نظرة في قصيدة نهج البردة

دراسة وتحليل لأبيات قصيدة نهج البردة لأحمد شوقي، تتناول مواضيع الغزل، وصف المحبوبة، مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعجزاته، والشريعة الإسلامية.

نبذة عن أحمد شوقي

يعتبر أحمد شوقي، أمير الشعراء، قامةً أدبيةً شامخةً في تاريخ الشعر العربي الحديث. لقد كان له دور محوري في إحياء الأدب والثقافة العربية، من خلال قصائده التي تنوعت بين المديح والرثاء والغزل والوصف. تميز شعره بالصدق والعفوية، وكان معبراً عن هموم أمته العربية والإسلامية. امتلك شوقي موهبة فذة في نظم الشعر، وتميزت قصائده بالانسيابية والسهولة.

نظرة عامة على القصيدة

نظم أحمد شوقي قصيدة نهج البردة في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مستلهماً ذلك من قصيدتي البردة لكل من كعب بن زهير والإمام البوصيري. تعتبر هذه القصيدة تعبيراً عن محبة شوقي للرسول الكريم، وتأثره بأخلاقه وقيمه.

تفسير الأبيات (1-2)

بدأ شوقي قصيدته متأثراً بمن سبقه من الشعراء، فاستهلها بالغزل. شبّه جمال المحبوبة بجمال الظبي في الغابة، بل رأى أن جمال الظبي يفوق جمال الطبيعة المحيطة به. وقارن جمال الظبي بالسيف القاطع، رغم حرمة القتل في الأشهر الحرم. وأشار إلى أن الأسد، على قوته، لم يستطع مقاومة جمال عيني الظبي.

تبيين الأبيات (3-4)

عبّر شوقي عن تأثير نظرة الظبي عليه، فشعر كأن سهام الحب قد أصابت قلبه وكبده، وأنه لا يجد طبيباً قادراً على معالجته. أوضح مدى الألم الذي سببه له هذا الحب، ولكنه آثر كتمانه، معتقداً أنه لن يؤثر على حالته النفسية والعقلية.

إضاءة حول الأبيات (5-7)

أوضح شوقي الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحب، كالتسامح وحسن الخلق، وخاصةً التماس الأعذار للآخرين، وهي صفة من صفات العرب الأصيلة. وطلب من الآخرين ألا يلوموه على وقوعه في الحب، مؤكداً أنهم لو عاشوا تجربته لما عاتبوه. وتساءل إن كانوا يظنون أنه يسمعهم، موضحاً أن قلبه مشغول بحب المحبوبة منذ رؤيتها.

معاني الأبيات (8-10)

أثنى شوقي على جمال عين حبيته ووصفها بالنعاس، ودعا الله لها ألا تعرف الحب حتى لا تتعذب كما تعذب هو، وأن تنام عينيها قريرة هانئة. ثم عاد ليؤكد حبه لحبيبته التي لم تبادله المشاعر، فهو قدم لها كل ما عنده من حنان وعطف، وهي قابلته بشح المشاعر. واستخدم شوقي أسلوب الطباق للتعبير عن مشاعره المتناقضة، وتمنى أن يصل إلى حبيبته حتى في أحلامه.

شرح الأبيات (11-13)

شبّه شوقي قوام المرأة بغصن البان المائل، الذي يميل معه قلب الرجل. وتحدث عن أنواع النساء ومكرهن، فمنهن من يلعب بقلب الرجل حتى يوقعه في الحب. وشبّه وجوه بعضهن بالقمر المكتمل، حتى أن الشمس تغار منهن حين تسقط أشعتها على صدورهن المحلاة بالقلائد. وأكد أن حركة جفون النساء قد تسبب الموت للرجال، لما لها من تأثير على نفوس العاشقين.

تفصيل الأبيات (14-19)

صوّر شوقي جمال مشية النساء الممشوقات بما فيها من ثقة ووقار، بأن أقدامهن تطأ قلوب الرجال دون أن يشعرن. وقد يشعلن النار في قلوبهم حين يضحكن بخجل. فلا يستطيع الرجل مقاومة هذا الجمال، بغض النظر عن نوعه وشكله ولونه، فهو جمال متكامل. وأكد شوقي أن هذه النوعية من النساء لا يقدر جمالهن إلا من يعرف طعم الجمال. وبالنهاية، استسلم شوقي لهذا الجمال الذي سيطر على جسده وروحه وقلبه، حتى جعله بساطاً لهذه الحسناء تمشي عليه كيفما شاءت.

