جدول المحتويات:
تقديم في كتاب الإنسان ذو البعد الواحد
ألّف الفيلسوف الألماني “هربرت ماركوز” هذا الكتاب القيّم في عام 1962، وهو عبارة عن دراسة تحليلية معمقة لحالة المجتمعات المتقدمة في ظل النظام الرأسمالي. يقدم الكتاب رؤى فكرية حول كيفية تأثير الرأسمالية على الإنسان والمجتمع. فيما يلي عرض لأهم أفكار الكتاب ومحاوره الرئيسية.
تحليل المجتمع ذي البعد الواحد
يرى الكاتب أن الرأسمالية الاستهلاكية تحوّل الإنسان إلى كائن “ذي بعد واحد”، غير قادر على إدراك أبعاد أخرى لوجوده خارج هذا النظام. ونتيجة لذلك، يفقد القدرة على التغيير أو المقاومة. لا تستخدم الرأسمالية العنف والقوة لإخضاع الإنسان، بل تعتمد على الإغراء والراحة كوسيلة للسيطرة.
تلعب وسائل الإعلام دورًا حاسمًا في خدمة هذا النظام، حيث تبث أفكارًا تعزز بقائه وتمنع أي مقاومة. يعتبر ماركوز الإعلام بمثابة الجهاز الأيديولوجي للنظام الرأسمالي، الذي يعمل على تسويقه وترسيخه.
يخضع أفراد المجتمع لإيقاعات متكررة من الامتثال، تشبه التنويم المغناطيسي، تتكرر هذه الإيقاعات خلال الأنشطة اليومية في المصانع والمكاتب، والاستهلاك الجماعي. يتم غرس احتياجات مصطنعة في الأفراد، تصنعها وسائل الإعلام لخدمة النظام، ثم يسعى النظام لتلبية هذه الاحتياجات المصطنعة.
نظرة في الفكر ذي البعد الواحد
يؤكد الكاتب على أن الإنسان يمتلك أبعادًا متعددة لوجوده، ولكن هذه الأبعاد يتم طمسها والقضاء عليها لصالح تعزيز بعد واحد فقط. يتم ذلك من خلال النظام المهيمن والعقلانية التكنولوجية، التي تحوّل حياة الإنسان إلى أداة تدمير.
على الرغم من دعوات الكاتب إلى التحرر من هذا القمع، إلا أنه لا يبدو متفائلًا بشأن إمكانية حدوث تغيير أو مقاومة، بسبب قوة المؤسسة في التعامل مع أي محاولة تغيير وإخمادها، بالإضافة إلى التغييب الذي تمارسه على وعي الأفراد، مما يجعلهم غير قادرين على تحديد المشكلة ومكامنها.
إن السعي المستمر لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية يستنزف وقت الأفراد وطاقاتهم، ولا يترك لهم مجالًا للتفكير في وضعهم المعيش، أو الإبداع، أو تغيير نمط حياتهم. إنهم بالكاد قادرون على التواصل الاجتماعي مع بعضهم البعض.
هذا الوضع يخلق نوعًا من الانغلاق الاجتماعي، فحتى إذا تمكن الفرد من تلبية احتياجاته وشعر بسعادة ظاهرية، فإن المكبوتات الداخلية ستجعله عرضة للقلق والخوف، اللذين يمكن اعتبارهما من الآثار النفسية السلبية للنظام.
إمكانيات التغيير والبدائل
يوجد تنافر بين الحاجات الاجتماعية والفردية، وبين المؤسسات التي لا تمثل أهداف الأفراد ورغباتهم. ولهذا السبب نشأت الأحزاب وفكرة الأمة وكافة أشكال الانقسامات الفكرية، كملجأ للأفراد الذين يرغبون في تمثيل أنفسهم. إن التحرير الذي تقوم به المؤسسات غالبًا ما يكون زائفًا، ففي الوقت الذي يحصل فيه الفرد على وظيفة ويشعر بأنه منتج داخل منظمة عسكرية مثلًا.
يحتاج المرء إلى القيام بأفعال غير أخلاقية لتحقيق النجاح، وبالتالي فإن المؤسسات تقدم للموظف تحريرًا وهميًا. كل ما نعتقده عن مظاهر الراحة الاقتصادية يخفي جانبًا من الاستغلال والخداع، كما أنه مؤقت.
أقوال مأثورة من الكتاب
فيما يلي بعض الاقتباسات الهامة من الكتاب:
- “الحرية السياسية تعني تحرير الأفراد من السياسة التي ليس لديهم سيطرة فعلية عليها.”
- “قد يؤدي تذكر الماضي إلى ظهور رؤى خطيرة ويبدو أن المجتمع القائم يتخوف من المحتويات التخريبية للذاكرة.”
يعتبر هذا الكتاب بمثابة متنفس للكثيرين من الشعور بالاختناق والاغتراب الذي يعانون منه في مجتمعاتهم الحالية. فهو يعبر عن واقع الفرد في ظل الرأسمالية الاستهلاكية ومؤسساتها التي تضطهد الإنسان وتقمع أبعاده الوجودية الأخرى.
المراجع
- site admin (22/10/2010),”Short Summary: One Dimensional man / Marcuse”,cultural studies now.
- site admin (19/3/2018),”Short Summary: One Dimensional man / Marcuse”,cultural studies now.
- “In Theory – Herbert Marcuse: One Dimensional Man?”,ceasefire magazine.
- “One-Dimensional Man”,nybooks.
- site admin (22/10/2010),”In Theory – Herbert Marcuse: One Dimensional Man?”,ceasefire magazine.
- هربرت ماركيوز،الإنسان ذو البعد الواحد، صفحة 219-256. بتصرّف.
- “اقتباسات من كتاب الإنسان ذو البعد الواحد”،مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2022.
- “اقتباسات من كتاب الإنسان ذو البعد الواحد”،مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2022.