نظرة في قصيدة (على قدر أهل العزم)

دراسة تحليلية معمقة لقصيدة (على قدر أهل العزم) للمتنبي. تتناول الدراسة الجوانب اللغوية، والصرفية، والأسلوبية، والإيقاعية في القصيدة.

مقدمة

تعتبر قصيدة “على قدر أهل العزم” للمتنبي من عيون الشعر العربي، حيث تجسد قوة المعنى وروعة البيان. تتناول القصيدة مواضيع العزيمة والإقدام، وتمتدح شجاعة سيف الدولة الحمداني وقدرته على تحقيق الانتصارات. هذه المقالة تسعى إلى تقديم دراسة تحليلية شاملة لهذه القصيدة، مع التركيز على الجوانب اللغوية والبلاغية والإيقاعية.

دراسة في النحو

يلاحظ في القصيدة تنوع الأفعال المستخدمة، بين الماضي والمضارع. يغلب الفعل المضارع في بداية القصيدة، وذلك لتركيز المتنبي على الحاضر وقدرات سيف الدولة الراهنة. من بين الأفعال التي تكررت: “تأتي، تصغر، تعظم، يكلف، يطلب، يفدي، تدعيه”. ثم ينتقل الشاعر في منتصف القصيدة إلى استخدام الأفعال الماضية للتعبير عن أمجاد سيف الدولة السابقة، مثل: “ضرّها، خلقت، سقتها، دنا”.

بدأ المتنبي قصيدته بجملة اسمية: “على قدر أهل العزم” وذلك لتأكيد المعنى وترسيخه في ذهن المتلقي. ويعتبر البيت التالي بيتًا محوريًا في القصيدة، حيث بنيت عليه الأفكار الرئيسية:

يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ

هذا البيت يوضح قدرة سيف الدولة الفائقة، حيث يكلف جيشه بما تعجز عنه الجيوش الأخرى.

التحليل الصرفي

تتضمن القصيدة مجموعة من الأفعال المضارعة على وزن “تَفعل” مثل: “تأتي، تصغر، تطلب”. هذا الوزن يدل على حدوث الفعل في الوقت الحاضر وتأثيره على الشاعر. كما تتضمن القصيدة أفعالًا ماضية على وزن “فَعَل”، وهي امتداد لزمن يسبق زمن المتكلم، مما يوضح رغبة الشاعر في الربط بين الماضي والحاضر.

يوجد في القصيدة كلمات تحمل وزن اسم الفاعل، مثل: “صارم، نائم، عالم، قادم”. هذه الكلمات تدل على الحدث الذي قام به صاحب الفعل، ويقصد المتنبي هنا سيف الدولة.

تحليل الأساليب البلاغية

استخدم المتنبي مجموعة متنوعة من الأساليب البلاغية في هذه القصيدة، منها الأساليب الإنشائية والخبرية. مثال على الجمل الخبرية:

سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ

هذه الجملة قابلة للتصديق والتكذيب. أما مثال على الأساليب الإنشائية:

وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها

هذا الاستفهام خرج من معناه الحقيقي إلى معنى استنكاري، حيث يستنكر الشاعر محاولة الروم والروس هدم مجد سيف الدولة.

دراسة الإيقاع

كتب المتنبي قصيدته على البحر الطويل، وهو من البحور الشعرية الشائعة. يتكون البحر الطويل من تفعيلتين مكررتين هما: “فعولن مفاعيلن”. تسيطر على القصيدة الأحرف الانفجارية أو الشديدة، مثل حرفي الصاد والعين في البيت التالي:

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

تكرار هذه الأحرف يعطي القصيدة قوة وشدة. كما أن تكرار كلمة “تأتي” يدل على قوة الموقف الذي يتمتع به سيف الدولة، وكأن الشاعر يخبر الآخرين أن كل شيء يأتي إليه.

المصادر

↑”على قدر أهل العزم تأتي العزائم”، الديوان

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نظرة تحليلية على قصيدة (إنما الأمم الأخلاق) لأحمد شوقي

المقال التالي

قراءة في مرثية (نكبة بيروت) لأحمد شوقي

مقالات مشابهة