فهرس المحتويات
تعريف السماحة في الشريعة الإسلامية
يعتبر العفو صفة بارزة في الدين الإسلامي الحنيف، ويتجلى في العلاقات بين الأفراد والمجتمعات، ممتداً ليشمل جوانب متعددة من الحياة، سواء كانت دينية أو اقتصادية أو غيرها. يُعرف العفو بأنه اللين والمساهلة. ونجد أشكاله في أداء العبادات، وفي التفاعلات اليومية، وكذلك في التعامل مع الضعفاء، وحتى مع أصحاب الديانات الأخرى. فيما يلي توضيح لأهم مظاهر هذا المفهوم:
صور التسامح في الدين الإسلامي
تتنوع صور التسامح في الإسلام، وتشمل التيسير في العبادات، والمرونة في المعاملات، والتعامل الحسن مع المسلمين وغير المسلمين على حد سواء. فيما يلي تفصيل لذلك:
التيسير في أداء العبادات
التيسير هو أساس في الشريعة الإسلامية، فالله -عز وجل- لا يكلف عباده ما لا يطيقون، مصداقاً لقوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا). ومن مظاهر التسامح في العبادات:
- الأصل في الأشياء هو الإباحة ما لم يرد نص بتحريمها.
- رفع الإثم عن بعض الفئات كالنائم والصغير والمجنون، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقِظَ، وعن المبتلَى حتَّى يبرأَ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يكبُرَ).
- الرخص الشرعية: مثل التيمم لمن عجز عن الوضوء أو فقد الماء، وصلاة المريض جالساً، وإفطار المريض والمسافر في رمضان، والتيسير في الحج بعدم فرضه على العاجز أو غير المقتدر مادياً.
اللين في التبادلات
يحتاج الناس إلى اللين في تفاعلاتهم اليومية، وإلا وقعوا في المشقة والعنت. ومن صور التسامح في المعاملات:
- السماحة في الفهم: الإسلام دين يسر، وهذا يعني عدم التكلف في الفهم وتجاوز الحدود، والابتعاد عن الحدة في التعامل مع الآخرين.
- العفو عن هفوات الآخرين: الخطأ وارد من بني البشر، ولا تستقيم العلاقات الإنسانية إلا بالتغاضي عن الزلات، كما قال تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا)، وقد رتب الله على العفو والصفح مغفرة الذنوب، قال -تعالى-: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم).
- التسامح مع الناس: وهو من صور الإحسان، والله يحب المحسنين، كما قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين)، وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من يعفو عن الناس ويكتم غضبه له ثواب عظيم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (من كظم غيظا، وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء).
مراعاة حقوق أتباع الديانات الأخرى
يشمل التسامح في المجتمع الإسلامي جميع الأفراد، بمن فيهم غير المسلمين. فالأصول السماوية للشرائع كلها من عند الله، ودياناتهم ومعابدهم وشعائرهم وحقوقهم مصانة في ديننا، ولا يجوز الانتقاص منها.
من أمثلة التسامح مع غير المسلمين:
- أمر الله بمخاطبتهم بأحسن الكلام، قال تعالى: (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ).
- إجازة التعامل معهم بالبيع والشراء، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- قدوة في ذلك: (اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاماً إلى أجل معلوم).
- إحلال طعامهم، قال تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ).
آثار العفو في الإسلام
تتعدد آثار العفو ومنافعه في الإسلام، وهي جمة، لأنه يتخلل جميع مجالات الحياة. ومن هذه الآثار:
- محبة الله ورسوله للمتسامح.
- التسامح في البيع والشراء يجلب الرزق.
- التسامح مع أصحاب الديانات الأخرى قد يكون سبباً في دخولهم الإسلام.
المصادر
- محمد قلعجي، معجم لغة الفقهاء.
- عبد العزيز التويجري، وسطية الإسلام وسماحته.
- فالح بن محمد الصغير، اليسر والسماحة في الإسلام.
- أسامة محمد محمد الصلابي. (2002)، الرخص الشرعية أحكامها وضوابطها (الطبعة 1)، مصر: دار الإيمان للنشر والتوزيع.
- عبد الله الزحيلي، كلمات في مناسبات.
- محمد بن محمد بن محمد الغزي، آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة.
- مصطفى السباعي، مقتطفات من كتاب من روائع حضارتنا.
- جامعة المدينة، السياسة الشرعية.
- مجموعة مؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم.