نظرة في مسرحية مجنون ليلى لأحمد شوقي

استعراض لقصة حب قيس وليلى في مسرحية أحمد شوقي الشهيرة. تحليل لأحداث المسرحية وأقسامها المختلفة.

مقدمة

تُعد قصة قيس بن الملوّح وليلى العامرية من أشهر قصص الحب الخالدة في التراث العربي، وهي قصة تجسد أسمى معاني العشق والهيام بين شخصين. تتميز هذه الحكاية بعمق المشاعر، والإصرار على الحب مهما كانت الصعاب، والسعي الدائم لتحقيق الوصال. إلا أن سعي قيس للزواج من ليلى واجه عقبات جمة، قادته في النهاية إلى الجنون.

استلهم الأدباء والشعراء هذه القصة الغنية بالمشاعر، وأعادوا صياغتها في أعمالهم الأدبية، ومن أبرز هذه الأعمال مسرحية “مجنون ليلى” للشاعر الكبير أحمد شوقي، والتي سنتناولها في هذا المقال.

نبذة عن الشاعر أحمد شوقي

أحمد شوقي هو شاعر وأديب مصري شهير، لُقب بـ “أمير الشعراء”. وُلد في مصر ونشأ في رعاية جدته، التي أدخلته الكُتّاب في سن الرابعة، حيث أظهر تفوقًا ملحوظًا في حفظ القرآن الكريم والشعر والأدب العربي. كان شغوفًا بقراءة دواوين الشعراء الكبار، وعندما بلغ الخامسة عشرة من عمره، التحق بقسم الترجمة في كلية الحقوق، ثم سافر إلى فرنسا لإكمال دراسته القانونية. إلا أن دراسته لم تثنه عن متابعة كبار الشعراء والأدباء الفرنسيين، مثل رامبو وبودلير وفيرلين، لكن قلبه ظل معلقًا بكبار شعراء العربية، وخاصة المتنبي.

عرض لأحداث مسرحية مجنون ليلى

تُعتبر مسرحية “مجنون ليلى” ثاني مسرحية كتبها الشاعر والأديب أحمد شوقي، وهي أول أعماله المسرحية التي استلهمت جزءًا من تاريخ العرب وجسدته. تتميز هذه المسرحية، المقتبسة من قصة واقعية، بفيض المشاعر الصادقة، وتلخص ما يمكن أن يفعله الحب والعشق بأصحابه، حتى الموت في بعض الأحيان.

تدور أحداث المسرحية في العصر الأموي، في منطقة نجد، المعروفة بشعرائها العذريين. الشخصيتان الرئيسيتان هما قيس بن الملوح، الملقب بمجنون ليلى، وليلى العامرية التي عشقها قيس، إضافة إلى شخصيات أخرى مثل والد ليلى (المهدي) وزوج ليلى (ورد)، وبعض الشخصيات الثانوية التي أثرت على قصة الحب هذه.

تتمحور أحداث المسرحية حول قيس الذي يعشق ليلى منذ الصغر، حيث نشآ معًا وهما يرعيان الغنم. إلا أن والد ليلى رفض تزويجهما بسبب أن قيسًا كان يذكرها في شعره، ويصف حبه وعشقه لها. وفقًا لعادات العرب في ذلك الوقت، كان يُعتبر عيبًا أن تتزوج الفتاة من شاب يهيم بها وينشد لها شعرًا. هذا الحب الملتهب أضعف قيسًا ذهنيًا وجسديًا، حتى أصبح لا يستطيع التوقف عن الحديث عن ليلى، ولا يرتاح إلا في مكان وجودها.

حاول بعض الناس، الذين تعاطفوا مع قيس، التوسط لدى أهل ليلى ليتزوجها، ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل. تزوجت ليلى من رجل آخر نزولًا عند رغبة أهلها، ولكنها لم تستطع تحمل آلام الحب، فمرضت ثم ماتت. في هذه الأثناء، كان قيس يهيم في البادية، وبعد أن علم بموتها، لم يستطع تحمل الصدمة ومات هو الآخر.

تفاصيل فصول المسرحية

تنقسم المسرحية إلى خمسة فصول:

  • الفصل الأول: يجتمع الشباب والشابات في المساء لتبادل الأحاديث، فيذكر أحدهم قيسًا ورغبته في الزواج من ليلى، فتغضب ليلى وتخبر الجميع عن مشكلتها مع قيس، التي تتجلى في حديثه الدائم عنها في شعره. في تلك اللحظة، يدخل قيس بحجة أنه يريد نارًا، إلا أن والد ليلى يطرده من المجلس.
  • الفصل الثاني: يصل قيس إلى حافة الجنون، فيأخذه البعض إلى الكعبة ليدعو الله أن يشفيه من هذا الحب الذي لا يجلب له سوى العذاب. إلا أنه يدعو بألا يشفى منه أبدًا، مما يثير غضب والد ليلى الذي يشكوه للخليفة، فيصدر الخليفة أمرًا بإهدار دمه. ولكن عمر بن عبد الرحمن بن عوف يتدخل ويعرض عليه أن يشفع له عند الخليفة، فيطلب قيس أن يشفع له عند ليلى، فهي الأجدر بالتذلل.
  • الفصل الثالث: يحاول ابن عوف إقناع والد ليلى بقبول قيس زوجًا لابنته، فيترك الحكم لليلى التي ترفض هذه الشفاعة حفاظًا على العادات والتقاليد، وتنتهي الأحداث بزواجها من ورد الثقفي.
  • الفصل الرابع: يمضي قيس هائمًا على وجهه باحثًا عن بيت ليلى، فيضل الطريق ويصل إلى قرية يسكنها الجن. بعد حوار مع أحد الشياطين، يرشده الشيطان إلى الطريق ليصل إلى ليلى، فيسمح زوجها ورد لهما بالالتقاء. يبدأ قيس بالشكوى من ألم الحب ويدعوها للهرب معه، إلا أنها ترفض ذلك حفاظًا على العادات والتقاليد، فيهيم على وجهه كالمجنون، وتُصاب هي بمرض عضال.
  • الفصل الخامس: تموت ليلى ويتم دفنها، ويجلس أبوها وزوجها ورد لتلقي العزاء، إلا أن الناس كانوا ينفرون من زوجها باعتباره نذير شؤم على العائلة. يظهر قيس فجأة بعد علمه بالمصيبة، فيرتمي على قبر حبيبته ليلى باكيًا، ويرثيها ويخلدها بأجمل الأشعار المليئة بالعاطفة الصادقة. يسمع صوتًا يناديه من القبر يشبه صوت ليلى، فيجيب الصوت قائلًا: “لبيك بالروح والجسد”، ثم يموت على قبر حبيبته.

المراجع

  • أحمد شوقي، “مجنون ليلى”، مؤسسة الهنداوي. بتصرّف.
  • خالد عزايزة، محمود أبو فنه (أبلول 2004)، “مسرحية مجنون ليلى”، المدرسة العربية. بتصرّف.
  • د.حسين محمد علي حسين (2004)، التحرير الأدبي (الطبعة الخامسة)، السعودية: مكتبة العبيكان، صفحة 345-346. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

نظرة شاملة على كتاب كليلة ودمنة

المقال التالي

نظرة شاملة على أطوار الثورة الروسية

مقالات مشابهة