نظرة في مسرحية أوديب: تحليل ورموز

ملخص قصة المسرحية

تتناول هذه المسرحية التراجيدية الشهيرة، التي أبدعها سوفوكليس، موضوع النبوءة التي وصلت إلى الملك لايوس، والتي تنبأت بأن ابنه سيقتله ويتزوج أمه. إثر ذلك، أمر لايوس بقتل ابنه، إلا أن الملكة قامت بتسليمه إلى راع ليعتني به، مدعيةً موته. نشأ أوديب في بلاط أحد الملوك، وأصبح ملكًا بدوره عندما كبر. في أحد الأيام، التقى أوديب بلايوس دون أن يعلم هويته، فحدث بينهما شجار أدى إلى قتل أوديب للايوس.^[1]

لاحقًا، يتمكن أوديب من حل لغز معقد، فيكافأ بالزواج من أرملة لايوس، والتي هي في الواقع أمه البيولوجية. بعد فترة، يعترف له أحد الكهنة، أثناء استجوابه حول قاتل الملك لايوس، بالتعاون مع الراعي، بأنه هو من قتل لايوس وتزوج أمه. فور علمها بالحقيقة، تنتحر الأم، ويقوم أوديب بفقء عينيه من هول الفاجعة التي حلت به.^[1]

تحمل المسرحية جانبًا من المفارقة المأساوية في أحداثها، وتتضح هذه المفارقة عندما يطالب أوديب شعبه بالكشف عن قاتل لايوس لإنهاء الطاعون الذي حل بالمدينة، لكن لا أحد يستجيب له. فيقوم أوديب بلعن القاتل، وهو في الحقيقة يلعن نفسه لأنه هو من قتل لايوس. ظل أوديب يبحث عن نفسه دون القدرة على رؤية الحقيقة، مما أثار نوعًا من الكوميديا السوداء حوله.^[2]

استعراض أحداث أوديب

تعتبر هذه المسرحية من أبرز الأمثلة على المآسي المسرحية، وذلك لما تحمله من أحداث مؤسفة. يبدو أوديب وكأنه مجرد دمية في يد القدر، الذي حكم عليه منذ ولادته بمصير مروع. حاول أوديب قدر الإمكان الهروب من هذا المصير، عندما وصلت إلى قصره نبوءة تفيد بأنه سيقتل والده ويتزوج أمه.^[3]

قرر أوديب ترك والديه اللذين تبنياه هربًا من هذه النبوءة التي ظلت تطارده حتى تحققت. ومع ذلك، يحاول سوفوكليس كعادة التراجيديا تحميل البطل جزءًا من المسؤولية عن مصيره. فلو لم يكن أوديب متغطرسًا وغاضبًا، لما قتل لايوس ولما ساهم في تحقيق النبوءة. العيب الأخلاقي الذي اتسمت به شخصية أوديب عجل بوقوعه في هذا المصير.^[3]

دلالات الرموز الأدبية

تتضمن مسرحية أوديب العديد من الرموز، ومن أبرزها ما يلي:

معنى العمى والبصر

يشكل موضوع البصر والعمى مفارقة عامة في المسرحية. فالحقيقة التي لم يكن أوديب يراها، رغم أنها كانت واضحة أمامه، كانت هي العمى المجازي. فعدم امتلاك الحقيقة وعدم فهم ما يدور حول الشخص يعتبر نوعًا من العمى.^[2]

بذلك، كان أوديب المبصر أعمى عن الإدراك والمعرفة. وعندما أدرك الحقيقة، تسبب لنفسه بعمى حقيقي. تجسد هذه الرمزية حقيقة هامة وهي أن العقل المبصر هو الذي يرى الواقع، وليس العيون.^[2]

مدلول الندوب

عندما علم الملك بنبوءة قتل ابنه له، أمر بقتله. تم تقييد قدمي أوديب وتركه على الجبل قبل أن تنقذه أمه وتسلمه للراعي، الأمر الذي ترك ندوبًا على قدميه. ترمز هذه الندوب إلى أن قدر أوديب كان قد ترك علامة عليه منذ ولادته، مما يوحي بأن البشر لا يملكون القدرة على مواجهة الآلهة وما تحدده من مصائر لهم، فهو أمر حتمي.^[5]

تمثل هذه الندوب سخرية أخرى من أوديب، الذي كانت هويته واضحة أمامه، لكنها لم تلفت انتباهه بشكل جدي إلا بعد فوات الأوان. لقد انتبهت أمه، التي أصبحت فيما بعد زوجته، إلى ندوب قدميه وأشارت عليه بالسؤال، إلا أن عمى البصيرة كان غالبًا عليهما، أو ربما لاستبعاد هذه الشخصيات حدوث أمر فظيع كالذي حدث، والذعر الذي سببته النبوءة فجعلتهما يتجاهلان هذه الإشارات.^[4]

وجهات النظر حول المسرحية

أثارت مسرحية أوديب شفقة وخوف العديد من الجماهير على مر السنين. هذان الشعوران مهمان جدًا بالنسبة لأرسطو؛ إذ يراهما هدفًا من أهداف التراجيديا، وهو أن تثير المأساة الشفقة والخوف في الجماهير.^[5]

كانت الشفقة بسبب المصير المأساوي والسقوط الفظيع للبطل في قدر حاول تجنبه، أما الخوف فقد كان حول فكرة حتمية الأقدار البشرية، وكيف تساهم الطبيعة الإنسانية في تثبيتها.^[5]

قامت العديد من العلوم الإنسانية ببناء رؤاها على مصير أوديب، كعلم النفس مثلًا؛ إذ اتخذ فرويد من أوديب اسمًا لعقدة موجودة تعبر عن تعلق الذكر بأمه، ومحاولة إبعاد والده عنها حتى لو اضطر إلى إقصائه.^[5]

بهذا، فإن مسرحية أوديب لم تكن مجرد تراجيديا هامة، بل إن الصفات الشخصية التي تمتع فيها أوديب نفسه، وصراعه مع قدره المحتوم، وتعامله مع طبيعته وسقوطه جعلت من هذه المسرحية عبقرية زمانية في الأدب التراجيدي.^[5]

المصادر

1. ^[1]سوفوكليس، الملك أوديب، صفحة 50.
2. ^[2]“Oedipus the King – Sophocles – Oedipus Rex Analysis, Summary, Story”,ancient-literature.
3. ^[3]“The Oedipus Plays”, spark notes.
4. ^[4]“Oedipus the King Symbolism, Imagery, Allegory”, shmoop.
5. ^[5]“Literary Theory and Criticism”, iterariness, Retrieved 11/5/2022. Edited.