن التصورات الأرثوذكسية لسفر التكوين؟ والثاني، كيف أثرت تجارب ميلتون ومشاعره وانتماءاته وتحيزاته وخيباته على كتابة هذه الملحمة؟ الملحمة طويلة جدًا وتنتهي بنهاية مفتوحة تثير الكثير من الأسئلة، ويمكن استخلاص العديد من الأفكار منها.

المحاور الأساسية في الفردوس المفقود

تتضمن ملحمة الفردوس المفقود مجموعة من الأفكار والمحاور الرئيسية، منها:

  • أهمية طاعة الله: تسرد الملحمة قصة أول معصية ارتكبها الإنسان، وتوضح العواقب الوخيمة التي ترتبت عليها. تؤكد الملحمة على أن الإنسان يواجه طريقين لا ثالث لهما، إما الاستمرار في المعاصي أو التوبة والعودة إلى طاعة الله.
  • الطبيعة الهرمية للكون: تتناول الملحمة التسلسل الهرمي للكون بنفس قدر اهتمامها بموضوع الطاعة. تشرح الملحمة تقسيم الكون من السماء إلى الجحيم، وكيف تتوزع المخلوقات في هذا التقسيم وفقًا لمكانتها.
  • السقوط ليس سلبيًا تمامًا: على الرغم من أن خروج آدم وحواء من الجنة يبدو كارثة لا يمكن إصلاحها، إلا أنه في الواقع جلب خيرًا كبيرًا، مثل الاستغفار والسعي إلى استحقاق الجنة بالأفعال الصالحة.

الشخصيات المحورية في الفردوس المفقود

تضم قصيدة الفردوس المفقود عددًا من الشخصيات البارزة، من بينها:

  • آدم: الإنسان الأول الذي كان يعيش في جنة عدن، وكان مطيعًا لله وشاكرًا له. لكنه يفقد هذه النعمة عندما تقنعه حواء بمشاركتها في خطيئة الأكل من شجرة المعرفة.
  • حواء: أول امرأة خُلقت من ضلع آدم، وكانت خاضعة له وأضعف منه. لذلك، يركز الشيطان جهوده عليها لإغواءها، وينجح في ذلك عندما تأكل هي وآدم من الشجرة.
  • الشيطان: كبير الملائكة المتمردين الذين سقطوا من السماء. هو مُنشئ الخطيئة؛ لأنه أول من جحد بالله، وتبدأ عقوبته الأبدية عندما ينزل إلى الأرض. تتغير شخصيته على مدار القصيدة، حيث يبدو في كثير من الأحيان عقلانيًا ومقنعًا، ثم يظهر التناقض واللاعقلانية في أفكاره. يمكنه أن يتخذ أي شكل، سواء كان مجيدًا أم متواضعًا.
  • يسوع المسيح: يوجه الضربة القاضية لقوات الشيطان، ويرسلهم إلى الجحيم قبل خلق الأرض. وعندما يتنبأ بسقوط الإنسان، يقدم نفسه قربانًا ليدفع ثمن خطايا البشرية.
  • بعلزبوب: اليد اليمنى للشيطان، ويتناقشان في خياراتهما بعد إلقائهما في الجحيم. يجسد مع الشيطان العقل المنحرف والفاسد تمامًا.
  • بليعال: أحد الشياطين الرئيسيين في الجحيم، ويسعى إلى إشعال المزيد من الحروب مع أهل الجنة. يمثل الكسل وقلة النشاط، ويتمكن من إقناع بقية الشياطين بوجهة نظره.
  • مامون (الجشع): شيطان معروف في الكتاب المقدس بأنه رمز للثروة. يمشي دائمًا منحني الظهر، كما لو كان يبحث عن الأشياء الثمينة، ويعارض الحرب لأنه يراها غير مجدية.
  • مولسيبر: الشيطان المسؤول عن الفوضى والضوضاء في قصر الشيطان في الجحيم. شخصيته مستوحاة من شخصية أسطورية يونانية كانت مهندسًا معماريًا فقيرًا، لكنه في الملحمة يُعتبر أحد أكثر الشياطين إنتاجية ومهارة في الجحيم.
  • ملوخ: شيطان متهور وغير عقلاني وقاتل، ويدعو إلى خوض معركة جديدة مع الملائكة.
  • الخطيئة: ابنة الشيطان، قفزت من رأسه عندما كان في الجنة. شكلها من فوق الخصر امرأة ومن الأسفل أفعى، وهي حارسة أبواب الجحيم.

المصادر والمراجع

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نظرة في قصيدة العيد للمتنبي

المقال التالي

نظرة تحليلية على قصيدة “واحر قلباه” للمتنبي

مقالات مشابهة