تحليل الأبيات (20-22)

أشار شوقي إلى أن الحسناء التي يحبها هي ابنة رجل عظيم، مما زاد خوفه وهلعه. فأمنيته وميته تحددتا في مكان واحد وهو قصر أبيها. وأصبح يتساءل متى وأين سيقابلها، في ضوء النهار أم في ظلمة الليل؟ ويتساءل كيف يخرج من هذا الرجل القوي هذه الزهرة الرقيقة.

تحليل الأبيات (23-24)

عاد شوقي ليتساءل كيف سيتواصل مع محبوبته، وكيف سيتجاوز العوائق؛ فأبوها رجل عظيم ذو جاه وسلطان، والعائق الثاني عفتها وطهارتها التي تمنعها من وصل الحبيب. فتأكد شوقي أنه لن يصل محبوبته إلا في أحلامه، فهي بعيدة كبعد إرم ذات العماد.

تحليل الأبيات (25-30)

حاول شوقي إقناع نفسه بألا يثق بمغريات الدنيا، وشبهها بالأفعى الجميلة التي تحمل السم. وتابع أن السم الذي يخرج من فم الأفعى، كالابتسامة المزيفة التي نراها من مغريات الدنيا، وشبه شوقي الدنيا بالمرأة المطلوبة منذ الأزل، والجميع يسعى للاكتساب منها. وأراد شوقي أن ينبه نفسه بألا يغتر بخيرات هذه الدنيا، فالموت يأتي فجأة.

تحليل الأبيات (31-38)

أكمل شوقي مبيناً أن الدنيا بقدر ما تعطي فرحاً، فلا بد أن تهدي هماً وألماً. وأكد أن الدنيا تخدع الناس وتقودهم لاتباع ملذاتهم، فيرتكبون المعاصي وهم غافلون. ووضح شوقي أن التخلص من هذا الحال يأتي بتقويم الأخلاق وإصلاحها، فالجزاء من جنس العمل، فالنفس الطيبة تحصد الخير، والنفس السيئة تحصد الشر. وأكد أهمية التحكم بالنفس ومراقبتها.

تحليل الأبيات (39-41)

هنا دعا شوقي الله عز وجل، متوسلاً برسوله عليه السلام: إن كنت مذنباً ذنوباً عظيمة لا يغفرها الله عز وجل يوم القيامة، يوم لا ينجي أحد إلا برحمة الله وعصمته، فأني أتوسل بصاحب الشفاعة الأعظم الرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والذي خص بالشفاعة لنا يوم القيامة دون باقي الأنبياء، ووصف الرسول عليه السلام بأنه مفرج للكروب والهموم في الدنيا والآخرة.

وهذا هو بدء تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم.

تحليل الأبيات (42-44)

عادة ما يقوم المؤمنون الأتقياء بتقديم صالح الأعمال على أن تكون شفيعة لهم يوم القيامة، أما شوقي فسوف يسكب دموع التوبة والندم بين يدي رسول الله عليه السلام، على الذنوب والمعاصي التي ارتكبها فهو خير شفيع في الدنيا والآخرة، ويدعو شوقي للتمسك بالقرآن الكريم، والسنّة الشريفة؛ لأن من يتمسك بهما لن يضل أبداً فهي خير نجاة للطريق الصحيح، ومن يطبق تعاليم الدين المستوحاة من نهج القرآن الكريم والسنة الشريفة فإنه سوف يغنم ويفوز يوم القيامة بلقاء الحبيب المصطفى ونيل شفاعته، فهو أمير الشفاعة لأمته، وصاحب الفضل الأعظم علينا.

تحليل الأبيات (45-48)

أراد شوقي مدح الرسول عليه السلام ليكون له ذخيرة وعمل صالح يشفع له يوم القيامة حين يلقى به الله عزّوجل ورسوله الأعظم، كما أحب أن يبني صلة وطيدة بينه وبين الرسول عليه السلام حين مدحه وعظمه في هذه القصيدة، ويشير شوقي إلى القصيدة التي نظمها الشاعر زهير بن أبي سلمة حين مدح فيها هرم بن سنان وبالغ فيها بالمديح، بأنها لا توازي ولا تقاس بالقصيدة التي نظمها شوقي في مدح الرسول عليه السلام، وعاد شوقي يمدح رسول الله آملاً شفاعة رسول الله يوم القيامة، وقد شبه شفاعة رسول الله بحوض الماء الذي يروي الظمأ حين يتهافت جميع الناس على هذا الحوض طالبين سقيا الرحمة والمغفرة في شدة هذا الموقف.

تحليل الأبيات (49-52)

شبه شوقي نور الرسول عليه السلام وهديه بنور الشمس الذي يضيء كل ما حوله، واعتبر الرسول عليه السلام أعلى منزلة ومكانة من النجوم والفلك السارح في مجرته، فالرسول عليه السلام أشرف، وأعظم مكانة، وتقديراً، ورفعة من ذلك النجم الذي تبوأ مكاناً عالياً في السماء، كما شبه شوقي نور النجوم الذي ينبعث منها بالنور والضياء الذي ينبعث من الرسول عليه السلام، وبين شوقي عادة أن الفرع ينمو من الأصل ولكنه على غير العادة هنا الأصل نما من الفرع حين شبه علو الكواكب وضياء النجوم بعلو ومكانةً رسول عليه السلام.

تحليل الأبيات (53-58)

ذكر شوقي كيف تعرف الراهب بحيرا على علامات نبوة الرسول عليه السلام في وقت مبكر من خلال سمات وصفات ظهرت على رسول الله أثناء عمله في التجارة بين مكة والشام، بالرغم أن التعرف على دلالات النبوة في ذلك الوقت كان مستحيلاً، إلا إذا سأل أحد جدار الغار ومهبط الوحي الذي كان يتعبد به رسول الله فهو الشاهد العيان على وحي النبوة، أو إذا سأل أحد جبريل عليه السلام عن أمر النبوة وهذا أمر مستحيل لن يحصل، ثم يطرد شوقي متحدثاً عن السبيل أو الطريق الذي شرفه الرسول عليه السلام باتخاذه حين كان يسلكه رسول الله ذهاباً وإياباً من داره إلى غار حراء صباحاً ومساءً للتعبد طوال الوقت، وكانت هذه الخلوة بينه وبين الله عز وجل، أفضل، وأعز، وأشهى لديه من مخالطة الناس والأهل، فكان يناجي ربه ويطلب الخير للجميع، فكيف لا؟ وهو صاحب الفضل العميم، وذكر شوقي إحدى معجزات الرسول عليه السلام ودلائل نبوته، حين ضرب بكفه الأرض ففاضت منها الماء وسقى الصحابة والحيوانات حتى ارتووا.

تحليل الأبيات (59-61)

استطرد شوقي في معجزات الرسول عليه السلام، ذاكراً حادثة السحابة التي تجمعت فيها الأمطار والخير حين أظلت واستظلت بالرسول عليه السلام حين كان متجهاً بتجارة نحو الشام، وأكمل شوقي في وصف هذه الحادثة قائلاً إن الراهب النصراني بحيرا المتعبد بديرته، والناس الصاحين قد شعروا بخيرات الرسول عليه السلام ولطائفه، وتوقعوا ظهور خاتم الأنبياء.

تحليل الأبيات (62-68)

أشار شوقي هنا إلى بعثة رسول الله ونزول الوحي جبريل عليه السلام بأمر من الله عز وجل طالباً منه أن يقرأ، فكلمة اقرأ أول كلمة بينه وبين الله تعالى مباشرة لم يتصل بها أحد، ويكمل شوقي في وصف الرسول عليه السلام حين خرج إلى مكة يصدح للإسلام والتوحيد فدوت دعوته أسماع أهل مكة، ثم يبين شوقي كيف استقبل أهل مكة خبر هذه الدعوة من رجل كانوا قد لقبوه بالصادق الأمين، وهم الآن بين مصدق ومكذب لهذا الخبر، ثم عاد شوقي لمدح مناقب الرسول عليه السلام، وذكر علو مكانته بين الأنبياء وتفضيله عليهم كخاتم الرسل والأنبياء، وقد منحه الله عز وجل وميزه عن سائر خلقه في حسن الخلق والشكل.

تحليل الأبيات (69-74)

أكمل شوقي المقارنة بين الرسول عليه السلام وباقي الأنبياء، وكيف حباه الله دون باقي الرسل بمعجزات ودلائل بقيت محفوظة حتى يوم الدين، كمعجزة القرآن الكريم الكتاب الذي تعهد الله بحفظه إلى يوم الدين وأحكامه وشرائعه صالحة لكل زمان ومكان، أما باقي الرسل فقد انتهت معجزاتهم بسبب تحريف البشر لها، ويتابع شوقي مدحه للرسول عليه السلام، واصفاً فصاحته باللغة العربية بالرغم أنه كان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة، إلا أن معجزته كانت تباري شعراء قومه آنذاك، وكان كلامه عذباً يقع في آذان المستمعين كالدرر الثمينة فيضيف لها طعماً ولوناً جديداً، ويحيي بها أصحاب القلوب الميتة، ويوقد بها الهمم من جديد.

تحليل الأبيات (75-79)

تحدث شوقي هنا عن مولد رسول الله، وكيف تغيرت الدنيا بمجيئه، فعمت أنواره الشرق والغرب، وهزت كيان الطغاة من الملوك وغيرهم، وأقلقت نفوسهم وأسقطت جبروتهم فيما بعد، ووصف شوقي حال الناس حين جاء مولد الرسول عليه السلام، فكانت الفوضى تسكن قلوبهم وعقولهم وأمكنتهم، يعبدون الأصنام كالأصنام، والظلم والبهتان يعمان كل مكان، فكسرى ملك الشرق يغرق شعبه بالظلم والعدوان، وقيصر الروم ملك الغرب أهلك شعبه ظلماً وطغيان، وكذلك القوي يأكل الضعيف كما يأكل الحوت صغار السمك.

تحليل الأبيات (80-84)

أكمل شوقي معجزات الرسول عليه السلام ، وذكر شوقي حادثة الإسراء والمعراج، كيف سرى رسول الله من مكة إلى بيت المقدس ليلاً، ووصف حال الملائكة مرحبين مستقبلين له، وكل الحاضرين ملتفين به كما يلتف الجنود حول رايتهم، ووصف المصلين وراءه بهذه الليلة بالفائزين في الدنيا والآخرة، ثم ينتقل شوقي لحادثة المعراج، فيصف كيف عرج الرسول عليه السلام بالبراق، وهي الدابة التي سخرها الله عز وجل للرسول عليه السلام للتنقل في رحلته بين السموات والأرض، وكانت دابة مرصعة أحمالها بالأحجار الكريمة والدرر، سخرها الله تكريماً وتشريفاً للرسول عليه السلام، فوصلت به حتى السماء السابعة التي لم يصلها أحداً قبله، وسمح له بالاقتراب من العرش، وكانت معجزة أراد الله بها التشريف والتعظيم لهذا الرسول الكريم.

تحليل الأبيات (85-93)

أكمل شوقي حديثه عن الرسول عليه السلام وبين كيف علم الناس ونشر العلم بينهم، واطلع على أسرار اللوح المحفوظ، وتعلم جميع علوم الدين والدنيا، وتعلم الأوامر والنواهي، ثم ذكر الشاعر حادثة الهجرة النبوية، وكيف خرج الرسول عليه السلام متخفياً مع أبي بكر، ويذكر كيف احتميا بغار ثور، وأوحى الله إلى العنكبوت نسج خيوطه لحمايتهما من مطاردة كفار قريش، وأمر الحمامة أن تضع بيضها عند مدخل الغار، ويتعجب من كفار قريش لعدم ملاحظة النور الساطع من الغار، أو عدم سماع آيات القران والتسابيح، ووضح شوقي كيف ارتد كفار قريش هائمين خائبين، وكأن الملائكة والمسلمين يدعون عليهم باللعنة، بسبب كرههم لرسول الله وكرههم للحق، ثم عاد شوقي وأكد أن من يتولاه الله بحمايته لا يضام.

تحليل الأبيات (94-99)

افتخر أحمد شوقي بأنه يحمل اسم الرسول عليه السلام أحمد، وشعر بأنه صاحب جاه، وشأن، بمجرد أن اسمه يتصف بالحمد، ثم أثنى على الإمام البوصيري صاحب البردة الأولى في مدح الرسول عليه السلام، التي نظمها في حبه الخالص والصادق لرسول الله، وكيف ألهم باقي المادحين من بعده في تنظيم شعرهم لمدح رسول الله، ويشهد شوقي الله أنه لم يكتب قصيدة البردة لمعارضة بردة الإمام البوصيري فهو يعرف تماماً مقام البوصيري والذي شبهه بالسيل الممطر، وإنما ألف شوقي قصيدته طالباً القرب من الله من خلال قصيدته التي نظمها في مدح خير البشر، وأظهر شوقي تواضعه أمام قصيدة البوصيري، وبين أن ما نظمه شوقي لا يضاهي شيئاً أمام بردة البوصيري، وأنه شعر بالبكم حين ألف البردة، وضرب مثل سحبان بن وائل الذي يعد أفصح الناطقين باللغة العربية أنه لا ينافس أيضاً الإمام البوصيري بفصاحته.

تحليل الأبيات (100-107)

استمر شوقي في مدح رسول الله، مستوحياً ثناءه من جمال الطبيعة، فشبه جمال الرسول عليه السلام بحسن جمال البدر، وشبه عطاء وكرم الرسول عليه السلام في البحر، وعلو أخلاق الرسول عليه السلام بقمم الجبال، كما شبه حضور الرسول عليه السلام بلمعان النجم، وشبه قوة رسول الله على الأعداء بقوة الأسد، وأكمل في وصف شجاعته قائلاً أن الرسول عليه السلام استمال قلوب الأبطال في الحرب، فلم يخافوا على أنفسهم وهم يدافعون عن رسول الله، فالله عز وجل قد ألقى محبته في قلوبهم، ثم تابع في مدح الرسول عليه السلام أثناء الحرب، واصفاً وجهه بالبدر الذي يضيء لأصحابه في المعركة كما يضيء البدر في الظلام الحالك، وكيف كان الرسول عليه السلام في غزوة بدر مضيئاً لأصحابه النصر، مبدداً ظلام الكفر والشرك، ثم ذكر يتم الرسول عليه السلام موضحاً أنه كان تشريفاً له فالبرغم من يتمه استطاع الرسول عليه السلام أن يكون عظيماً نبيلاً منفرداً بأخلاقه كاللؤلؤ الفريد.

تحليل الأبيات (108-109)

بين شوقي أن الأرزاق مقسومة بين العباد حسب مشيئة الله، إلا أن الرسول عليه السلام قد خير في رزقه واختار أقله، وهو الوحيد المنفرد بتخيير رزقه.

تحليل الأبيات (110-111)

عاد شوقي موضحاً مكانة الرسول عليه السلام بين الرسل، فذكر معجزة سيدنا عيسى عليه السلام بإحياء الموتى بأمر الله، ووضح أن الرسول عليه السلام لا يقل شأناً في ذلك، فهو أحيا وأنقذ أمماً من الجهل والضلال، فمعجزة إحياء الموتى ومعجزة إحياء عقول البشر تستويان، وميز معجزة الرسول عليه السلام بأنها كافة لجميع البشر، بينما معجزة عيسى عليه السلام لأفراد.

تحليل الأبيات (112-122)

رد شوقي على كفار قريش قائلاً أن الرسول عليه السلام لم يأت للقتل وسفك الدماء وإقامة الدولة بالسيف كما زعمتم، بل جاء داعياً باللين والرأفة وعندما قوبل بالرفض بعد نشر دعوته وعرضها في رسائل مشهورة للحكام، أقام الحرب ضد هؤلاء الطغاة، ووضح أن هؤلاء الناس فطرتهم تكره الخير، ولا تنفع معهم الموعظة الحسنة فعقولهم ضيقة لا تتقبل آفاق الدعوة الإسلامية، فكان لا بد من إعلان الحرب عليهم، ثم ذكر السيدة مريم العذراء وكم واجهت من الظلم هي والمؤمنين حولها حتى استطاعت نشر دينها بسماحة، ولولا أن الله سخر لها رجالاً لنصرتها لما استطاعت أن تبلغ رسالتها، ولولا أن سيدنا عيسى عليه السلام له مكانة رفيعة عند ربه، لما حماه من أيدي اليهود ورفعه إليه دون أن يصلبوه أو يمسوه بسوء وأبدل مكانه الواشي وصلب عنه، وهكذا بدا أن العقاب كان بقدر الذنب الذي قام به هذا الواشي واسمه (يهوذا الأسخر بوطي) في حق سيدنا عيسى عليه السلام، وأكمل شوقي واصفاً إياه، بأنه هو والرسول عليه السلام أخوة في النبوة وخصه الله بأنه نفخ بروح منه.

تحليل الأبيات (123-125)

عاد شوقي مادحاً للرسول عليه السلام، موضحاً كيف علم الرسول عليه السلام المسلمين كل شيء يلزمهم في تفاصيل حياتهم، حتى أصول وفنون الحرب، وقوانينها، وأخلاقها أملاها عليهم، وحثهم على الجهاد، وعرفهم بأهميته، وبين أنه في بعض الأزمنة والعصور لم ولن تقوم الأمم إلا بالجهاد.

تحليل الأبيات (126-131)

انتقل شوقي من عصر النبوة إلى العصر الحديث، وقارن حال المسلمين وانقسامهم بين اليوم والأمس، وكيف أضحوا فريسة للصليبيين، بالرغم أن الرسول عليه السلام لم يسكت عن ظلم أحل به، فاسترد حقه ونصره الله، ووصف شوقي الصحابة كيف كانوا يقاتلون وهم مكبرون مسبحون رغبة في نيل الشهادة التي توصلهم إلى الجنة، ووصف شوقي سيوف تلك المقاتلين بأنها فقدت ملامحها من شدة البأس في القتال، ودعا شوقي المسلمين بطريقة غير مباشرة للتوحد أمام صفوف الصليبيين وأعداء الدين.

تحليل الأبيات (132-133)

أشار شوقي إلى الشهداء الذين وهبوا حياتهم في سبيل إعلاء راية التوحيد والدفاع عن الدين، وحفظاً لعهد رسول الله عليه السلام، وأكد أن المسلمين مختلفون في تقواهم، وقدرتهم على الالتزام بالشريعة، وبهذا يختلف جزاء كل مسلم وقدره عن الآخر يوم القيامة، فالجزاء من جنس العمل، وأساس أي عمل صالح هي التقوى.

تحليل الأبيات (134-140)

وجه شوقي خطابه للرسول عليه السلام قائلاً إن الله وهبك الشريعة الإسلامية السمحاء، حتى تفجر همم وطاقات جميع المسلمين، وذلك عبر محاولتهم لفهم أدق تفاصيل الدين والتعرف على القوانين الإلهية ومحاولة تبسيطها وتفهيمها للناس والتي تدور كلها حول محور عقيدة التوحيد، وشبه شوقي التوحيد لله بمقبض السيف المرصع بالجواهر وذلك للدلالة على قوة محور التوحيد وأهميته، وأيضاً ليرمز للوحدانية بالجمال المنقوش على أحد رموز القوة وهو السيف، وبين شوقى كم كان مدى احتياج الناس للتوحيد، فقد كانوا يبحثون عنه في كل مكان، حتى وصل إليهم عند مجيء الرسول عليه السلام، وشبه عقيدة التوحيد بنبع الماء الذي روى جميع الظمأى حوله، وشبه مصادر الشريعة الإسلامية القرآن الكريم، والسنة النبوية بالنور الذي أضاء طريق السالكين به، فكانت عوناً لهم على ترويض رغباتهم وغرائزهم، وتقويم نفوسهم إلى الطريق الحق، من خلال القصص، والعبر، والعظات التي وردت لأقوام سابقة في هذه المصادر، ولكن الله يختار من يشاء لهدايته، وذكر أن هذه الشريعة قد أنزلت من خلال منهج رباني دقيق لا يعتريه الخطأ، ومن يتمسك بهذا المنهج الرباني لا بد أن يتصف بالقوة التي تؤهله لقيادة العالم، ويستطيع نشر رسالة الإسلام التي تدعو للتقوى والخير، ودليل ذلك انتشار وامتداد نفوذ دولة الإسلام منذ عهد الرسول عليه السلام، والخلفاء الراشدين والتابعين، وسيطرتهم على معظم الحضارات القديمة، وتطهيرها من عرق الشرك، ورفع الظلم عن الناس وجعلهم سواسية أمام الله، وذكر كيف كانت القبائل متناحرة ثم جاء الإسلام ووحدها فأصبحت أمة واحدة تضحي بأرواحها في سبيل نشر هذا الدين، وليس لها أي مطامع أخرى.

تحليل الأبيات (141-145)

بين شوقي فتوحات الدولة الإسلامية الممتدة في أوروبا وإفريقيا وآسيا، وكيف استطاع المسلمون السيطرة على هذه الدول بشريعتهم وأفكارهم قبل سلاحهم، وكيف أثروا على عقول ساكينها فأصبحوا قادة وعلماء ينشرون الدين والعلم والتحضر مثل ابن خلدون، وابن سينا، والبخاري، والخوارزمي وغيرهم من الأئمة والعلماء والقضاة المسلمين، الذين

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

دراسة في قصيدة موطني: تحليل وشرح ومعاني

المقال التالي

دراسة في قصيدة هاج لي الشوق للسان الدين بن الخطيب

مقالات مشابهة